"رويترز": السعودية وليبيا مولتا شراء شحنات غاز طبيعي مسال لمصر

02 سبتمبر 2024
حقل غاز مصري في البحر الأحمر، 23 ‏فبراير2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تمويل الغاز لمصر**: السعودية وليبيا مولتا شحنات غاز طبيعي مسال لمصر بقيمة 200 مليون دولار لتخفيف أزمة الطاقة. السعودية مولت ثلاث شحنات بقيمة 150 مليون دولار، وليبيا شحنة واحدة بقيمة 50 مليون دولار، مما ساعد في وقف خطة تخفيف الأحمال الكهربائية.

- **أزمة الطاقة والاقتصاد**: مصر تعاني من أزمة طاقة حادة بسبب انخفاض إنتاج الغاز المحلي، مما أدى إلى زيادة واردات الغاز بنسبة 18%. لجأت مصر إلى نظام تخفيف الأحمال الكهربائية، وزادت دعم الغذاء، لكن خفض قيمة الجنيه بنسبة 60% رفع تكلفة المعيشة.

- **تحديات إنتاج الغاز**: انخفض إنتاج الغاز المحلي في مصر إلى أدنى مستوى في ست سنوات، مما أثر على خططها لتصبح مركزاً إقليمياً لتصدير الغاز. الاستثمارات تباطأت بسبب تراكم ديون واردات الغاز، مما يشكل عقبة أمام الاستقرار الاقتصادي ومشاريع البنية التحتية.

قال مصدران مطلعان في قطاع الغاز لوكالة رويترز إن السعودية وليبيا مولتا شراء شحنات غاز طبيعي مسال لمصر بقيمة 200 مليون دولار على الأقل، لمساعدتها في تخفيف أزمة الطاقة التي تواجهها هذا الصيف وسط انخفاض حاد في إنتاج الغاز المحلي.

وذكر أحد المصدرين المطلعين على ترتيبات الحكومة أن مصر بحاجة لما يقدر بنحو ملياري دولار من الغاز الطبيعي لتغطية الطلب في الصيف حتى أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لكن أزمة العملة الصعبة تعني أنها تفتقر إلى التمويل للتغطية الكاملة لواردات الغاز. وقال أحدهما: "من دون دعم أصدقائنا في الخليج، لم نكن لنتمكن من سداد قيمة تلك الشحنات"، وأضاف أن المسؤولين يتطلعون إلى الحصول على تمويل إضافي من دول حليفة.

وأفاد المصدران بأن السعودية مولت ثلاثا من أصل 32 شحنة غاز طبيعي مسال اشترتها القاهرة حتى الآن هذا العام وتبلغ قيمتها، وفقا لإحصاءات رويترز، نحو 150 مليون دولار بالأسعار الحالية. وأضافا أن ليبيا اشترت شحنة واحدة في يوليو/تموز بقيمة 50 مليون دولار تقريبا بتمويل من المؤسسة الوطنية الليبية للنفط. وساهمت تلك الإمدادات في وقف خطة تخفيف الأحمال بالفعل بانتهاء الأسبوع الثالث من يوليو/ تموز الجاري، وتعهدت الحكومة بمحاولة حل الأزمة تماماً بانتهاء عام 2024.

ولم يُكشف من قبل عن فاتورة الغاز المصرية والتمويل من السعودية وليبيا. وقال متحدث باسم وزارة البترول المصرية إن تفاصيل مناقصات شراء الغاز سرية، بينما لم يرد البنك المركزي السعودي والحكومة السعودية والمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا على طلبات رويترز للتعليق. وعلى نحو متصل، ارتفعت واردات مصر من الغاز الطبيعي من دولة الاحتلال بنسبة 18% ‏خلال شهر أغسطس/آب، لتصل إلى نحو مليار قدم مكعبة يوميًا، مقارنة بـ850 مليون قدم مكعبة يوميًا في يوليو/تموز، وفقًا لما ‏نقلته وسائل إعلام عربية عن مسؤولين حكوميين مصريين.

ولجأت مصر إلى نظام تخفيف أحمال استهلاك الكهرباء العام الماضي للحفاظ على استمرار الشبكة وسط نقص إمدادات الغاز وزيادة الطلب. وتُفاقم أزمة الطاقة الضغط على المالية العامة في وقت تتحمل فيه الحكومة فاتورة دعم كبيرة. وتقول رويترز إن حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي عززت دعم الغذاء هذا الصيف لكن الزيادات لم تجنب البلاد آثار خفض قيمة الجنيه بنسبة 60% منذ مارس/آذار 2024، ليعاني العدد المتنامي من السكان من ارتفاع تكلفة المعيشة.

وقبل أسبوعين تقريباً، ‏قال الرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن بلاده تخطط لإعادة إنتاج النفط والغاز إلى مستوياته الطبيعية اعتباراً من 2025 بالتعاون مع شركاء أجانب. وتحطمت آمال مصر في أن تصبح مركزاً إقليمياً لتصدير غاز طبيعي مسال بعد سلسلة من الاكتشافات أهمها حقل ظهر البحري، على وقع تفاقم الأزمة الاقتصادية من جراء ندرة العملات الأجنبية، وتراكم المتأخرات المستحقة للشركات الأجنبية.

