ذكرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، أن شركات النفط الروسية تسعى في ظروف العقوبات الغربية إلى زيادة اعتمادها على الممر البحري الشمالي لإمدادات نفط "يورالز" من الموانئ المطلة على بحر البلطيق والذي قد يكون نظرياً طريقاً أقصر وأقل كلفة مقارنة مع الخيار التقليدي عبر قناة السويس.
وعلمت "كوميرسانت" أن شركتي "روس نفط" و"غازبروم نفط" أرسلتا في يوليو/ تموز الماضي وأغسطس/ آب الجاري، ثلاث شحنات نفط من ميناءي بريمورسك وأوست لوغا إلى الصين.
وفي يوليو الماضي، أرسلت "غازبروم نفط" و"روس نفط" شحنتي نفط "يورالز" بحجم إجمالي نحو 200 ألف طن بواسطة الناقلتين التابعتين لشركة "سوفكوم فلوت"؛ "إن إس أركتيك" و"بريمورسكي بروسبكت" إلى الصين، وفق بيانات شركة "كبلر" للاستشارات، والتي حصلت عليها "كوميرسانت".
وبعد أن قيدت العقوبات الغربية إمدادات النفط الروسي إلى أوروبا، أصبحت الهند والصين أكبر مستهلكين له ينقل النفط إليهما بشكل أساسي عبر قناة السويس وحول أفريقيا في حال إعادة الشحن إلى الحاويات العملاقة VLCC.
ورغم أن المسار عبر بحار منطقة القطب الشمالي عند الإمدادات إلى الصين قد يكون أقصر من حيث المسافة، إلا أنه لا يتسنى ترشيد الوقت دائماً، إذ إن الناقلتين اللتين أرسلتا في يوليو الماضي كانتا تسيران بسرعة منخفضة بسبب الظروف الثلجية الصعبة، وقد يستغرق توصيل الشحن ما يصل إلى 50 يوماً، وهو ما يقارب الفترة الزمنية للطريق عبر قناة السويس.
وفي أغسطس/ آب، غادرت ناقلة "هامورابي"، وفق بيانات "كبلر"، ميناء بريمورسك محملة بنحو 100 ألف طن من "يورالز" من "روس نفط" تم بيعها بنظام "فوب" (التسليم على ظهر السفينة) لشركة "نورد أكسيس" للتجارة والمسجلة في هونغ كونغ، ومن المتوقع أن تبلغ مدة النقل 43 يوماً.
ومع ذلك، يقلل الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية إيفان بوتشاروف من واقعية احتدام المنافسة بين الممر البحري الشمالي وقناة السويس في مجال نقل النفط على ضوء اعتماد كبار المنتجين في منطقة الخليج على القناة المصرية الرابطة بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط في نقل النفط إلى الغرب.
ويقول بوتشاروف في حديث لـ"العربي الجديد": "على مستوى سوق النفط العالمية، ليس من الواقعي أن ينافس الممر البحري الشمالي قناة السويس الذي سيبقي شرياناً تجارياً رئيسياً ستواصل دول الخليج استخدامه لنقل النفط".
ويعتبر أنه "حتى إذا كان هناك مجال للحديث عن المنافسة بين قناة السويس والممر البحري الشمالي وتحويل قسم من الشحن إلى هذا الأخير، فأعتقد أن هذه ستكون بشكل أساسي قضية روسية داخلية".
ويعد الممر البحري الشمالي الذي يربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ عبر منطقة القطب الشمالي حلقة وصل بين روسيا وبلدان جنوب شرق آسيا واليابان والصين وغيرها من الدول، وهو بالتالي من الشرايين البحرية الشمالية المهمة لحركة التجارة العالمية التي تزداد أهمية مع استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري وذوبان الثلوج، وسط توقعات العلماء أن تصبح منطقة القطب الشمالي خالية من الثلوج حتى شهر سبتمبر/أيلول بحلول منتصف القرن.
وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد"، توقع نائب رئيس اتحاد تنسيق استخدام الممر البحري الشمالي فلاديمير خارلوف ألا تحتاج السفن التجارية إلى مرافقة كاسحات الجليد بحلول منتصف القرن في حال استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري بوتيرتها الحالية، ما سيترجم في انخفاض تكلفة الملاحة.
ويحظى تطوير الممر البحري الشمالي بأولوية استراتيجية لدى السلطات الروسية، إذ تقتضي الخطة الحكومية زيادة حركة النقل عبره إلى 220 مليون طن بحلول عام 2035.