خدمة ديون مصر تلتهم 102.5% من إيرادات موازنتها

19 يونيو 2022
ديون الدولة عبء ثقيل على المصريين المرهقين بالضرائب والرسوم (فرانس برس)
+ الخط -

سجل عدد من أعضاء مجلس النواب المصري رفضهم لمشروع موازنة الدولة عن السنة المالية الجديدة (2022-2023)، والتي قدرت الحكومة اعتماداتها بنحو 3 تريليونات و66 ملياراً و300 مليون جنيه، موزعة ما بين المصروفات بنحو تريليونين و70 ملياراً و900 مليون جنيه، ومتطلبات حيازة الأصول المالية البالغة بنحو 30 مليار جنيه، وسداد القروض المحلية والأجنبية بنحو 965 ملياراً و500 مليون جنيه، مع ملاحظة أن خدمة الدين (أصله مع فوائده) تقضم 102.5% من الإيرادات العامة. (الدولار=18.7418 جنيها).

وفي جلسة مناقشة مشروع الموازنة الجديدة، اليوم الأحد، أعلن ممثل الهيئة البرلمانية لحزب "الإصلاح والتنمية"، أيمن أبو العلا، رفضه مشروع الموازنة، وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن العام المالي الجديد، بسبب عدم التزام الحكومة بالإجراءات التقشفية في بنود الموازنة، في وقت تتحدث فيه عن ضرورة ترشيد الإنفاق العام.

وقال أبو العلا: "الموازنة الجديدة خصصت مالية كبيرة للمستشارين في الوزارات، وبنودا للمكافآت والدعاية تصل إلى مليارات الجنيهات، بدلاً من دعم المواطنين البسطاء الذين يعيشون تحت خط الفقر"، مطالباً إياها بـ"التحول من الدعم العيني إلى النقدي، لأنه يساهم بشكل كبير في وصول الدعم لمستحقيه".

وتساءل أبو العلا: "هل وضعت الحكومة نصب أعينها ما يشهده العالم من تغيرات اقتصادية؟ وزيادة في أسعار النفط والمواد الغذائية؟ وكساد عالمي قد يؤثر بالسلب على دخل قناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج؟"، مستطرداً "هذه المعطيات تحتم على الحكومة وضع خطط لمجابهة كل هذه الأزمات".

وعن مخاطر أعباء الدين، قال: "الفوائد وسداد القروض بلغت نحو 1.7 تريليون جنيه في مشروع الموازنة، وهو ما يعادل 102.5% من إيرادات الموازنة، ويساوي 133% من إيرادات الضرائب خلال السنة المالية الجديدة".

وتابع أبو العلا: "الهيئات الاقتصادية تحولت إلى صناديق خاصة بعيداً عن الموازنة، ومصروفاتها تقترب من تريليون و400 مليار جنيه، مقابل إيرادات لا تتجاوز 144 ملياراً، بواقع 14% فقط من جملة المصروفات".

بدوره، قال النائب عن حزب "الوفد"، أيمن محسب، إن "التوسع في الاقتراض الخارجي يقضي على موارد الدولة، والتي يذهب نصفها تقريباً لسداد خدمة الدين"، متسائلاً: "متى ستتحول مصر إلى دولة منتجة؟ وتقلل من الاعتماد على القروض والاستيراد من الخارج؟ وقطاع السياحة لا يحقق الأرقام المطلوبة منه، ويجب على الحكومة العمل على تطويره".

وقال النائب مصطفى بكري: "أرفض مشروع الموازنة عن العام المالي المقبل، لأن هناك مشكلات حقيقية يواجهها المواطن في الشارع. وعلى الحكومة أن تنتصر للغلابة والمسحوقين، لا سيما من أبناء الصعيد".

وشدد بكري على ضرورة وجود استراتيجية واضحة في مواجهة الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها الوطن والمواطن، قائلاً: "القضية ليست في فرض المزيد من الضرائب والرسوم. أين الزراعة والصناعة؟ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اهتم بالصناعة، والحكومة الآن تلجأ إلى تصفية المصانع والشركات المملوكة للدولة، بدلاً من العمل على تطويرها بتغيير مجالس إداراتها أو إشراك القطاع الخاص في التطوير".

وقال النائب ضياء الدين داوود: "أرفض الموازنة الجديدة، لأنها ناتجة عن حكومة عجزت عن معالجة المشاكل الهيكلية، ففي موازنة 2010-2011 كانت فوائد الدين 85.1 مليار جنيه تمثل 21.2% من المصروفات، وفي عام 2022-2023 قفزت إلى 690 مليار جنيه تمثل 33% من المصروفات. وهذا معناه أن شعب مصر بالكامل يعمل لصالح الدائنين، وأن هذه هي الترجمة الحقيقية للموازنة".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

معدلات غير مسبوقة للاستدانة في مصر

كذلك أعلنت النائبة عن "الحزب المصري الديمقراطي"، مها عبد الناصر، رفضها لمشروع الموازنة التي تحمل عجزاً يقدر بنحو 500 مليار جنيه، فضلاً عن معدلات غير مسبوقة للاستدانة من الخارج، ما دفع الحكومة للإعلان خطة لاستبدال القروض بأصول الدولة.

