رفع سعر الفائدة على الدولار والخطر القائم

23 مارس 2023
فترة عصيبة يمر بها كبار المستثمرين في "وول ستريت" (فرانس برس)
+ الخط -

بعد ساعات من قرار البنك الفيدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة للمرة التاسعة على التوالي خرج علينا "سيتي بنك"، أكبر بنك في العالم، ليزف إلينا خبرا سيئا هو خفض تصنيف البنوك الأوروبية، وتحذيره من أن أزمة الثقة المستمرة في قطاع البنوك قد تحد من شهية المخاطرة وتقلل من تدفق الائتمان، وهو ما يعني التشدد في منح الأموال والقروض من قبل تلك البنوك تجاه عملائها.

كما أن هذا الخفض في التصنيف قد يكون مقدمة لمعاناة بنوك أوروبية في دول عدة، خاصة الواقعة في الجنوب مثل إيطاليا واليونان، من أزمات وهزات وربما إفلاسات.

البورصات الأوروبية والأميركية استقبلت قرار رفع الفائدة على الدولار بانخفاض رغم أن الرفع لم يكن صادما للأسواق العالمي

البورصات الأوروبية والأميركية استقبلت قرار رفع الفائدة على الدولار بانخفاض رغم أن الرفع لم يكن صادما للأسواق العالمية وبنوك الاستثمار الكبرى في ظل تفضيل البنك الفيدرالي سياسة مكافحة التضخم الجامح في الولايات المتحدة.

كما استقبل المستثمرون الدوليون القرار بامتعاض شديد خاصة هؤلاء الذين كانوا يراهنون على بدء موجة خفض للفائدة، وبالتالي تراجع تكلفة القروض والأموال والإنتاج، وإعادة فتح البنوك أبوابها مرة أخرى أمام المقترضين والمستثمرين.

سبق خطوة خفض تصنيف البنوك الأوروبية انهيار كريدي سويس، ثاني أكبر بنك سويسري، واختفاؤه من الساحة بعد نشاط دام أكثر من 167 عاما، وإفلاس 3 بنوك أميركية، وخفض تصنيف القطاع المصرفي بالولايات المتحدة، وحدوث حالة ذعر بين المودعين خاصة مع وجود انقسام بين الكونغرس وإدارة جو بايدن حول ضمان كل الأموال في البنوك وليس في البنوك المفلسة فقط.

والأحدث سحب المودعين تريليون دولار من البنوك الضعيفة خلال عام منها 500 مليار دولار تم سحبها في شهر مارس الجاري بعد انهيار بنك سيليكون فالي، وقد أثارت السرعة التي سحب بها المودعين أموالهم من البنوك المفلسة مخاوف من امتداد السحب من القطاع المصرفي إلى مؤسسات أخرى مما دفع السلطات الأميركية إلى تأمين وضمان ودائعها.

الأحدث سحب المودعين تريليون دولار من البنوك الضعيفة خلال عام منها 500 مليار دولار تم سحبها في مارس بعد انهيار سيليكون فالي

على الجانب الآخر من الأطلسى صدرت إشارات قوية من البنك الفيدرالي الأميركي بمواصلة سياسة رفع سعر الفائدة حتى نهاية العام الجاري على الأقل، وهو ما يشكل ضغطا شديدا على أسواق المال والصرف الدولية، ويعمق أزمة المصارف الغربية ويدعم الاضطرابات المصرفية في كل أنحاء العالم.

فقد قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إنه من غير المحتمل التحول لسياسة خفض معدلات الفائدة هذا العام، مشددا على أن البنك المركزي سيواصل سياسة الرفع حتى يصل إلى سعر التضخم المستهدف وهو 2%.

عالميا، سارعت البنوك المركزية برفع سعر الفائدة في أوروبا وبريطانيا وسويسرا ومنطقة الخليج، ومن المتوقع أن تسير بنوك أخرى على خطى الفيدرالي عندما تجتمع لجان السياسة النقدية بها خلال الأيام المقبلة.

من الصعب أن يفلت العالم من الدائرة الجهنمية التي وضع الفيدرالي الأميركي الجميع فيها، والرهان على خفض سعر الفائدة على الدولار خلال العام الجاري بات مستبعدا، والعملة الأميركية ستزداد قوة.

وفي المقابل أصبحت الاقتصادات العالمية على موعد متواصل ومتجدد مع اضطرابات جديدة، اضطرابات قد تسرّع إفلاس بنوك ومؤسسات مالية، وربما إفلاس دول واقتصادات هشة، وقبلها حدوث ذعر بين المودعين وأصحاب المدخرات.

المساهمون