خفّضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني تصنيف الديون السيادية الروسية من "بي" إلى "سي"، في قرار يعني أنّ تخلّف موسكو عن تسديد ديونها أصبح "وشيكاً".
فيما أعلن المصرف المركزي الروسي الأربعاء أنّه علّق حتى التاسع من أيلول/سبتمبر بيع العملات الأجنبية في البلاد التي ترزح تحت وطأة عقوبات غربية غير مسبوقة على خلفية غزو أوكرانيا.
وفي حين تستند روسيا إلى احتياطي العملات الأجنبية الذي يصل إلى 300 مليار دولار، تسود مساع في مجلس الشيوخ الأميركي لاقتراح مشروع قانون يمنع روسيا من استخدام مخزونها من الذهب البالغ 132 مليار دولار.
وعلى غرار وكالتي التصنيف الرئيسيتين الأخريين (ستاندرد آند بورز وموديز)، خفّضت فيتش في مطلع آذار/مارس الجاري علامة الديون السيادية الروسية الطويلة الأجل إلى خانة الديون "غير المرغوب بها" أو فئة البلدان المعرضة لخطر التخلّف عن تسديد ديونها.
لكنّ الوكالة قرّرت تخفيض هذه العلامة أكثر في ضوء "التطوّرات التي قوّضت أكثر رغبة روسيا في خدمة دينها العام". وكلّما انخفض تصنيف الديون السيادية لدولة ما كلّما تراجعت ثقة المقرضين بالبلد وتضاءلت قدرته على الاقتراض بأسعار فائدة معقولة.
ولتبرير قرارها، استشهدت فيتش بمرسوم وقّعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 5 آذار/مارس ويسمح بموجبه بتسديد مستحقّات الديون لمقرضين من دول محدّدة بالروبل بدلاً من تسديدها بعملات أجنبية.
كما لفتت الوكالة إلى قرار أصدره البنك المركزي الروسي وفرض بموجبه قيوداً على تحويل بعض السندات إلى غير المقيمين. وقالت فيتش: "بصورة أعمّ، فإن تشديد العقوبات والمقترحات التي من شأنها أن تحدّ من تجارة الطاقة تزيد من احتمالية" أن تلجأ روسيا إلى خيار "يتضمّن على الأقلّ عدم تسديد انتقائيا لالتزاماتها السيادية".
كما أشارت فيتش إلى إمكانية أن تحول حواجز تقنية، مثل القيود المفروضة على تحويل الأموال، دون أن تسدّد روسيا مستحقات ديونها. وإذا صحّت توقّعات فيتش فستكون هذه المرة الأولى منذ 1998 التي تتخلّف فيها روسيا عن تسديد مستحقات سيادية.
وأعلن المصرف المركزي الروسي الأربعاء أنّه علّق حتى التاسع من أيلول/سبتمبر بيع العملات الأجنبية. وقال المصرف في بيان إنّه بين التاسع من آذار/مارس والتاسع من أيلول/سبتمبر "لن يكون بمقدور المصارف أن تبيع عملات أجنبية للمواطنين"، موضحاً أنّ الروس سيبقى بإمكانهم خلال هذه الفترة أن يصرّفوا العملات الأجنبية لقاء الروبل "من دون أي سقف للمبالغ".
وسيكون الحدّ الأقصى للسحوبات النقدية من الحسابات المفتوحة بالعملات الأجنبية في المصارف الروسية عشرة آلاف دولار أميركي، وذلك حتى التاسع من أيلول/سبتمبر، على ألا يسمح بسحب المبالغ المتبقية إلا بالروبل وفق سعر الصرف المعمول به.
وبغض النظر عن العملة الأجنبية المفتوح بها الحساب، لن يسمح بالسحوبات منها إلا بالدولار على أن تحصر هذه العمليات بالصندوق، وفق البيان الذي أشار إلى أنّ أيّ عملية من هذا النوع سيستغرق تنفيذها "أياماً عدّة".
وسجّل الروبل الإثنين أدنى مستوى له مقابل العملات الغربية في وقت ترزح فيه روسيا تحت وطأة عقوبات غربية غير مسبوقة طاولت مصرفها المركزي ومصارفها الكبرى.
والثلاثاء تلقى الاقتصاد الروسي ضربة جديدة بعدما أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن قرارا بحظر واردات النفط والغاز من روسيا.
ورأى الكرملين الأربعاء أن الولايات المتحدة تشن "حربا اقتصادية" على روسيا بعد إعلان واشنطن حظرا على الواردات الأميركية من الغاز والنفط الروسيين. وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن "الولايات المتحدة أعلنت حربا اقتصادية على روسيا وهم يشنون هذه الحرب".
وفي الإطار نفسه، أعلنت بريطانيا أنها ستوقف بحلول نهاية العام الحالي مشترياتها من النفط الخام والمنتجات النفطية الروسية.
وعبر زيلينسكي مساء الثلاثاء عن شكره الحار لنظيره الأميركي على "هذه الإشارة إلى القوة القصوى الموجهة إلى العالم بأسره".
ودعا الرئيس الأوكراني الاتحاد الأوروبي إلى أن يتبع الخطوات نفسها عبر إقرار "إجراءات صارمة وعقوبات ضد روسيا بسبب حربها"، لكن من دون أن يدعو بشكل مباشر إلى فرض حظر أوروبي على النفط أو الغاز.
ويرفض الأوروبيون الذين يعتمدون على الخام الروسي لتلبية ثلاثين في المائة من حاجاتهم الذهاب إلى هذا الحد، فيما تسببت الحرب في ارتفاع أسعار المحروقات.
وقال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الأربعاء إن أزمة الطاقة الحالية المرافقة مع ارتفاع كبير في الأسعار "شبيهة بحدتها بالصدمة النفطية في العام 1973".
وقررت دول الاتحاد الاوروبي السبع والعشرون الأربعاء فرض عقوبات جديدة على موسكو ومينسك عقب غزو أوكرانيا، من بينها فصل ثلاثة مصارف بيلاروسية من نظام "سويفت" للتحويلات المالية، وإضافة 14 أوليغارشيا و146 من أعضاء مجلس الاتحاد إلى قائمتها السوداء.
وكتبت المفوضية الأوروبية على تويتر أن الكتلة قررت أيضا حظر تصدير قطع وتكنولوجيا مخصصة للقطاع البحري إلى روسيا، وإدراج العملات المشفرة في نطاق العقوبات المالية.
وتتعرض شركات عدة لضغوط الرأي العام منذ أيام. وستغلق سلسلتا المطاعم الأميركيتان ماكدونالدز وستاربكس فروعها في روسيا، بعد قرار مماثل للمجموعة العملاقة لمستحضرات التجميل العالمي لوريال. كذلك أعلنت شركة كوكاكولا تعليق عملياتها في البلاد.
ومن الآثار الأخرى للعقوبات، حسب صحيفة كومرسانت الروسية، تخشى موسكو نفاد الأدوية قريبا. وكتبت الصحيفة أن الصيدليات الروسية بدأت بالفعل تفتقد إلى الأنسولين وأدوية داء السكري الأخرى المصنوعة في الخارج.