دول الخليج تفضّل العمالة الهندية... تعرف على الأسباب

27 نوفمبر 2024
عامل في موقع بناء بالعاصمة السعودية الرياض (فايز نور الدين/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تمثل العمالة الهندية جزءاً كبيراً من اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي بسبب تكاليفها المنخفضة، مع تساؤلات حول استبدالها بعمالة عربية أو وطنية لتقليل البطالة.
- التحويلات المالية الكبيرة من الهند تعزز العلاقات الاقتصادية مع الخليج، لكن التطور التقني قد يقلل الاعتماد على العمالة الأجنبية مستقبلاً، ويوصى بتوسيع فرص العمل داخلياً وخارجياً.
- يشير الخبير خلفان الطوقي إلى أهمية العمالة الهندية تاريخياً واقتصادياً، داعياً لاستراتيجية متوازنة لتجنب الهيمنة الديموغرافية والاقتصادية.

 

تمثل العمالة الهندية في دول مجلس التعاون الخليجي عنصراً رئيسياً في الاقتصاد، وفي ظل اتجاه دول المجلس نحو توطين الوظائف يبرز تساؤل بشأن إمكانية استبدال العمالة الهندية بأخرى عربية أو وطنية تقضي على البطالة، ومدى ما تمثله كثافة الهنود في أسواق العمل من تهديد لاقتصادات دول المنطقة.
فالعمالة الهندية لا تزال مفضلة لدى كثير من دول الخليج بسبب انخفاض تكاليفها مقارنة بالعمالة الأخرى، ما جعل الجالية الهندية الأكثر عدداً في دول مجلس التعاون.

وحسب بيانات البنك الدولي المنشورة بتقرير الهجرة العالمية لعام 2024 الصادر عن المنظمة الدولية للهجرة، فإنّ الهند هي أول دولة على الإطلاق تتجاوز التحويلات المالية التي تستقبلها مستوى 100 مليار دولار من مختلف دول العالم.
وعزز ذلك من متانة العلاقات الاقتصادية بين الهند ودول الخليج، لكنه لم يعطِ استثناء للعمالة الهندية من اتجاه توطين الوظائف في دول مجلس التعاون، حسب تقرير نشره موقع ذا هندو في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، مشيراً إلى تقديرات ترجح استمرار الاعتماد على العمالة الأجنبية في الخليج، خصوصاً في الوظائف ذات المهارات المنخفضة، ما لم تنفذ مبادرات أتمتة كبيرة.

أعداد كبيرة من العمالة في الخليج

كما أنّ الفجوة في الإنتاجية بين العمال المحليين والمهاجرين قد توفر فترة عازلة قبل أن يُستبدل العمال المهاجرون بشكل كامل، بحسب تقرير الموقع الهندي. وبحسب المركز الإحصائي لدول الخليج لعام 2023، فإنّ عدد العمال الهنود في دول مجلس التعاون الخليجي قدّر بحوالي تسعة ملايين شخص. هذه العمالة تمثل جزءاً كبيراً من إجمالي العمالة الوافدة، حيث يتركز معظمهم في السعودية والإمارات.

ويعمل أكثر من 13.8 مليون أجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي، يمثلون نحو 69.3 بالمائة إجمالي الأيدي العاملة بالمجلس البالغة 20 مليوناً، حسب أرقام المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون.
ويضم مجلس التعاون الخليجي ست دول، هي السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عُمان، ويبلغ عدد سكانه 53 مليون نسمة.
وتمثل الزيادة في عدد العمالة الهندية تعارضاً مع الأهداف المعلنة رسمياً لزيادة توظيف المواطنين الخليجيين، وعلى سبيل المثال لا يزال العمال الهنود يمثلون نسبة كبيرة من القوى العاملة في القطاعات المختلفة بالمملكة، خاصة قطاعي النفط والخدمات.
ولذا يخلص تقرير "ذا هندو" إلى أن الحاجة للعمالة الأجنبية في الوظائف منخفضة المهارة على المدى القصير ستظل مستمرة في الخليج، لكن التطوّر التقني في تلك الدول سيعمل على تقليلها تدريجياً، ويوصي الحكومة الهندية بتوسيع فرص العمل داخلياً وخارجياً لمواجهة هذه التحولات.

عمالة رخيصة 

وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي العُماني، خلفان الطوقي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الجالية الآسيوية بوجه عام، والهنود بوجه خاص، يتميزون بعمق تاريخي وأهمية اقتصادية متزايدة، باعتبارهم من أقدم الجاليات الموجودة في بلدان الخليج، مشيراً إلى تقديمهم خدمة العمالة الرخيصة مقارنةً بالجاليات العربية.
ويوضح الطوقي أن الهنود يتميزون بنمط حياة اقتصادي يتسم بانخفاض التكاليف المعيشية بشكل كبير، فضلاً عن توفر البعد الثقافي المهم للجالية الآسيوية للعيش في بلدان الخليج، حيث يتقن العديد من الخليجيين اللغة الهندية والأردية، ما يسهل التواصل والتفاهم بين الجانبين.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ومن المميزات الجغرافية والتاريخية التي تعزز مكانة الهنود كاختيار مفضل لدى دول الخليج: القرب من المحيط الهندي وبحر العرب، ما أدى إلى نشوء علاقات تعاون تجاري متينة عبر التاريخ، حسب الطوقي.

وفيما يتعلق بالاختلافات في متطلبات المعيشة، يوضح الخبير أن العمالة العربية غالباً ما تكون مرتبطة بالتزامات مالية متعددة تشمل دعم الأسرة والترفيه الشخصي، وهو ما لا يشترطه العامل الهندي بالضرورة.
وبالمقارنة تفضّل أغلب الشركات والمؤسسات في دول الخليج مميزات العمالة الآسيوية، بخاصة الهنود والباكستانيين والبنغلادشيين، حسب الطوقي، الذي يلفت إلى أن أبناء هذه الجنسيات يظهرون قدرة أكبر على العمل في مجالات معينة، خاصة في قطاعي الزراعة والبناء.
وفي قطاع التجارة، يشير الطوقي إلى تردد التجار بدول الخليج في التوسع باتجاه الاعتماد على العمالة العربية، مع وجود تخوفات من نجاح التجربة في ضوء ارتفاع متطلبات تلك العمالة.
وإزاء ذلك، يدعو الطوقي إلى وضع استراتيجية متوازنة لتركيبة القوى العاملة في دول الخليج، وينبه إلى أهمية تحديد نسب محددة للجنسيات المختلفة لتجنب الاستحواذ أو الهيمنة من قبل جنسية معينة.
ويحذر الطوقي، في هذا الصدد، من العواقب الديموغرافية المحتملة التي قد تتعرض لها دول الخليج، مؤكداً أن طغيان جنسية معينة يشكل خطراً على الاقتصاد والأمن الوطني للدول. ويخلص الطوقي إلى ضرورة تدخل دول الخليج لوضع تشريعات تحدد النسب المسموح بها للجنسيات المختلفة، بما يضمن التوازن الديمغرافي والاقتصادي للسوق.

المساهمون