- الزيادة في الحد الأدنى للأجور تأتي في سياق ارتفاع متوسط الرواتب بنسبة 5.9% في أكتوبر 2023، مما يثير مخاوف قطاعات الأعمال من زيادة تكاليف التشغيل.
- على الرغم من الأزمات الاقتصادية، شهدت إسرائيل ارتفاعاً في عدد المليارديرات إلى 29 بنهاية العام الماضي، مما يعكس تباين تأثير الأزمات على شرائح المجتمع المختلفة.
باتت قطاعات الأعمال المختلفة في إسرائيل مجبرة على زيادة الحد الأدنى للأجور اعتباراً من إبريل/ نيسان الجاري، رغم المعارضة الشديدة التي أبدتها حيال ذلك في الأسابيع الماضية، خوفاً من تحمّل المزيد من الأعباء المالية وسط الحرب المستمرة على غزة التي تركت ندوباً عميقة على مختلف المجالات.
سيرتفع الحد الأدنى للأجور ابتداءً من راتب إبريل/ نيسان الذي سيُدفَع في بداية مايو/ أيار المقبل، بنحو 308 شيكل (83.5 دولاراً) ليصل إلى 5580 شيكل (1512 دولاراً) شهرياً مقابل 5272 شيكل (1429 دولاراً) سابقاً، وذلك بموجب مرسوم وقّعه وزير العمل يوآف بن تسور أخيراً.
كذلك سيُرفَع الأجر بالساعة للعاملين بأجر يومي اعتباراً من اليوم الاثنين إلى 32.3 شيكل مقابل 30.61 سابقاً، وفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أمس الأحد.
والزيادة المقررة في الحد الأدنى للأجور هي الثانية خلال عام، بعد الزيادة التي طُبِّقَت في إبريل 2023، ومع ذلك سجل متوسط الأجور زيادات كبيرة في العديد من القطاعات بعد اندلاع الحرب لجذب العمالة، بعدما أدى استدعاء الجيش لنحو 370 ألفاً من جنود الاحتياط، ومنع الفلسطينيين من العمل، وهروب العمالة الأجنبية، إلى فراغ وظيفي في الكثير من التخصصات.
وتخشى قطاعات الأعمال من أن يقود رفع الحد الأدنى للأجور إلى زيادات إضافية في متوسطات الرواتب خلال الأشهر المقبلة، ما يحمّلها المزيد من تكاليف التشغيل. وبموجب القانون، يُقَرّ الحد الأدنى للأجور بنسبة 47.5% من متوسط الأجر.
وتظهر أرقام صادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن متوسط الرواتب في إسرائيل زاد بعد الحرب، ليصل في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 12488 شيكل (حوالى 3385 دولاراً)، بزيادة بلغت نسبتها 5.9% عن الشهر نفسه من عام 2022.
وواصلت الرواتب الارتفاع في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وفق أحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء التي نشرتها صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية في مارس/ آذار الماضي، لتصل إلى 12969 شيكل (حوالى 3515 دولاراً).
ووفق يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أمس، ظلّ الحد الأدنى للأجور ثابتاً لسنوات ماضية، حيث جمدت إسرائيل خلال جائحة فيروس كورونا مراجعة العلاوات التصاعدية والحد الأدنى للأجور لتجنب زيادة العبء على الشركات، حتى رُفع الحد الأدنى العام الماضي الذي شهد اضطرابات سياسية في إسرائيل.
وجاء رفع الحد الأدنى للأجور، رغم معارضة رئيس اتحاد الأعمال الإسرائيلي، دوبي أميتاي، الذي طلب تأجيل الزيادة بسبب العبء الذي ستزيده على الشركات، بعد التداعيات الاقتصادية للحرب.
وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أن مئات آلاف العمال في صناعة المواد الغذائية (المطاعم والمقاهي والحانات) والضيافة (الفنادق والنُزل) سيستفيدون من رفع الحد الأدنى للأجور.
وتشهد الكثير من الأنشطة نقصاً في العمالة، ولا سيما قطاع البناء، ما دفع أصحاب الأعمال إلى زيادة الرواتب والدخول في منافسة لجذب العمال من أجل الحفاظ على ما بقي من أنشطة والحيلولة دون انهيار الشركات وإفلاسها.
وقبل الحرب بشهر واحد زادت تكاليف الرواتب في إسرائيل، بنسبة 5.6% على أساس سنوي، متأثرة بتداعيات أزمات داخلية، على رأسها أزمة تعديل النظام القضائي التي هددت مناخ الاستثمار في دولة الاحتلال، حيث ارتفعت الرواتب بقوة في قطاع التكنولوجيا الفائقة، إذ بلغ متوسط الراتب في هذا القطاع نحو 29678 شيكل (حوالى 8042 دولاراً)، بزيادة نسبتها 7.4% عن الشهر نفسه من 2022.
ولعل نسبة الزيادة في الرواتب في قطاع البناء هي الأعلى بين مختلف الأنشطة الاقتصادية، إذ وصلت الزيادات إلى نحو 50%، وفق مسؤولين في القطاع الأكثر تضرراً من الحرب، بفعل وقف العمالة الفلسطينية ومغادرة العمال الأجانب، بينما يعزف الإسرائيليون عن العمل في القطاع، فضلاً عن أنهم غير مؤهلين من الناحية التدريبية لذلك.
وحتى اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كان يعمل في الاقتصاد الإسرائيلي نحو 310 آلاف عامل غير إسرائيلي، نصفهم تقريباً من الفلسطينيين. ومع اندلاع الحرب، مُنعت الأغلبية المطلقة من العمال الفلسطينيين من العمل في إسرائيل.
كذلك غادر أكثر من 17 ألف عامل أجنبي، وفق سلطة الهجرة بوزارة الداخلية الإسرائيلية، لافتة على لسان رئيسها، ايال سيسو في تصريحات لصحيفة "معاريف" أخيراً، إلى مغادرة 9855 عاملاً تايلندياً في قطاع الزراعة، و4331 عاملاً في قطاع البناء و2997 بقطاع التمريض.
وكان بنك إسرائيل المركزي قد قدر في تقرير له في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي الكلفة التي يتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي بسبب نقص القوى العاملة، والتي تأثرت بالسلب بشكل كبير خلال الحرب بنحو 2.3 مليار شيكل أسبوعياً (618 مليون دولار).
وبينما تشكو الجهات الرسمية وقطاعات الأعمال من ارتفاع تكاليف الحرب في ظل زيادة أعباء رواتب العمال، تظهر بيانات الثروة في المقابل أن عدد المليارديرات في إسرائيل ارتفع خلال الحرب.
ووفق صحيفة يديعوت أحرونوت، أمس، أضافت إسرائيل تسعة مليارديرات جدد، بحسب قائمة الأثرياء العالمية الصادرة عن معهد "هورون" للأبحاث، التي تعتبر إلى جانب مجلة "فوربس" مؤشراً رئيسياً لرصد الثروة العالمية.
وعلى الرغم من الحرب المستمرة، صعدت إسرائيل في تصنيف "هورون" للدول التي تضم أكبر عدد من المليارديرات ثلاثة مراكز إلى المركز الثامن عشر مع 29 مليارديراً بنهاية العام الماضي، بزيادة تسعة مليارديرات عن العام السابق 2022.
وشهد معظم المليارديرات الإسرائيليين قفزة في ثرواتهم. وجاءت أغنى إسرائيلية في الترتيب ميريام أديلسون وعائلتها بثروة تقدر بـ 35 مليار دولار، يليها إيال عوفر بـ 19 مليار دولار، الذي تعرضت سفن مملوكة له لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر.