رشى سياسية للإسرائيليين وسط الحرب... نتنياهو يوقف زيادات ضريبية رغم تحذيرات تفاقم العجز المالي

06 يونيو 2024
متجر خضروات وفاكهة في سوق الكرمل في تل أبيب، 6 يونيو 2022 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوجه بوقف خطط زيادة الضرائب لتخفيف الأعباء المعيشية، رغم الضغوطات الاقتصادية والعجز المالي المتزايد بسبب الحرب على غزة والاشتباكات مع حزب الله.
- العجز المالي المتوقع يقترب من أربعة أضعاف المقدر قبل الحرب، مع توقعات بارتفاعه إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يضع الحكومة أمام تحديات في تمويل الإنفاق العام.
- الحكومة تبحث عن بدائل لزيادة الإيرادات دون رفع الضرائب المباشرة، مثل إلغاء الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة للمشتريات الخارجية وفرض ضرائب على السفر والمركبات الكهربائية للتحكم في العجز المالي.

أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعليمات إلى وزارة المالية بوقف أي إجراءات لزيادة الضرائب هذا العام، وسط تضارب حكومي بشأن كيفية التعامل مع العجز المالي المتفاقم الناجم عن استمرار الحرب على غزة وتصاعد حدة الاشتباكات مع حزب الله اللبناني، إذ يرى مسؤولون في وزارة المالية أن إرجاء زيادة الضرائب ضرورة لتخفيف الأعباء المعيشية في هذه الفترة، فيما حذر محافظ بنك إسرائيل المركزي، أمير يارون، من صدمة العجز المالي، مطالباً بضرورة زيادة الضرائب لتوفير موارد مالية إضافية في الوقت الذي تتصاعد فيه النفقات على الحرب.

وقال آفي سمحون، رئيس المجلس الاقتصادي الوطني والمستشار الاقتصادي لنتنياهو، في تصريحات لموقع "واينت" الإسرائيلي، أمس الأربعاء، إن مكتب رئيس الوزراء يعارض بشدة زيادة الضرائب هذا العام. وأضاف سمحون: "ليست هناك فرصة لأن نوافق على زيادة الضرائب الآن.. خلال الحرب، ليس هذا هو الوقت المناسب لزيادة الضرائب".

يأتي هذا القرار بينما تخطط وزارة المالية لتطبيق زيادة مقررة على ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1% لتصبح 18% اعتبارا من الأول من يوليو/تموز المقبل، بدلاً من تطبيقها مطلع العام المقبل 2025، وذلك في إطار إجراءات لتقليص العجز الكبير في الموازنة العامة، حيث تتوقع وزارة المالية تسارع العجز إلى نحو 8% العام الجاري، وهو ما يقترب من أربعة أضعاف ما كان مقدراً قبل الحرب بنسبة 2.25%. كما يتجاوز العجز كثيراً التقديرات التي تطرقت إليها موازنة 2024 المعدلة البالغة 6.6%.

ووفق الموازنة، فإن الإنفاق المقدر للعام الجاري يبلغ 584.1 مليار شيكل (156.6 مليار دولار وفق سعر صرف أمس)، بزيادة 70 مليار شيكل مقارنة بموازنة الأساس المصادق عليها في مايو/أيار 2023. وتظهر البيانات الصادرة عن المحاسب العام لوزارة المالية يالي روتنبرغ وصول العجز على مدار الـ 12 شهراً المنقضية بنهاية مارس/آذار الماضي إلى 117.3 مليار شيكل، وهو الأعلى في تاريخ إسرائيل.

ويتوقع مسؤولون إسرائيليون استمرار العجز في الصعود مقارنة بالتقديرات السابقة للعام المقبل، إذ نشر كبير الاقتصاديين في وزارة المالية شموئيل أبرامسون تقريراً توقع فيه بلوغ عجز الموازنة 5.2%، مقارنة بتوقعات سابقة تصل إلى 3.5%، بينما كان مخططاً قبل الحرب أن يبلغ العجز 1.75% فقط في 2025.

وذكر موقع "واينت" أن نتنياهو لم يصدر فقط تعليمات بوقف أي زيادات ضريبية العام الجاري وإنما أيضا وقف وزارة المالية عن الترويج لأي إجراءات من هذا القبيل. وتضمن قانون الموازنة المعدلة الذي أقرته الحكومة والكنيست قبل بضعة أسابيع، زيادة في معدل ضريبة القيمة المضافة والتأمين الصحي والضرائب الأخرى في عام 2025.

ومع ذلك، بسبب الانحراف الخطير لمستويات العجز وانفلاتها عن المعدلات المقدرة بسبب الارتفاع الشديد في نفقات الحرب على المستويين العسكري والمدني (تعويضات الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، والشركات، والمتضررين في المناطق الشمالية على الحدود مع لبنان وغيرها من التعويضات)، اقترح كبار المسؤولين في وزارة المالية تطبيق زيادات ضريبية مبكراً، لاسيما على ضريبة القيمة المضافة إلى منتصف العام الجاري.

