رفع الفوائد يكبح تسليفات وأرباح عمالقة المصارف الأميركية

09 أكتوبر 2023
"بنك أوف أميركا" من المصارف الكبرى التي ستُعلن أرباحها الفصلية هذا الأسبوع (Getty)
+ الخط -

حذر تقرير أوردته صحيفة "فايننشال تايمز" اليوم الاثنين، من أن رفع أسعار الفائدة الأميركية بات يهدد بتباطؤ نمو نشاط التسليفات التي تُعد المحرك الرئيسي لأرباح المصارف الأميركية الكبرى التي من المنتظر أن تبدأ إعلان نتائج الفصل الثالث هذا الأسبوع.

فقد أدى صافي دخل الفائدة المعبّر عنه الفرق بين ما تدفعه المصارف على الودائع وما تكسبه من القروض وبقية الأصول، أدى في الأشهر الـ18 الماضية إلى رفع أرباح عمالقة من أمثال "جي بي مورغان تشايس" و"بنك أوف أميركا" و"سيتي غروب".

وقد استفادت أكبر المصارف الأميركية من فرض المزيد من الرسوم على القروض بالتوازي مع رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) أسعار الفائدة الرئيسية (القياسية) من دون رفع أسعار الفائدة بشكل كبير للمدّخرين.

وبينما أظهرت البيانات الأسبوعية الصادرة عن "المركزي" أن اقتراض المستهلكين من بطاقات الائتمان لا يزال ينمو، وإن بوتيرة أبطأ، فقد انحسر اقتراض الشركات في الأشهر الستة الماضية، فيما يلقي محللون اللوم في ذلك على ارتفاع أسعار الفائدة.

المحللة المصرفية في "مورغان ستانلي" بيتسي غراسيك كتبت في مذكرة للعملاء الأسبوع الماضي: "تباطأ نمو القروض بشكل كبير، ووجهة نظرنا هي أن ضعف نمو القروض يقلل من نمو التأمين الوطني حتى عام 2024".

ووفقاً لمحللي مصرف "مورغان ستانلي"، فإن أكبر 25 مصرفاً أميركياً من حيث الأصول شهدت تباطؤ نمو القروض بشكل كبير منذ بداية العام الجاري، إلى نحو 1.5% مقارنة بالعام السابق عندما كان يبلغ 8%.

كما أصبحت المصارف أكثر انتقائية فيما يتعلق بالقروض التي تقدمها للعملاء تحسباً للمتطلبات الأميركية الجديدة المقترحة للمصارف الكبيرة، في ما يُسمى بمتطلبات لجنة "بازل 3" النهائية، والتي من شأنها أن تزيد من حجم رأس المال الذي يمتص الخسارة والذي يتعين عليها الاحتفاظ به مقابل أصولها.

وذكرت "فايننشال تايمز" الأسبوع الماضي أن بنك "جيه بي مورغان" عزز وتيرة توريق مليارات الدولارات من محفظة قروضه تحسباً للقواعد الجديدة.

وفي السياق، توقع المحلل المصرفي في "بنك باركليز" جيسون غولدبيرغ "الكثير من المناقشات بخصوص توقعات الأرباح ربطاً باتفاقية بازل 3 النهائية من حيث التأثير المتوقع مع السيناريو الحالي، ثم ماهية الإجراءات التي تخطط المصارف لاتخاذها للتخفيف من الزيادة المحتملة لمخاطر الأصول".

وتُعد "جيه بي مورغان" و"سيتي" و"ويلز" الأولى بين أكبر 4 مصارف أميركية من حيث الأصول تُعلن نتائجها للأشهر الثلاثة المنتهية آخر سبتمبر/أيلول الفائت، لتكشف عن أرباحها يوم الجمعة المقبل، فيما من المقرر أن يُعلن "بنك أوف أميركا" في 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وسيعلن "غولدمان ساكس" و"مورغان ستانلي" اللذان تتجه أعمالهما أكثر نحو الخدمات المصرفية الاستثمارية والتداول وإدارة الأصول، نتائجهما في 17 و18 أكتوبر على التوالي.

ويتوقع محللون أن يكون "جيه بي مورغان" و"ويلز فارغو" المصرفين الوحيدين اللذين ارتفعت أرباحهما في الربع الثالث مقارنة بالعام السابق، وفقاً لبيانات جمعتها شبكة "بلومبيرغ" الأميركية.

