استمع إلى الملخص
- تشير الدراسات إلى أن الترحيل قد يخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% إلى 0.4% بحلول 2025، مع ارتفاع تكاليف العمالة والتضخم في بعض القطاعات.
- في كاليفورنيا، تتزايد المخاوف بشأن تأثير الترحيل على القطاع الزراعي، وتسعى الولاية لحماية مصالحها من خلال إصلاح نظام الهجرة وإنشاء صندوق تقاضٍ لدعم الموارد القانونية.
تواجه سوق العمل الأميركية، التي شهدت تحسناً بفضل تسارع عمليات الهجرة بعد جائحة كوفيد، تهديداً من خطة الرئيس المنتخب دونالد ترامب لترحيل ملايين المهاجرين غير الموثقين، في وقت ما زال معدل البطالة في الاقتصاد الأميركي فيه قريباً من أدنى مستوياته فيما يتجاوز نصف قرن.
وشغل العمال الأجانب في الولايات المتحدة وظائف في قطاعات متعددة، تتراوح بين البناء والزراعة، وتمتد إلى التكنولوجيا والرعاية الصحية، وهي مجالات تجد الشركات صعوبة في العثور على عمالة محلية لسد احتياجاتها فيها. ووفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل، شكّل العمال المهاجرون 18.6% من القوى العاملة العام الماضي، وهو مستوى غير مسبوق في الاقتصاد الأكبر في العالم.
لم يُعرف بعد توقيت ونطاق تنفيذ خطة ترامب، ولكن الشركات والاقتصاديين يحاولون تقدير حجم التأثيرات السلبية التي قد تسببها عمليات الترحيل على الاقتصاد الأميركي. وتقول جيني موراي، الرئيسة التنفيذية للمنتدى الوطني للهجرة، وهي منظمة غير حزبية وغير ربحية تدافع عن حقوق المهاجرين، إن "الشركات الأميركية ستشعر بضغوط على تكاليف العمالة، وبحسب مستوى مهارة العمال الذين يجري ترحيلهم، سنخسر المعركة للحصول على العمالة". وأضافت في تصريح لشبكة "سي أن بي سي" الاقتصادية: "سنواجه أزمة عمالة كبيرة".
من جهتها، حاولت حملة ترامب تقليل أهمية التداعيات الاقتصادية للترحيلات، وقالت المتحدثة باسم فريق ترامب-فانس الانتقالي، كارولين ليفيت، في بيان، إن ترامب سيشرف على "أكبر عملية ترحيل في التاريخ الأميركي" مع خفض التكاليف للعائلات وتعزيز قوة العمل في الوقت نفسه. وأضافت: "الشعب الأميركي أعاد انتخاب الرئيس ترامب بأغلبية ساحقة مانحاً إياه تفويضاً لتنفيذ وعوده الانتخابية، مثل ترحيل المجرمين المهاجرين، واستعادة عظمتنا الاقتصادية. إنه ملتزم بتحقيق ذلك".
لكن الاقتصاديين يشككون في قدرة ترامب على تنفيذ خططه للهجرة دون إضعاف سوق العمل. وفي دراسة حديثة لمؤسسة بروكينغز، قام الباحثون بتقييم التأثير المحتمل على سوق العمل والناتج المحلي الإجمالي الأميركي لعام 2025 في سيناريوهات تتراوح بين الهجرة المرتفعة والمنخفضة. وقدّر الباحثون أن سياسة الهجرة التي يقترحها ترامب قد تخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 بنسبة تتراوح بين 0.1% و0.4%، أي ما يعادل خسائر تتراوح بين 30 مليار دولار و110 مليارات دولار. وأضاف الباحثون: "بعد عام 2025، سيظل الاقتصاد في السيناريو الأدنى أصغر بشكل ملحوظ مقارنة بالسيناريوهات الأخرى". وأشاروا إلى أن تداعيات سياسة ترحيل واسعة النطاق ستكون مزعزعة للاقتصاد بطرق غير متوقعة، ولم يجر تضمينها في هذا التحليل.
