يراهن المغرب على الحد من الخسائر التي تكبدتها السياحة عبر جذب سياح في فصل الشتاء، ما يبرر التوجه نحو تخفيف التدابير المتشددة في الحدود، في سياق متسم بتراجع حاد للإيرادات.
وأفضت الجائحة، كما لاحظ وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، عند تقديم مرتكزات مشروع قانون مالية العام المقبل، إلى ضياع كلي للموسم الصيفي في مراكش وبدرجة أقل في طنجة.
وكان المغرب أجاز في السادس من سبتمبر/ أيلول الماضي لرعايا البلدان الذين لا يخضعون لتدبير التأشيرة، والذين يتوفرون على حجز في الفنادق ولوج المملكة، بعد توقف دام منذ مارس/ آذار الماضي إثر تفشي فيروس كورونا.
وقرر المغرب أخيرا إلغاء الفحص "السيرولوجي" السلبي وتمديد مدة سريان نتائج الكشف من يومين إلى ثلاثة، حيث يفترض في السياح القادمين إلى المغرب تقديم تلك النتائج التي تثبت خلوهم من فيروس كورونا.
واتخذت الحكومة تدابير لفائدة القطاع السياحي عبر ضمان قروض من قبل الدولة.
وصرحت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والملاحة الجوية، نادية فتاح العلوي، في نهاية الأسبوع الماضي، بأنه يجب العمل على إنعاش السياحة في المغرب في سياق الأزمة الصحية، بعدما ساد الاعتقاد في السابق بأن شهر سبتمبر/ أيلول سيؤشر على مرحلة ما بعد كوفيد19.
وشددت على أن الهدف اليوم يتمثل في تعزيز تنافسية الوجهة السياحية المغربية، مع تبني تدابير صحية مطمئنة للسياح الذين يزورون المملكة، بالموازاة مع اعتماد سياسة تسويقية وترويجية تستند على تنوع المنتج السياحي وغنى التجارب التي يمكن أن يعيشها السائح.
ويبقى إنعاش السياحة المغربية في الشتاء رهينا في جزء منه بالسوق الفرنسية، التي تمثل حوالي 31 في المائة من السياح الذين يفدون على المملكة، أي حوالي 4 ملايين سائح. هذا ما يفسر الأولوية التي أعطيت لتلك السوق في سعي المكتب الوطني المغربي للسياحة، الذي التقى مديره العام، عادل الفقير منظمي رحلات فيه.
ويعول فاعلون في مراكش على السوق الفرنسية من أجل المساهمة في إنعاش السياحة في الشتاء، حيث يتوقع أصحاب الفنادق في تلك المدينة التي تجذب ثلاثة ملايين سائح سنويا زيادة بنسبة تتراوح بين 10 و40 في المائة.
ويأتي ذلك في سياق متسم بتراجع حاد لإيرادات السياحة في الثمانية أشهر الأولى، متأثرة بانخفاض غير مسبوق في تدفق السياحة على المملكة بسبب تداعيات الجائحة التي أفضت إلى إغلاق الحدود وتراجع النشاط الاقتصادي في البلدان المصدرة للسياح.
وتفيد بيانات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، الصادرة أول أمس، أن إيرادات السياحة بلغت في الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري، 2.35 مليار دولار، مقابل 5.26 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، ما يعني انخفاضا في حدود 55.3 في المائة.
ويتجلي من بيانات المكتب التي تتيح مقارنة إيرادات السياحة في أغسطس/ آب مع نفس الفترة خلال الخمسة أعوام الأخيرة، أنه في ظل الأزمة الصحية التي أوقفت حركة السفر، سجلت إيرادات ذلك النشاط الذي يعول عليه المغرب كثيرا لدعم ميزان مدفوعاته، أدنى مستوى لها منذ 2016.
وتشير وزارة السياحة إلى أن عدد السياح الذين زاروا المملكة في أغسطس/ آب، بلغ 2.1 مليون، بينما بلغت ليالي المبيت في الفنادق المصنفة 5.7 ملايين ليلة.
وتتوقع وزارة السياحة أن يتواصل المنحى التراجعي الذي يعرفه القطاع، حيث ستتأثر الإيرادات بشكل كبير، بعدما بلغت في العالم الماضي 8 مليارات دولار، بعد جذب 13 مليون سائح، ما دفع المهنيين إلى المراهنة على استقطاب 14 مليون سائح في العام الحالي.
وكانت الكونفدرالية الوطنية للسياحة، توقعت أن تتراجع إيرادات السياحة بـ5.8 مليارات دولار في العام الحالي، قبل أن تنخفض بـ5.2 مليارات دولار في العام المقبل، و3 مليارات دولار في 2022.