ومما يزيد من الأعباء على أرباح المصارف الضغط عليها من أجل تقديم معدلات ادخار أعلى للعملاء للاحتفاظ بودائعهم التي تُعد مصدر تمويلها الرئيسي.

وجمعت المصارف الكبرى مثل "جيه بي مورغان" و"بنك أوف أميركا" مستويات قياسية من الودائع خلال وباء كورونا، لكن هذه المبالغ انخفضت على مدار الـ18 شهراً الماضية مع رفع البنك المركزي أسعار الفائدة.

وزادت المصارف الكبرى أسعار الفائدة على القروض، لكنها لم تمنح أسعار فائدة أعلى للمدخرين، مما أدى إلى انخفاض ما يسمى "بيتا الودائع" deposit betas.

وأظهرت بيانات صدرت يوم الخميس الفائت عن معهد شركات الاستثمار أن صناديق أسواق المال التي يمكنها الآن أن تدر ما يزيد عن 5% للمستثمرين، حصلت على 64.1 مليار دولار للأسبوع المنتهي في 4 أكتوبر/تشرين الأول، ليصل إجمالي ما حققه القطاع إلى 5.7 تريليونات دولار.

ومع تزايد الإجماع الآن على أن البنك المركزي سيُبقي أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول، يتوقع محللون أن ترفع المصارف أسعار الفائدة للمدخرين من أجل تشجيعهم على الاحتفاظ بودائعهم لديها.

وأثرت هذه المخاوف على أسهم المصارف الأسبوع الماضي. وعن هذه النقطة تحدث كبير محللي المصارف الكبيرة في شركة "أوتونومس ريسيرتش" Autonomous Research جون ماكدونالد قائلاً "إن أداء أسهم المصارف في الوقت الحالي يعكس المخاوف التي تتعلق أكثر قليلاً بالرُبعين المقبلين".

وسأل: "كيف سيبدو المسار على رأس المال إذا ظلت أسعار الفائدة مرتفعة؟ ماذا سيكون سلوك الإيداع التجريبي؟ ما هو الضغط الذي سيحدث على تكاليف التمويل؟ وما هو الضغط الذي سيتعرض له رأس المال؟".

وستواجه المصارف أسئلة حول كيفية تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على المستهلكين الذين كانوا ينفقون بشكل مطرد المدخرات التي تراكمت لديهم خلال وباء كورونا، ما يعني أن خسائر القروض كانت عند مستويات منخفضة تاريخياً، لكن المصارف حذرت منذ أشهر من أن الخسائر سترتفع.

ويتوقع محللون أن صافي المبالغ المخصومة، أي جزء القروض ذات الخسائر التي تم تصنيفها على أنها غير قابلة للاسترداد، سيرتفع بالنسبة إلى "جيه بي مورغان" و"بنك أوف أميركا" و"سيتي" و"ويلز" إلى مستويات ما قبل كورونا.

وفي هذا السياق، قال محلل المصارف في "بايبر ساندلر" سكوت سيفرز: "في مرحلة ما، من المفترض أن يبدأ حتى أقوى المستهلكين في التراجع تحت ضغط أسعار الفائدة المرتفعة".

وفي مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية، يتوقع محللون انخفاض إيرادات "جيه بي مورغان" و"غولدمان" و"بنك أوف أميركا" و"مورغان ستانلي" و"سيتي" في المتوسط بنحو 4% خلال الربع الثالث.

لكن ثمة تفاؤل بأن النشاط ينتعش بعد تباطؤ طويل، إذ ويتوقع محللون أن يحقق بنك "غولدمان" زيادة على أساس سنوي في رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية للمرة الأولى منذ نهاية العام 2021.

وفي المحصلة، من المتوقع أن تنخفض إيرادات الدخل الثابت وتداول الأسهم بمعدل 5% في المصارف الخمسة خلال هذا الربع. 

كما من المتوقع أن يعاني "غولدمان ساكس" من أكبر انخفاض، حيث يتوقع محللون انخفاض إيرادات التداول 15% عن العام السابق عندما استفاد من الأسواق المتقلبة على وقع رفع قيام المصارف المركزية أسعار الفائدة.

المساهمون