دافوس يعود شتاءً... نذر ركود وأزمات معيشية

16 يناير 2023
المنتدى ينعقد وسط أزمات اقتصادية وبيئية وجيوسياسية (الأناضول)
+ الخط -

يعود المنتدى الاقتصادي العالمي إلى الانعقاد في دافوس خلال الشتاء، للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، وسط أزمات صاخبة، إذ يواجه العالم نذر ركود مؤلم وقلق كبير من مخاطر تكاليف المعيشة المتصاعدة، واستمرار تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، لترتسم ملامح عالم جديد يسوده التفكك.

وتسبب وباء كورونا والإغلاقات اللاحقة التي نجمت عنه، في إلغاء اجتماعات يناير/ كانون الثاني عامي 2021 و2022. ومع عودة الأمور إلى طبيعتها، يجتمع أكثر من 2700 سياسي ومسؤول تنفيذي ومستثمر ومصرفي وأكاديمي، في الفترة من الثلاثاء إلى الجمعة المقبلين، في منتجع التزلج السويسري.

قالت سعدية زاهدي مديرة المنتدى لتلفزيون بلومبيرغ: "نواجه خطر نشوء أزمات متعددة، بسبب تزامن أحداث عدة تدفع القادة إلى مواجهة أوقات عصيبة ربما ليسوا مستعدين لها".

لن يحضر من قادة مجموعة السبع سوى المستشار الألماني، أولاف شولتز. ومن الصين، يتحدث نائب رئيس مجلس الدولة، ليو خه، فيما سيحضر رؤساء الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفنلندا، واليونان، وإسبانيا، والفلبين، وجنوب أفريقيا، وكوريا الجنوبية.

ويضم وفد الولايات المتحدة، وزير العمل، مارتي والش، والممثلة التجارية، كاثرين تاي، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كريستوفر راي. في المقابل يحضر إلى المنتدى نحو 100 ملياردير، أغلبهم من الولايات المتحدة.

ويناقش جدول أعمال المؤتمر الـ53 من خلال جلسات عدة، موضوعات مثل "التعاون وسط عالم مفكك"، فيما تتزامن الاجتماعات مع تزايد المخاوف بشأن قضايا عدة، من بينها الركود العالمي الذي يلوح في الأفق، وارتفاع تكلفة المعيشة، بالإضافة إلى التحفظات على جهود مكافحة تغير المناخ، في ظل مؤشرات على تراجعها.

ومن جديد، يغيب الأوليغارشية الروس، الذين ساهموا في تمويل الحفلات والإعلانات في السابق في المنتدى، حيث جاء قرار تجميد مشاركتهم عقب الغزو الروسي لأوكرانيا نهاية فبراير/ شباط الماضي، وما تبع ذلك من عقوبات دولية على موسكو ورجال الأعمال المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين. في المقابل، يمثل أوكرانيا وفد حكومي.

وإلى جانب تأثير غياب أباطرة المال الروس على المنتدى، يبدو أن انهيار العملات المشفرة، قد ينعكس أيضاً على تمويل هذه الفعالية الدولية، إذ يتراجع عدد الممولين الجدد الذين ظهروا خلال انعقاد المنتدى في مايو/ أيار الماضي، إذ كانت منصة إف تي إكس لمالكها الأميركي سام بانكمان فريد، أحد شركاء المنتدى. ورغم ذلك، تضم أجندة المنتدى جلسات نقاشية حول مستقبل العملات المشفرة والرقمية.

ويبدو أنّ هناك العديد من القضايا الصاخبة التي تحتاج إلى مناقشتها، إذ أظهر تقرير المخاطر العالمية السنوي الذي يستند إلى استطلاع أجراه المنتدى شمل 1200 خبير وصانع قرار، أن مخاطر الركود وأزمة ارتفاع تكلفة المعيشة وتزايد الديون، تهيمن على آفاق الاقتصاد للعامين المقبلين.

وتُشكل أزمة تكلفة المعيشة الناجمة عن التضخم الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا وإعادة فتح الاقتصاد بعد وباء كورونا، الخطر العالمي الأول خلال العامين المقبلين، وفقاً للتقرير الذي جرى الكشف عنه نهاية الأسبوع الماضي، ما قد يتسبب في حدوث توترات شديدة في مناطق عدة من العالم، ويدفع الملايين من الناس إلى هوة الفقر المدقع مع تأجيج التوترات المجتمعية، ليتجاوز مخاطر الكوارث الطبيعية، والأحداث المناخية القاسية، أو حتى النزاعات.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وبالتوازي، فإنّ الأزمات المرتبطة بالتنافس الجيوسياسي واستئناف التسلح والعسكرة بين مختلف البلدان "تهدد بخلق ضائقة مجتمعية على مستوى غير مسبوق، مع غياب الاستثمارات في الصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، ما يفاقم من تآكل التماسك الاجتماعي".

وخفض البنك الدولي، الأسبوع الماضي، توقعاته لنمو معظم الاقتصادات والمناطق، وحذر من احتمال تعرض الاقتصاد العالمي للركود في حالة ظهور مشكلات جديدة تعوق النمو.

وقال الأستاذ في جامعة هارفارد، كينيث روغوف، الذي يحضر المنتدى بانتظام: "نشهد عصراً مليئاً بالعديد من الصدمات، وربما نعيش نقطة تحول بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي".

ووفق صحيفة ذا غارديان البريطانية، أمس الأحد، كان المزاج في دافوس في الماضي يتأرجح بين التفاؤل الشديد والتشاؤم الجامح، اعتماداً على حالة الاقتصاد العالمي، لكن هذا العام يبدو التشاؤم مسيطراً.

وبحسب كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي فإنّ "الأزمات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والجيوسياسية تتقارب وتختلط".

المساهمون