ذهب سورية الأخضر يفقد بريقه: تراجع إنتاج الزيتون وارتفاع أسعاره

01 نوفمبر 2021
توفعات بارتفاع أسعار زيت الزيتون (Getty)
+ الخط -

تشهد سورية في العام الجاري تراجعاً كبيراً في إنتاج الزيتون، لعدة أسباب، أبرزها الجني المبكر خوفاً من اندلاع معارك عسكرية في مناطق زراعته، بالإضافة إلى صعوبة الريّ وارتفاع تكلفة الإنتاج.
ويصف المزارع فائز سلامة، من محافظة إدلب، موسم الزيتون هذا العام، بـ"المخيّب"، بعد التوقعات بارتفاع إنتاج الزيتون والزيت عن العام الماضي، لكن فترات الحر وصعوبة الريّ باستخدام المازوت، نتيجة الندرة وارتفاع الأسعار، أدت إلى تساقط جزء كبير من الموسم قبل فترة الجني، متوقعاً أن يتراجع الموسم عن العام السابق بأكثر من 20%.
وفي حين يؤكد سلامة أنّ المنشآت في محافظة إدلب بدأت بعصر الزيتون منذ الأسبوع الماضي، يبين لـ"العربي الجديد" أن تكلفة صفيحة الزيت (نحو 16 كلغ) على المزارع لا تقل عن 170 ألف ليرة سورية (الدولار = نحو 3500 ليرة)، بين حراثة ورعاية ومبيدات وري وأجور عمال وتكاليف العصر، وهو ما سيرفع سعر الصفيحة في السوق هذا العام إلى نحو 250 ألف ليرة، وهو أعلى سعر يسجله زيت الزيتون في تاريخ سورية.

إنتاج سورية من الزيتون اقترب قبل اندلاع الثورة عام 2011 من 900 ألف طن سنوياً، قبل أن يتراجع خلال السنوات الأخيرة

وحول ما يشاع عن تلقّي معاصر الزيتون أجورهم من مواسم المزارعين بمحافظة إدلب كبرى مناطق الإنتاج، يضيف المزارع السوري أن معظم معاصر الزيتون تقع شرقي إدلب، المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد، ما زاد من الطلب على نحو 15 معصرة في المناطق المحررة.

بدورها، تبدي المهندسة الزراعية بتول أحمد، استغرابها من "استعجال" المزارعين في شمال غرب سورية جني الزيتون مبكراً هذا الموسم، إذ أنه من المعتاد ووفق عقود من الزمن، أن يبدأ القطاف منتصف أكتوبر/تشرين الأول حتى ديسمبر/كانون الأول، لأن كثيرين يعولون على الأمطار خلال هذه الفترة، خاصة أن الموسم شهد جفافاً، ولا قدرة للمزارعين على الري بالصهاريج بسبب ارتفاع أسعار المياه.

وتوقعت بتول، خلال اتصال مع "العربي الجديد"، أن يكون سبب تعجيلهم بجني المحصول مخاوف المزارعين من حرب واجتياح قوات بشار الأسد مناطقهم، لينقذوا مواسمهم قبل معارك باتت برأيهم متوقعة، بعد التصعيد من تركيا وقوات الأسد خلال الأسابيع الأخيرة.
وفي حين كشفت مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة بحكومة بشار الأسد، عبير جوهر، أن الإنتاج النهائي للزيتون للموسم الحالي "لا يمكن تقديره حالياً ما دامت عملية القطاف مستمرة، لكن الأدلة تشير إلى أن إنتاج الزيتون للموسم الحالي أقل من التقديرات الأولية بنسبة لا تقل عن 10 بالمائة".

وترجع المهندسة الزراعية السورية، تراجع الإنتاج إلى "خروج نحو مليون شجرة العام الماضي من الإنتاج، بسبب الحرائق وارتفاع الحرارة خلال الصيف الماضي وما شهدناه من تساقط ثمار هذا الموسم، يزيد التوقعات بتراجع الإنتاج إلى ما بين 600 و650 ألف طن".

وتشير إلى أن إنتاج الموسم الماضي لم يزد عن 820 ألف طن من الزيتون، ونحو 140 ألف طن من الزيت، من مساحة مزروعة بالزيتون في عموم سورية، تقدر بنحو 696.363 هكتاراً".

اقتصادي سوري: تراجع الاستهلاك وزيادة الإنتاج عن طلب الأسواق، هو نتيجة ارتفاع الأسعار، وليس نتيجة الكفاية كما يردد البعض

من جانبه، يتوقع الاقتصادي السوري محمود حسين، أن يتعدى سعر كيلو زيت الزيتون 20 ألف ليرة هذا العام، لأن السعر حاليا في ذروة الإنتاج يتراوح بين 15.5 و16 ألف ليرة، وهو سعر "طبيعي" إذا ما قيس مع التكاليف، أو مع أسعار زيت الذرة وعباد الشمس في الأسواق والتي لا تقل عن 11 ألف ليرة سورية للكيلوغرام الواحد.

ووفق حسين، فإن بلاده خسرت "هذه الثروة" ضمن خسائرها في المواسم الزراعية والثروات الباطنية، قائلا إن سورية التي كانت تصدّر القمح "على سبيل المثال" حين وصل إنتاجها إلى نحو 4 ملايين طن في تسعينيات القرن الماضي، تستورد الدقيق والقمح منذ نحو سبع سنوات، مقدراً الاستهلاك السنوي من القمح بأكثر من 2.5 مليون طن، في حين لا يزيد الإنتاج عن مليون طن في عموم سورية "مناطق النظام والمعارضة والإدارة الذاتية".

يحذر الاقتصادي السوري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، من استمرار تصدير نظام الأسد زيت الزيتون بهدف جني الدولار، خصوصاً أنّ روسيا عينها على الزيت السوري ووقّعت عقوداً استباقية "قبل بدء الموسم" خلال زيارة وفد رابطة المستوردين والمصدرين في مجال الرعاية الصحية الروسية دمشق قبل شهرين.

وحول أسباب التخوف من التصدير إن كان الإنتاج، رغم التراجع، يفوق الاستهلاك المحلي، يبيّن حسين أن استهلاك سورية من زيت الزيتون، في الظروف العادية، نحو 90 ألف طن من زيت الزيتون، وفق إحصاء المجلس الدولي للزيتون الذي يقول إن السوري يستهلك نحو 4.5 كيلوغرامات من زيت الزيتون سنوياً، ونحو 30 كيلوغراماً زيت أسرة. لكن اليوم، في ظلّ غلاء أسعار اللحوم والزيوت النباتية، سيزيد استهلاك السوريين من زيت الزيتون.

السوري يستهلك نحو 4.5 كيلوغرامات من زيت الزيتون سنوياً، ونحو 30 كيلوغراماً زيت أسرة. لكن اليوم، في ظلّ غلاء أسعار اللحوم والزيوت النباتية، سيزيد الاستهلاك

ويؤكد الاقتصادي السوري، أنّ تراجع الاستهلاك وزيادة الإنتاج عن طلب الأسواق، هو نتيجة ارتفاع الأسعار، وليس نتيجة الكفاية كما يردد البعض.
يُذكر أنّ إنتاج سورية من الزيتون اقترب قبل اندلاع الثورة عام 2011 من 900 ألف طن سنوياً، قبل أن يتراجع خلال السنوات الأخيرة.

المساهمون