خطة نابليون بالديون الكريهة

25 ديسمبر 2024
إيران طالبت الحكومة الجديدة بديون كانت على نظام الأسد، دمشق في 9 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- دعمت روسيا وإيران نظام الأسد بالديون والأسلحة، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية وتراكم ديون تُقدر بنحو 100 مليار دولار، والآن تطالبان باسترداد ديونها.
- تُعتبر هذه الديون "كريهة" وفقًا للقانون الدولي لأنها استُخدمت لأغراض تدميرية، مما يستدعي تشكيل فرق قانونية لمراجعة الاتفاقات مع نظام الأسد.
- يجب على الحكومة السورية الانتقالية متابعة "خطة نابليون" لمواجهة مطالبات إيران وروسيا، بما في ذلك دعاوى قانونية لتعويضات إعادة البناء ودعم النازحين.

"الهجوم خير وسيلة للدفاع" وليس عدا ذلك من طريق ربما، يمكن أن يحفظ حقوق السوريين، ويقلب المعادلة على شركاء الأسد بقتل الحلم والإنسان وتمويل حربه الطويلة مذ أعلن السوريون ثورتهم لنيل الكرامة والعدالة باقتسام الثروة وتداول السلطة، حتى نافت الخسائر 400 مليار دولار، وقد تصل كلف إعادة الإعمار لتبلغ نحو 800 مليار.

وبدل الأسف والاعتراف بمدى وحجم الجريمة، حاولت، روسيا وإيران محاصرة حلم السوريين، بعد إسقاط النظام وهروب رئيسيه، عبر مطالبات بالديون ووعيد بإيقاظ فلول النظام، علهم يعوقون تطلع الشعب لدولة تنفض عنها صفة المزرعة، ولمواطنة تلغي ذل ونهج الرعايا.

قصارى القول: ما إن هرب بشار الأسد، سارقاً ما تبقى من احتياطي المصرف المركزي وما جمعه من إتاوات وثروات سورية، حتى خرجت علينا إيران تطالب بديونها وتلمّح روسيا بالبقاء ببعض المواقع وحقول النفط والفوسفات، لتسترد ديونها، خشية أن لا تكفي الأموال والاستثمارات الأسدية بموسكو، تعويض القروض وثمن الأسلحة المتراكمة منذ 2015. لتضاف "ديون كريهة" تقدر بنحو 100 مليار دولار، إلى التركة الثقيلة التي خلفها الرئيس الهارب، بعد أن هدم البنى والهياكل وهجر الطاقات والكفاءات.

وسعي طهران للإعاقة وربما أكثر، لم يعد موضع ظن وتخمين، فقبل تصريحات وزير خارجية إيران المبطنة أخيراً، أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، بوضوح، أن لإيران على سورية ديوناً بنحو 50 مليار دولار، كانت مترتبة على نظام الأسد وسيتحملها النظام السياسي الجديد، وفق الاتفاقات والقانون ومبدأ خلافة الدول، كما قال حرفياً.

من دون أن يفكر أو يسأل نفسه ومن دفعه بلحظة الانتصار والتحوّل السوري، أين استخدمت تلك القروض؟ وما هي المشروعات الاقتصادية والخدمية التي ينعم بها السوريون اليوم جراء تلك الديون؟ متجاهلاً أن تلك الديون لم تنعكس على الاقتصاد والبنية التحتية ورفاه السوريين، بل تجلت بأسلحة وبراميل متفجرة قتلت الشعب، وهدمت سورية، وكانت سبباً بتراكم التكاليف وارتفاع إعادة الإعمار.

ولكن، قد يكون للقانون الدولي رأيه، وفق مبدأ "استمرارية الدول" على أن القروض منحت وفق اتفاقات للدولة السورية وليس لشخص بشار الأسد، ما يحيل كلام "الرد والاتهامية" إلى غير ذي جدوى، وقد تصدر المحاكم الدولية ما يزيد من الأعباء المالية على سورية الجديدة، ويضعها بين خيارات، عودة تسلل إيران من جديد، أحدها.

لذا، ووفق "خطة نابليون" لا بد مما ليس منه بد، من خلال التحرك لإثبات أن ديون إيران وروسيا، هي "كريهة أو بغيضة" بحسب الوصف القانوني والسياسي للأموال التي يحصلها القادة خلال الحروب ويستخدمونها لأغراض خاصة أو تدمير وقتل، وليس في مطارح تنموية تنعكس على الشعوب.

بالتوازي مع تشكيل فرق قانونية متخصصة، لمراجعة جميع الاتفاقات المبرمة، بين نظام الأسد المخلوع والدول الخارجية، خلال فترة الثورة، لتأكيد أن القروض والمنح وحتى رهن الثروات، لم تخدم مصالح الدولة والشعب، بل أُنفقت لإطالة عمر النظام، وقتها وعلى الأرجح، وفق هذه الحجة، يُمكن إسقاط الالتزام بسداد هذه الديون.

نهاية القول: قد تقتضي حقوق السوريين وضرورة الحفاظ على ثرواتهم، بل وإنصافهم بعد القتل والتهجير لأكثر من عقد، أن تبدأ الحكومة السورية الانتقالية بعد الاعتراف بها أو الحكومة التي ستليها بعد شهرين، بمتابعة "خطة نابليون" ليس للحماية وإجهاض خطط إيران وروسيا بالإعاقة وتعطيل تطلعات السوريين، بل ربما بحركة "كش مات" عبر دعاوى سورية تلزم البلدين الداعمين الحرب على سورية، بتعويضات تشمل إعادة بناء البنية التحتية المدمرة، وتقديم الدعم للنازحين واللاجئين العائدين، وتعويض الأسر التي فقدت أفرادها.

وقت ذاك، وبدل أن تفكر طهران وموسكو بالهجوم والتحريض ومطالبة السوريين بأموال وديون باطلة، تعودان لوضع الدفاع الذي قد يطاوله، وبالقانون، أحكام لجرائم قتل وإخفاء قسري وتغيير ديموغرافي، ولا تقتصر نتائج أفعالهم الكريهة على ديون كريهة وتعويض كريه، بل الأرجح أن تطاول الأحكام من يعوقون حرية الشعوب وقتلة الأحلام.

المساهمون