وتقول ويندي إدلبيرغ، وكانت ضمن المشاركين في إعداد الدراسة وزميلة بارزة في مشروع هاميلتون التابع للمؤسسة، إنه في القطاعات التي ستشهد انخفاضاً كبيراً في إمدادات العمالة، سيصبح من الأغلى على الشركات تقديم السلع والخدمات، مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم. ومع ذلك، أوضحت إدلبيرغ أن هناك عوامل أخرى قد تخفف من التضخم، حيث قالت: "إذا كنا نتحدث عن التأثير على التضخم بشكل عام، فعلينا أن نفكر في الجانب الآخر من المعادلة، وهو أننا سنشهد طلباً أقل على السلع والخدمات، لأن المهاجرين لن يكونوا هنا". وأشارت إلى أن المهاجرين الذين سيبقون، وخصوصاً الجدد منهم، سيقللون من إنفاقهم بسبب حالة عدم اليقين بشأن مستقبلهم.
كاليفورنيا وخطط ترامب لترحيل العمالة
وفي كاليفورنيا، التي يعتمد ثلث عمالها على المهاجرين بين عامي 2021 و2023، تراقب القطاعات الزراعية بشكل خاص التطورات المتعلقة بخطط الهجرة، إذ يعتمد القطاع بشكل متزايد على عمال تأشيرات H-2A المؤقتة لسد احتياجات الإنتاج. وأعربت مجموعات صناعية عن أملها في إصلاح نظام الهجرة مع تشكيل الإدارة الجديدة. وقالت شانون دوغلاس، رئيسة مكتب مزارعي كاليفورنيا، في بيان: "نتطلع للعمل مع الإدارة الجديدة وممثلي الكونغرس على إصلاح شامل لقوى العمل الزراعية في العام المقبل". وأضافت: "معالجة النقص المزمن في العمالة في المزارع والمزارع الحيوانية وتقليل الحواجز أمام التوظيف أمر حيوي، ليس فقط للمزارعين ولكن أيضاً للعمال الذين يمثلون شريان الحياة لزراعة ولايتنا".
وأضافت دوغلاس أن الحل يكمن في إصلاح نظام الهجرة، خاصةً تأشيرات H-2A التي تسمح للعمال من بعض الدول بدخول الولايات المتحدة مؤقتاً للعمل في المزارع، بالإضافة إلى منح الوضع القانوني المكتسب للقوى العاملة الحالية. من جانبها، أشارت موراي من المنتدى الوطني للهجرة إلى أن ترحيل العمال قد يتسبب في إغلاق بعض المزارع بالولاية، مما يزيد من الاعتماد على استيراد الغذاء من الخارج بسبب نقص العمالة.
وفي الوقت نفسه، تستعد كاليفورنيا لمواجهة الإدارة القادمة بشكل خاص، حيث عقد الحاكم غافين نيوسوم جلسة تشريعية خاصة الأسبوع الماضي للعمل على "حماية" الولاية مما وصفه مكتبه بالتجاوزات الفيدرالية المحتملة. ويعمل نيوسوم مع المشرعين لإنشاء صندوق تقاض جديد يصل إلى 25 مليون دولار لدعم الموارد القانونية في الولاية تحسباً "لمقترحات سياسة قد تضر بالولاية"، وفقاً لبيان صدر عن مكتبه في 2 ديسمبر/ كانون الأول الجاري. وتشمل القضايا المتوقعة حقوق الإنجاب والهجرة والقضايا البيئية.
من جهته، أصدر المدعي العام للولاية روب بونتا، يوم الأربعاء، توجيهات محدثة للمؤسسات العامة بشأن الامتثال للقوانين التي تحد من مشاركة الدولة والمحليات في أنشطة إنفاذ قوانين الهجرة. وقال في بيان: "بغض النظر عن اسم ساكن البيت الأبيض، سنستمر في كاليفورنيا في قيادة الطريق بقيمنا". وأضاف: "كاليفورنيا هي الولاية الأكثر تنوعاً في البلاد، والمهاجرون هم العمود الفقري لاقتصادنا وتاريخنا وثقافتنا. لن نكون متساهلين إذا نفذ الرئيس المنتخب تهديداته بترحيل جماعي".