روسيا تستعرض عضلاتها الاقتصادية

29 أكتوبر 2015
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (Getty)
+ الخط -
تحاول روسيا هذه الأيام استعراض قوتها الاقتصادية بعد استعراض قوتها العسكرية في سورية وقبلها في جزيرة القرم، ويحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحكومته إرسال رسائل متواصلة للغرب مفادها بأن عقوباتكم الاقتصادية فشلت فشلاً ذريعاً، بل وردت عليكم، حيث أنتم من بتّتُم تعانون من العقوبات وليس روسيا، وأن الاقتصاد الروسي خرج بأقل الخسائر سواء من العقوبات الغربية المفروضة على بلاده أو أزمة تهاوي أسعار النفط.

استعراض روسيا لقوتها الاقتصادية زاد بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة ويمكن لعين المحلل أن ترصده في المؤشرات التالية:

- الإعلان المكثف عن زيادة أرصدة احتياطي روسيا من النقد الأجنبي، عكس ما تروج له وسائل إعلام غربية، وهو مؤشر يعكس قوة روسيا المالية والنقدية وقدرتها على ضبط سوق الصرف المحلي وتلبية احتياجات المستثمرين الأجانب والوفاء بالالتزامات الخارجية، وتدعم روسيا إعلانها بالأرقام التي تسندها للبنك المركزي ومؤسسات مالية دولية والذي يؤكد ارتفاع الاحتياطي الأجنبي نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي بقيمة 4.924 مليارات دولار، ليصل إلى 371.267 مليار دولار، مع الإشارة أيضاً إلى زيادة احتياطيات الذهب للشهر السابع على التوالي لتصل إلى 1352 طناً.

وهذ الإعلان عن زيادة الاحتياطي الأجنبي يعطي رسالة قوية بأن خطة الغرب في تركيع روسيا اقتصادياً قد فشلت، وأن خطة الولايات المتحدة وأوروبا نحو دفع الاستثمارات الأجنبية العاملة بالأراضي الروسية نحو الهروب لم تحقق أهدافها، وأن إيرادات البلاد من النقد الأجنبي عادت لمعدلاتها الطبيعية وتجاوزت العقوبات الغربية وأزمة النفط.

- تأكيد روسيا المستمر على أن الموازنة العامة للدولة قوية وقادرة على تحمّل كلفة العملية العسكرية الروسية في سورية، وأن العملية العسكرية لن تثقل كاهل الاقتصاد الروسي كما قالت مصادر غربية، وأن الموازنة قادرة على تحمل العملية كاملة رغم بعض الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الروسي في الفترة الحالية، وذلك بسبب زيادة الحكومة الروسية نفقاتها الدفاعية في السنوات الـ 17 الماضية، مع إشارة مصادر روسية إلى أن عملية التحالف الدولي ضد تنظيم داعش تتحمّل كلفتها دول أعضاء بالتحالف ومنها دول الخليج، وأن الولايات المتحدة تستفيد مادياً من عمليات التحالف.

- رغم تهاوي أسعار النفط وفقدانها 60% من قيمتها منذ شهر يونيو 2014، إلا أن روسيا مستمرة في تنفيذ مشاريعها الكبرى، ومنها مشروع بناء خط أنابيب لنقل الغاز من شمال روسيا إلى وسطها ومنه إلى أوروبا، ومشروعات كبرى مع تركيا والصين وإيران والجمهوريات السوفييتية، مع تركيز وسائل إعلام روسية أمس على أن بوتين أمر ببدء أعمال بناء خط أنابيب الغاز "أوختا- تورجوك 2" الذي سيتم ضخ الغاز من خلاله إلى خط أنابيب الغاز "السيل الشمالي -2" لتصديره فيما بعد إلى أوروبا.

- استعراض القوة المالية عبر إعلان روسيا أنها تدرس منح قروض ومساعدات لبعض الدول ومنها مثلاً منح إيران قرضاً بقيمة 5 مليارات دولار لتمويل مشاريع البنية التحتية وغيرها.

- دعوة بوتين إلى زيادة استخدام الروبل الروسي في العمليات التجارية للبلاد بما في ذلك صفقات النفط، بهدف تعزيز مكانة العملة الوطنية، وهو ما يعطي إشارة إلى تجاوز الروبل محنته التي بدأت مع العقوبات الغربية وأزمة النفط.

- الإعلان بشكل مستمر عن أن صادرات روسيا متنوعة وليست قاصرة على الغاز والنفط، وأن الصادرات الروسية من السلاح في تزايد، وعلى سبيل المثال فإن صادرات شركة "روس أوبورون أكسبورت" التي تدير 85% من صادرات روسيا من الأسلحة والمعدات العسكرية من الأسلحة الروسية تضاعفت 4 مرات منذ عام 2000 وتجاوزت قيمتها 115 مليار دولار في 15 عاماً.

بل إن الاستعراض الروسي وصل لمرحلة بحث إمكانية توسيع قائمة العقوبات الاقتصادية التي تفرضها ضد الغرب لتشمل اللحوم ومواد غذائية أخرى.

روسيا تستعرض عضلاتها الاقتصادية أمام الغرب، وهو ما ظهر اليوم الخميس وبشكل لافت للنظر في تدفق مسؤولين أوروبيين نحو العاصمة موسكو لبحث الاتفاق على تنفيذ بعض المشروعات المشتركة خاصة في مجال الطاقة.

لكن من يفوز في النهاية؟

العقوبات الغربية أم الاستعراض الروسي؟

المساهمون