و تراجع الدين الخارجي لمصر إلى 154 مليار دولار في مايو/أيار مبتعدا عن أعلى مستوى تم تسجيله على الإطلاق عند 168 مليار دولار، وكان ذلك في نهاية 2023. وقالت منى سكرية، المستشارة في المخاطر السياسية والمؤسسة المشاركة في "ميدل إيست ستراتجيك برسبكتفز" إن العبء المالي، الممثل في تكلفة شراء الغاز، "يأتي في وقت حرج لمصر وسط تحديات تواجهها في ضبط مخصصات الدعم، التي قد يكون لها تأثير على الأمن الاجتماعي والاستقرار". 

تراجع بعد الوصول للذروة

وقالت شركة إنرجي أسبكتس الاستشارية إن إنتاج الغاز المحلي في مصر انخفض في مايو/ أيار إلى أدنى مستوى له في ست سنوات بنحو 25% عن ذروته في 2021، ومن المتوقع أن ينخفض ​​بنسبة 22.5% إضافية حتى عام 2028. وكانت مصر قد خططت لتصبح مصدراً رئيسياً للغاز بعد اكتشاف شركة الطاقة الإيطالية إيني حقل ظهر البحري العملاق في عام 2015.

وبدأ حقل ظهر الإنتاج في 2017، وقالت وزارة البترول والثروة المعدنية في مصر في ذلك الوقت إن الحقل سيُبقي مستوى الإنتاج عند 2.7 مليار قدم مكعبة يومياً حتى 2039. وارتفع إنتاج حقل ظهر إلى ذروة بلغت 3.2 مليارات قدم مكعبة يومياً في 2019 لكنه انخفض إلى 1.9 مليار قدم مكعبة يوميا فقط في النصف الأول من العام الجاري.

وقالت أربعة مصادر إن التسرع في تنمية حقل ظهر أدى إلى دخول الكثير من المياه في الحقل، ما صعّب عملية استخراج الغاز. وقالت "إيني" إن إنتاج حقل ظهر يتسق مع توقعاتها ومع ما جرى التوافق عليه مع السلطات والشركاء. وأضافت الشركة أنه كان ينبغي تحديث خطط إنتاج الحقل عقب التطوير البطيء خلال جائحة كوفيد-19.

وقالت المصادر الأربعة إن الاستثمارات في قطاع الغاز تباطأت أيضا لتراكم ديون واردات غاز ووقود على مصر بنحو ستة مليارات دولار. وبلغت المستحقات المتأخرة لشركة إيني وحدها، ومعظمها مرتبطة بالغاز، نحو 1.27 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران، ارتفاعا من 1.16 مليار في نهاية العام الماضي.

وقال متحدث باسم "إيني" إن الوضع بدأ يتحسن منذ يوليو/تموز مع بداية سداد بعض المستحقات. وأضاف أن "إيني" قلصت استثماراتها في مصر في الأشهر الأولى من عام 2024 بعد مراجعة تتعلق بتقييم الكفاءة وأداء الحقول. وقال مصدر مقرب من شركة بتروناس الماليزية إن الشركة أوقفت الاستثمار في مشروع تنمية حقول غرب دلتا النيل في انتظار سداد ديون بمئات الملايين من الدولارات. ولم ترد بتروناس على طلب "رويترز" للتعليق. 

تزايد احتياجات الطاقة

تمثل الأزمة المالية ونقص الطاقة الكهربائية تحدياً كبيراً لمساعي الرئيس السيسي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتمويل طفرة في البنية التحتية. وإلى جانب التضخم وانخفاض قيمة العملة، أصبحت انقطاعات الكهرباء أعراضاً لأسوأ أزمة اقتصادية منذ تولى السيسي السلطة في عام 2014.

وقال ليراتو مونيسا، المحلل البارز في "بي إم آي"، وهي شركة تابعة لمجموعة فيتش، إن استهلاك الكهرباء في مصر سيرتفع 39% خلال العقد المقبل مدفوعا بارتفاع عدد السكان والتنمية الحضرية والتصنيع ونمو الطلب على أجهزة تبريد الهواء. وقال مهرون إيتباري، مدير قطاع الغاز الطبيعي المسال العالمي في‭‭‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬‬‬"ستاندرد أند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس"، إنّ "مصر تواجه تحديات كبيرة تفاقمت بسبب ارتفاع الطلب على الكهرباء وتراجع إنتاج الغاز... انقطاعات الكهرباء اليومية كانت تعطل الأعمال التجارية وتهدد بتأجيج سخط شعبي".

وكان انقطاع الكهرباء قبل عشر سنوات قد أثار غضباً عاماً ساهم في اندلاع احتجاجات واسعة أفضت إلى سقوط الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين الذي كان أول رئيس لمصر يصل إلى السلطة في انتخابات ديمقراطية. 

(رويترز، العربي الجديد)