وقال مدير سلطة الضرائب شاي أهارونوفيتش إنه على الرغم من نفقات الحرب المرتفعة والحاجة إلى تحصيل المزيد من الإيرادات، إلا أنه لن يتم فرض زيادات ضريبية هذا العام. وأوضح، وفق ما نقلت صحيفة معاريف، أمس: "لا توجد نية لرفع معدلات ضريبة الدخل أو ضريبة الشركات.. هذه هي أسوأ ضريبة، ويجب علينا الابتعاد عنها في هذه الفترة".

لكن أهارونوفيتش، أشار في المؤتمر السنوي لغرفة المحاسبين في إيلات، إلى أنه يمكن التطرق إلى حلول أخرى لزيادة الإيرادات عبر "الضرائب غير المباشرة"، مضيفا أن "جميع الخطوات مطروحة على الطاولة". ومن بين الإجراءات الضريبية التي يتم النظر فيها، بحسب قوله، إلغاء الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة لشراء السلع من الخارج عبر المواقع الإلكترونية، وفرض ضريبة على السفر، وفرض الضرائب على المركبات الكهربائية الخاصة، مضيفا: "يجب تعويض الخزينة عن تراجع الإيرادات".

وقال: "يجب أن نكون حذرين بشأن القيام بشيء كاسح (بالنسبة لزيادة الضرائب)، لأن العالم ينظر إلينا بعين الريبة الشديدة". وتوقع أن تكون عائدات الضرائب في مايو/أيار الماضي أعلى من مستويات الشهور الأولى للحرب، لكن النفقات مرتفعة جداً أيضا بسبب استمرار القتال.

وجاء وقف زيادة ضريبة القيمة المضافة هذا العام بالتزامن مع وقف زيادة مقررة على أسعار المياه بنسبة 1.6% اعتباراً من يوليو/تموز المقبل. وذكرت صحيفة "معاريف" في تقرير، أمس، أن هذه الخطوة جاءت بعد تدخل وزير الطاقة والبنية التحتية إيلي كوهين. وأشارت الصحيفة إلى أنه كان مخططا في السابق زيادة الأسعار بنسبة 7.7% قبل خفضها إلى 1.6% وأخيراً إلغائها تماماً.

وأضاف التقرير أن هذا الإلغاء يأتي في إطار سلسلة إجراءات لخفض تكاليف المعيشة في مجالات الطاقة بشكل عام والكهرباء بشكل خاص. وقال كوهين لـ"معاريف" إن "إلغاء الزيادة في أسعار المياه خبر مهم لجميع مواطني إسرائيل، خاصة في هذا الوقت.. سأعمل بكل الطرق لمنع ارتفاع الأسعار وسأواصل محاربة تكاليف المعيشة". وأضاف أن "خطة رفع سعر المياه بنسبة 7.7% كانت ستضر بالجميع، في قطاع الأعمال وفي الصناعة والزراعة". وتابع قائلا إن "التحرك لرفع الأسعار من شأنه أن يزيد التضخم ويؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات الأخرى ويؤدي إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة".

لكن محافظ البنك المركزي أمير يارون، قال نهاية مايو/أيار الماضي، إن الحكومة قد تحتاج إلى إجراءات ضريبية إضافية للتعامل مع الضغوط الاقتصادية المتزايدة جراء الحرب المستمرة على قطاع غزة والتوترات الإقليمية التي صاحبتها، وفقا لما نقلت صحيفة غلوبس الإسرائيلية. وأعرب يارون عن مخاوفه بشأن العجز المالي الذي استمر في الارتفاع بسبب زيادة الإنفاق الحكومي. وتابع: "من الواضح أنه يتعين على الحكومة في هذا الوقت بذل كل ما في وسعها للحد من ارتفاع الديون وإعلان المسؤولية المالية".

وانكمش اقتصاد إسرائيل بنسبة 1.4% على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام الجاري. ويأتي هذا الانكماش للربع الثاني على التوالي، إذ جاء بعد انكماش آخر أشد وطأة بنسبة 21.7% في الربع الأخير من 2023. وكان اقتصاد دولة الاحتلال قد نما 2% في كامل 2023، مقارنة مع 6.8% في 2022، ونمو بنسبة 8.6% في 2021، وانكماش بنسبة 1.9% في عام كورونا 2020.

وارتفع الإنفاق العام بنسبة 7.1% في الأشهر الثلاثة الأولى من 2024 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بعد صعود غير مسبوق بنسبة 86% في الربع الأخير من العام الماضي بفعل الإنفاق على الحرب، وفق بيانات صادرة حديثاً عن مكتب الإحصاء الحكومي، فيما انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.1% على أساس سنوي في الربع الأول من هذا العام.

المساهمون