رحلة هبوط الجنيه المصري منذ عام 2000 حتى الآن

06 يناير 2023
استهل الدولار الألفية الحالية بسعر 3.7 جنيهات ليتجاوز 33 الآن في السوق السوداء (Getty)
+ الخط -

تآكلت سريعا قيمة الجنيه المصري مقابل العملة الأميركية العام الماضي، وصولا إلى اليوم، لكن مسار تدهور الجنيه لم يبدأ في الآونة الأخيرة، فقد سار في اتجاه نزولي منذ بداية الألفية الجديدة. إليك القصة.

ما زال معظم المصريين يذكرون سعر صرف الدولار الأميركي في بلادهم عند 3.7 جنيهات مطلع الألفية الحالية، ونسب تضخم لا تتعدى 3% كمتوسط سنوي.

الجنيه واصل تراجعه التدريجي أمام الدولار خلال السنوات اللاحقة، وصولا إلى متوسط سعر صرف 5.5 جنيهات للدولار مع ظهور الأزمة المالية العالمية عام 2008.

وواصل الجنيه تراجعه مع اندلاع ثورة يناير/كانون الثاني، امتدادا لفوز الرئيس الراحل محمد مرسي، ثم تولي الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر منتصف 2014، حينها بلغ سعر صرف الدولار 7 جنيهات.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016، أقرّت مصر تعويما كاملا لسعر صرف الجنيه مع انتعاش السوق الموازية، ليستقر السعر الرسمي عند متوسط 17 جنيها، ثم صعد الجنيه إلى متوسط 15.7 لكل دولار حتى مطلع 2022.

تطورات الجنيه المصري في عام 2022

مطلع العام 2022، كان الجنيه المصري مستقرا بين 15.5 و15.7 لكل دولار واحد، قبل أن تندلع الحرب الروسية الأوكرانية، التي فاقمت أزمات الاقتصاد المصري.

في 24 فبراير/شباط 2022، بدأت شرارة الحرب في شرق أوروبا، ومعها ارتفعت أسعار السلع الأساسية، كالغذاء والطاقة بأنواعها، والمواد الخام، وسط حمائية تجارية نفذتها العديد من الدول، زادت من أزمة ارتفاع الأسعار.

ورافق ذلك تخارجات واسعة لاستثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية (سندات، أذونات)، نتج منها خروج النقد الأجنبي من السوق المصرية، بموازاة ارتفاع كلفة الواردات المصرية من الخارج كإحدى تبعات التضخم.

وتعتمد مصر على الاستيراد بشكل كبير لتوفير حاجتها من الغذاء بصدارة القمح والحبوب، إلى جانب مشتقات الوقود بأنواعه، مع ارتفاع سعر برميل النفط فوق 100 دولار للبرميل، حتى أغسطس/آب الماضي.

وتشير تصريحات وزير المالية المصري محمد معيط إلى تخارج 23 مليار دولار من السوق المصرية عقب الحرب الروسية الأوكرانية، بموازاة ارتفاع كلفة الواردات بـ90 بالمئة، من متوسط 5 مليارات دولار شهريا، إلى 9.5 مليارات.

وفي مارس/آذار 2022، بدأت تظهر تبعات شحّ النقد الأجنبي في مصر، الأمر الذي دفع البنك المركزي المصري لتحريك سعر صرف الجنيه هبوطا إلى متوسط 18.5 جنيها لكل دولار، بدلا من متوسط 15.7.

رافق هذا التحريك فرض بعض القيود على الواردات المصرية من الخارج، في محاولة لخفض خروج النقد الأجنبي على شكل كلفة الواردات.

في ذلك الوقت، طلبت مصر مساعدة صندوق النقد الدولي، للدخول في برنامج إصلاح اقتصادي جديد يرافقه قرض مالي بقيمة 3 مليارات دولار، من إجمالي حزمة تمويل تستهدف مصر توفيرها من الدائنين تبلغ 12 مليار دولار.

واصل الجنيه تراجعه البطيء أمام الدولار حتى أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مسجلا مستوى 19.3 جنيها لكل دولار واحد.

ويبدو أن تحريك سعر الصرف والوصول إلى سعر مرن للجنيه أمام الدولار كان مطلبا رئيسا لصندوق النقد الدولي، الذي دعا في أكثر من مناسبة لتحقيق هذا البند.

وحصلت مصر في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على موافقة مبدئية من الصندوق للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، يصرف على شرائح لمدة 46 شهرا قادما.

ونهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نفذت مصر تحريكا جديدا للجنيه، ليبلغ سعر الصرف 24.3 لكل دولار واحد، وهو السعر الذي أنهت به مصر العام الماضي 2022.

في 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وافق مجلس المديرين لصندوق النقد الدولي رسميا على إقراض مصر 3 مليارات دولار، ما سمح بصرف شريحة فورية بقيمة 347 مليون دولار.

الجنيه المصري يستكمل مساره الهبوطي في 2023

وفي الأسبوع الأول من 2023، نفذت مصر تحريكا إضافيا لسعر الجنيه هبوطا، ليبلغ سعر الصرف بحلول نهاية تعاملات أمس الخميس 27.2 جنيها، في وقت بلغ سعر الدولار في السوق الموازية 33 جنيها.

ولا يبدو أن البنك المركزي المصري سيتوقف عن تحريك سعر الصرف، وصولا إلى تساويه مع سعر السوق الموازية، بين 29 و33 جنيها لكل دولار.

(الأناضول)

المساهمون