تتآكل رواتب الفلسطينيين في عز أزمة اقتصادية ومعيشية تتضافر فيها المشكلات الداخلية، وتضييق الاحتلال مع انتشار فيروس كورونا وتأثيره على القطاعات الاقتصادية والعمالة فيها، بحيث أصبحت الرواتب لا تكفي الاحتياجات الأساسية للأسرة مع الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة بالأراضي الفلسطينية.
يطبق في فلسطين غلاف ضريبي وجمارك واحد تقريبا مع الاحتلال، وفق وكالة الأناضول، مع اختلاف الحد الأدنى للأجور بين الطرفين، فبينما يصل إلى 5300 شيقل (1558 دولارا) للإسرائيليين، فإنه يبلغ 1450 شيقلا (425 دولارا) للفلسطينيين.
وللشهر الخامس على التوالي، صرفت السلطة الفلسطينية، الشهر الماضي، نصف راتب لموظفيها، تحت ضغط أزمتي جائحة كورونا وعدم تسلم عائدات المقاصة من الاحتلال، والتي تقدر بنحو 200 مليون دولار شهريا.
وزاد من حدة الأزمة المالية توقف الدول العربية عن دفع التزاماتها المالية للسلطة الفلسطينية.
ويلجأ كثير من الموظفين العموميين الفلسطينيين للاستدانة من زملاء لهم أفضل حالا، أو من محلات البقالة، وتأجيل أقساط القروض المصرفية على أمل تسديدها بعد صرف المتأخرات من رواتبهم.
في حين يلجأ آخرون لأعمال أخرى لدى القطاع الخاص، وحتى أن البعض يضطر للعمل خلال الإجازة الأسبوعية، لكن الإغلاقات التي ترافقت مع انتشار فيروس كورونا جعلت هذه الخيارات أكثر ضيقا.
ووفقا لبيانات وزارة المالية، فقد أدت أزمتا المقاصة وجائحة كورونا إلى تراجع إجمالي الإيرادات بنحو 70 بالمئة، ورافق ذلك تراجع في المساعدات الخارجية بأكثر من النصف.
وقال المرشد الاجتماعي والنقابي السابق، يوسف أبو راس، لوكالة الأناضول، إن الموظف يتدبر أموره عبر الاستدانة إما من الأهل والأقارب، أو من المحلات التجارية التي اعتاد الشراء منها، مشيرا إلى وجود عجز أصلا في تغطية الراتب كاملا للاحتياجات اليومية.
وأضاف: "قدرة الموظف على الصمود في هذه الظروف مرتبطة بمدى قدرة المحلات التجارية على البيع بالدين.. عشرات آلاف الموظفين يعتمدون على الاستدانة من المحلات التجارية، أي الاعتماد الكلي على القطاع الخاص".
ويبلغ إجمالي عدد الموظفين العموميين في فلسطين حوالي 136 ألفا، تصل فاتورة أجورهم الشهرية إلى 160 مليون دولار، ترتفع الفاتورة إلى نحو 250 مليون دولار بإضافة رواتب المتقاعدين والمخصصات الاجتماعية لعوائل الشهداء والأسرى والجرحى والأسر الفقيرة، في ما يعرف بـ"أشباه الرواتب".
وفقا لبيانات نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في يوليو/ تموز الماضي، فإن 29 بالمئة من الأفراد يعيشون تحت خط الفقر.
ويبلغ خط الفقر لأسرة معيارية مكونة من والدين وثلاثة أبناء حوالي 670 دولارا (أقل من 5 دولارات للفرد في اليوم)، وفق آخر تحديث في العام 2017، بينما يبلغ خط الفقر الشديد حوالي 535 دولارا للأسرة (3.5 دولارات في اليوم).
ولتوفير نصف الراتب للموظفين العموميين وبعض الالتزامات الأخرى، لجأت الحكومة الفلسطينية إلى الاقتراض من البنوك، ليتجاوز دينها للمصارف 2.2 مليار دولار.
ويضاف هذا الدين إلى قروض خارجية بنحو 1.3 مليار دولار، إضافة إلى متأخرات لموردي السلع والخدمات من القطاع الخاص تتجاوز مليار دولار، ومتأخرات لصندوق تقاعد الموظفين العموميين تقترب من ملياري دولار، ليتجاوز إجمالي الدين إلى حوالي ستة مليارات دولار.