خسائر زلزال تركيا تخفض النمو الاقتصادي وترفع عجز الحساب الجاري وقد تفوق 10 مليارات دولار
رغم أنه من الصعب حصر خسائر الزلزال الذي ضرب تركيا حتى الآن، حيث إن الكارثة التي ضربت منطقة بحجم مساحة إنكلترا وستكون بالتأكيد مكلفة للاقتصاد التركي، إذ إن الزلزال المروع حدث في ظروف صعبة تواجهها تركيا، إذ تعمل الحكومة التركية على خفض معدل التضخم ومعالجة أزمة الليرة مع بلوغ معدل التضخم السنوي ما يقرب من 58%.
وتقدر تقارير أولية أن تفوق الخسائر عشرات المليارات حينما يتم حصر الدمار الذي حدث للمباني والشركات والمساكن.
في هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي في مصرف " بنك أوف أميركا" في تركيا، زومروت إمام أوغلو في مذكرة: "من الصعب للغاية وضع أرقام على التكلفة الإجمالية في هذه المرحلة"، لكن التكلفة التقديرية لإعادة الإعمار للمباني المنهارة والمتضررة في تركيا قد تراوح بين 3 و5 مليارات دولار، كما مطلوب مبالغ تراوح بين 2 و3 مليارات دولار لدعم المتضررين".
ولكن الخبير إمام أوغلو يقول إن هناك العديد من التكاليف الأخرى المرتبطة بالكارثة مثل إصلاح شبكة الطاقة والنقل وتدمير النشاط التجاري وزيادة القروض المتعثرة والتكاليف الإنسانية الأخرى.
في ذات الصدد يقول مؤسس شركة "كريبستون ستراتيجيك ماكرو"، مايك هاريس الأميركية لقناة "سي أن بي سي"، إن الزلزال ستكون له تداعيات سالبة على خطط الحكومة التركية الخاصة بالتخلص من دولرة الاقتصاد. وكانت الحكومة قد ابتدعت سياسة للتخلص من الاعتماد على الدولار.
في ذات الشأن، يرى تقرير في موقع " المونتور" أن الاستجابة للكوارث تتطلب الآن زيادة كبيرة في الإنفاق العام بالميزانية لتلبية احتياجات 13.5 مليون شخص متضرر، أو ما يساوي 15.7% من سكان تركيا وإعادة بناء دمار هائل عبر 10 مقاطعات. ونتيجة لذلك يرى التقرير الصادر مساء السبت، أن من المرجح أن ترفع كارثة الزلزال عجز الميزانية الحكومية المتوقع عند 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يهدد بتفاقم عجز الحساب الجاري التركي والمتاعب الاقتصادية الأخرى.
ومن المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي لتركيا قد بلغ في العام الماضي 2022 معدلات تراوح بين 6% و7%، حينما تظهر البيانات الحكومية الرسمية المقرر إصدارها في 28 فبراير/شباط الجاري الخاصة بالنمو الاقتصادي.
وتبلغ توقعات الحكومة للنمو في العام الجاري 5%، لكن العديد من خبراء الاقتصاد يقدرون أن الاقتصاد سيتوسع بنحو 3% في أحسن الأحوال بسبب الهشاشة الحالية للاقتصاد وإجراءات شد الحزام المتوقعة بعد الانتخابات. وبالتالي أن ينخفض هذا المعدل قليلاً بسبب التداعيات الاقتصادية للزلازل.
ووفقًا لتقدير تقريبي تبلغ تكلفة الشقق المدمرة وحدها 6.3 مليارات دولار، بافتراض أن المباني المنهارة تضم حوالي 6000 شقة بمتوسط مليوني ليرة (105000 دولار) لكل منها. وعند احتساب المباني المتضررة التي أصبحت غير صالحة للاستعمال سيصل الرقم إلى 10 مليارات دولار.
ومن المتوقع أن تظهر فاتورة منفصلة بمليارات الدولارات الأضرار التي لحقت بالمرافق العامة والبنية التحتية، بما في ذلك الطرق والجسور والمطارات فضلاً عن المرافق الصناعية والمزارع وغيرها من الشركات.
وبالتالي من المتوقع أن يؤثر الانكماش الاقتصادي الذي يلوح في الأفق في 10 مقاطعات متأثرة بالأضرارعلى الناتج المحلي الإجمالي لتركيا هذا العام.
وحسب التقديرات الحكومية الرسمية بلغ الناتج المحلي الإجمالي لتركيا 862 مليار دولار كما بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 9893 دولاراً.
في برنامجها الاقتصادي متوسط الأجل، تتوقع الحكومة أن يبلغ إجمالي الناتج المحلي 867 مليار دولار في عام 2023، مما يعني أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 10,071 دولارًا، وهو هدف من غير المرجح تحقيقه الآن نظراً لاحتمال زيادة ضعف الليرة.
وحسب تقرير موقع "المونتور"، من المرجح أن ينخفض متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في المقاطعات التي ضربها الزلزال والذي كان بالفعل مجرد ثلثي المتوسط الوطني إلى ما بين 5000 و6000 دولار. ومع ذلك، فإن حملة إعادة التأهيل لإعادة بناء المنازل والمباني التجارية والبنية التحتية، ربما تحد من الانكماش الاقتصادي في المنطقة إلى حد ما.
وتهدد الكارثة بضرر الإنتاج الزراعي للمنطقة المتضررة، والذي يمثل حوالي 15% من إجمالي البلاد. ويمكن أن يؤدي تراجع الإمدادات الزراعية بدوره، إلى زيادة تضخم أسعار الغذاء في تركيا الذي بلغ 71% في يناير/كانون الثاني.
كما من المحتمل وحسب التقرير أيضًا أن يتأثر حجم التجارة الخارجية لتركيا نظرًا للاضطرابات في النشاط الصناعي والنقل والخدمات اللوجستية المتوقعة عبر المنطقة التي دمرها الزلزال، إلى جانب فقدان القوى العاملة. وفي العام الماضي 2022 بلغت قيمة الصادرات من 10 محافظات 21.5 مليار دولار تمثل 8.5% من إجمالي الصادرات التركية، بحسب بيانات رسمية. وشكلت غازي عنتاب وحدها نصف هذه الصادرات، تليها مقاطعة هاتاي التي يوجد بها ميناء بحري يعمل كحلقة وصل لدول الشرق الأوسط، بقيمة 4.1 مليارات دولار من الصادرات وأضنة بقيمة 3.1 مليارات دولار.
ومن شأن تراجع الصادرات من المنطقة، حتى لو كان مؤقتًا أن يضيف إلى مشاكل الحساب الجاري لتركيا. وتشير التقديرات إلى أن عجز الحساب الجاري للبلاد بلغ حوالي 45 مليار دولار العام الماضي. كما أن الاضطرابات في النشاط الصناعي والتجاري ستعني أيضًا تدفق عائدات ضريبية أقل إلى خزائن الخزانة. وأرجأت الحكومة بالفعل جميع الالتزامات الضريبية في المنطقة حتى نهاية يوليو/تموز. وتُظهر البيانات الرسمية أن المقاطعات العشر المتضررة ساهمت بنسبة 7.5% من عائدات الضرائب التركية البالغة 2.3 تريليون ليرة (122.1 مليار دولار) العام الماضي.