خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية، التصنيفات الائتمانية لـ 10 بنوك أميركية صغيرة ومتوسطة، وحذرت من احتمال تقليص تصنيف مصارف كبرى، وذلك بعد أيام من خفض وكالة فيتش تصنيف الولايات المتحدة الأميركية لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، وسط تحذير من عبء الديون المتزايد على البلاد.
وذكرت "موديز" عبر مجموعة مذكرات نشرتها في وقت متأخر من مساء الاثنين، أن خفض تصنيف البنوك العشرة يأتي في ضوء زيادة تكاليف التمويل، وضعف رأس المال المحتمل وفقاً للمتطلبات التنظيمية، والمخاطر المتفاقمة المرتبطة بالقروض العقارية التجارية في ظل ضعف الطلب على المساحات المكتبية.
من بين البنوك التي تعرضت لتخفيض تصنيفها، "إم أند تي بنك" و"ويبستر فاينانشال"، و"بي أو كيه فاينانشال"، و"أولد ناشيونال بانكورب"، و"بيناكل فاينانشال بارتنرز"، و"فولتون فاينانشال". واعتمدت "موديز" أيضاً نظرة مستقبلية سلبية لـ11 بنكاً، منها "هنتنغتون بانكشيرز"، و"بي إن سي فاينانشال سيرفيسيز غروب"، و"كابيتال ون فاينانشال"، و"فيفث ثيرد بانكورب".
حذرت موديز من احتمال تقليص تصنيف بنوك كبرى، بما فيها "يو إس بانكورب" و"بنك أوف نيويورك " و"ستيت ستريت"، في إطار نظرة شاملة للضغوط المتنامية على القطاع
وحذرت الوكالة من احتمال تقليص تصنيف بنوك كبرى، بما فيها "يو إس بانكورب" و"بنك أوف نيويورك ميلون" و"ستيت ستريت" و"ترويست فاينانشيال"، في إطار نظرة شاملة للضغوط المتنامية على القطاع.
كان المستثمرون، الذين ساورهم القلق بشدة جراء إفلاس مصارف إقليمية في كاليفورنيا ونيويورك في وقت سابق من العام الجاري 2023، يراقبون بشدة بروز علامات على وجود ضغوط بالقطاع، في وقت تضطر المصارف بسبب رفع أسعار الفائدة، إلى دفع المزيد على الودائع، بالتزامن مع ارتفاع تكلفة التمويل من مصادر بديلة.
في غضون ذلك، تتآكل قيمة أصول المصارف جراء ارتفاع أسعار الفائدة، ما يُصعب على المقترضين العقاريين التجاريين إعادة تمويل ديونهم، الأمر الذي قد يضعف الميزانيات العمومية للمصارف.
وقالت موديز في مذكرة منفصلة وفق وكالة بلومبيرغ، إن "مخاطر الأصول تستمر في التصاعد، خصوصاً بالنسبة إلى المصارف الصغيرة والمتوسطة التي تعاني جراء تعرضها الكبير لمخاطر الائتمان".
وأشارت إلى أن بعض البنوك كبحت نمو القروض، وهو ما يحافظ على رأس المال، لكنه يبطئ أيضاً التحوّل في مزيج قروضها، نحو الأصول مرتفعة العوائد.
وتُعَدّ المصارف التي لديها معدلات أعلى من الودائع غير المؤمن عليها، أشد عرضة لهذه الضغوط، خصوصاً المصارف التي تملك مستويات مرتفعة من الأوراق المالية والقروض ذات سعر الفائدة الثابت.
والأسبوع الماضي، فقدت الولايات المتحدة تصنيفها الائتماني السيادي من الدرجة الأولى من قبل وكالة "فيتش".
خفض تصنيف بنوك صغيرة ومتوسطة بمثابة تحذير من احتمال تعرضها لمخاطر في الفترة المقبلة شبيهة بسيناريو الانهيار الذي تعرضت له مصارف كبرى
وخفّضت فيتش التصنيف الائتماني لأميركا درجة واحدة من "AAA" إلى "+AA"، لتكرر خطوة اتخذتها وكالة "ستاندارد آند بورز" منذ أكثر من عشر سنوات، الأمر الذي أزعج إدارة الرئيس جو بايدن.
وأشارت وكالة التصنيف الائتماني إلى أن خفض تصنيف أميركا يعكس التدهور المالي المتوقع على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وعبء الدين الحكومي العام المرتفع والمتزايد، وتآكل الثقة خلال العقدين الماضيين مقارنة بالدول المصنفة عند "AA"و"AAA".
لكن وزيرة الخزانة جانيت يلين، ردت سريعاً في وقت متأخر من مساء الثلاثاء الماضي على خفض التصنيف، ووصفته بأنه "تعسفي" و"خارج إطار الزمن".
وعقب الخفض اهتزت أسواق المال العالمية، إذ تراجعت أسعار الأسهم في البورصات الرئيسية داخل أوروبا واليابان والصين وغيرها من دول العالم، وزاد الإقبال على شراء الذهب وسط احتماء المستثمرين بالأصول الآمنة.
لكن تلك الأسواق استردت استقرارها في الأيام اللاحقة مع تأكيدات من مسؤولين ومؤسسات مالية وخبراء باستبعاد أن يكون لخطوة التخفيض آثار كبيرة على الاقتصاد الأميركي.
في المقابل، إن خفض تصنيف بنوك صغيرة ومتوسطة بمثابة تحذير من احتمال تعرضها لمخاطر في الفترة المقبلة شبيهة بسيناريو الانهيار الذي تعرضت له مصارف كبرى في مارس/آذار الماضي، منها سيليكون فالي، وفق محللين.
فالخطر التالي الذي يلوح في الأفق على البنوك، يأتي من سوق العقارات التجارية البالغة 20 تريليون دولار، التي تشهد أسعارها تراجعاً لافتاً، بينما تقدر محفظة قروض هذه النوعية من العقارات ومستحقة السداد قبل عام 2025 بنحو 1.5 تريليون دولار، وهي قنبلة موقوتة محتملة، وفق تقرير لصحيفة "بوليتيكو" الأميركية.