وقالت عبد الناصر: "خطة التنمية الاقتصادية استهدفت استثمارات بقيمة 1400 مليار جنيه، منها 500 مليار في قطاعات التشييد والبناء والنقل والأنشطة العقارية، بنسبة تزيد على 35% مقارنة بالعام المالي 2021-2022، بدلاً من توجيه الاستثمارات في الاقتصاد الحقيقي ممثلاً في الزراعة والصناعة".

واستشهدت عبد الناصر بدولة مثل المغرب، التي انتهجت استراتيجية لتوطين صناعة السيارات منذ 10 سنوات، حتى باتت أكبر دولة مصدّرة للسيارات في أفريقيا، بإجمالي 400 ألف سيارة سنوياً لأكثر من 76 دولة، ومن المتوقع أن تساهم هذه الصادرات بنسبة 24% من الناتج المحلي الإجمالي لها في العام المقبل.

إجمالي الدين المصري بلغ 8 تريليونات جنيه

وقال النائب فريدي البياضي: "أرفض هذه الموازنة جملة وتفصيلاً، وأشبه الحكومة الحالية بشخص يلجأ دائماً للاستدانة من أجل الرفاهية والكماليات، وليس من أجل إنشاء المشاريع وتشغيل المصانع".

وأضاف: "بدلاً من أن تشجع الحكومة الفلاح، فإنها تظلمه وتشتري منه محصول القمح بسعر بخس. وبدلاً من أن تشجع القطاع الخاص، فإنها تنافسه منافسة غير عادلة، وتستهدف القضاء عليه. إجمالي الدين ارتفع من 4.5 تريليونات جنيه إلى حوالي 8 تريليونات، وهذه الأموال لا تصرف على التعليم أو الصحة، وإنما على المشاريع الترفيهية!".

وكان رئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، فخري الفقي، قد استعرض تقرير اللجنة بشأن مشروع الموازنة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والذي تضمن 52 توصية معتادة للحكومة، وهي في أغلبها منسوخة من تقارير اللجنة بشأن الموازنات السابقة، وتتعلق بآليات للحد من عجز الموازنة، ودعم إيرادات الدولة، واتخاذ إجراءات الحوكمة إزاء الحد الأقصى للأجور للعاملين الحكوميين.

وقالت اللجنة إنه تبين خروج العديد من جهات الدولة من عباءة القانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لدخول العاملين بأجر لدى الدولة، نتيجة وجود ثغرات في صياغة المادة الأولى منه، وهو ما أدى إلى عدم تحقيق القانون للأهداف الدستورية التي صدر من أجلها.

وشددت اللجنة على أهمية إعادة النظر في نظام الاستعانة بالمستشارين والخبراء في الجهات الداخلة في الموازنة العامة، وأن تكون في أضيق الحدود في ظل تزايد المخصصات المقدرة لهم، بما يضمن تطبيق معايير الكفاءة والجدارة والخبرة عند الاستعانة بهم، إلى جانب العمل على تنظيم الاقتراض الخارجي والحد منه، والإدارة الجيدة لملف الدين العام.

وأضافت في توصياتها أن زيادة أعباء الدين العام من فوائد وأقساط تتطلب المزيد من إجراءات الضبط والترشيد، وتفعيل قرار رئيس الوزراء رقم 2003 لسنة 2018 بتشكيل لجنة تختص بهذا الشأن، داعية وزارة المالية إلى الالتزام بالتعديلات التي أجرتها اللجنة على مشروع الموازنة العامة بعد موافقة مجلس النواب عليها، ووضع خطط اقتصادية واجتماعية بديلة لكل الاحتمالات الممكنة، نتيجة عدم وضوح الرؤية للمسارات الاقتصادية العالمية في ظل الأزمة الروسية - الأوكرانية.

كما دعت اللجنة إلى تحديد المسؤولية تجاه عدم اعتماد مجالس إدارات بعض الهيئات الخدمية لموازناتها من قبل مجلس الإدارة، مع الأخذ في الاعتبار اختصاص هيئة النيابة الإدارية بالتحقيق في المخالفات المالية، والنظر في التجديد للمجلس من عدمه، ارتباطاً بمدى تحقيق أهداف خطط وسياسات الهيئة، ووفق معايير الكفاءة والفعالية والاقتصاد.

وقالت اللجنة إن استمرار اشتمال هيكل الموازنة العامة على دواوين عموم بعض الوزارات والجهات التي لها وحدتان موازنتان، بالمخالفة لمبدأ وحدة وشمول النظام الموازني، يتطلب اتخاذ وزارة المالية الإجراءات اللازمة نحو دمج الوحدتين الموازنتين بدواوين عموم الوزارات في وحدة موازنية واحدة، وموافاة البرلمان بتقرير مفصل بنتائج تلك الإجراءات خلال 3 أشهر من تاريخ وصول تقرير اللجنة إلى الحكومة.

كذلك، دعت إلى إجراء تعديلات على الاعتمادات المخصصة للاستحقاقات الدستورية لقطاعات التعليم، والتعليم العالي، والصحة، والبحث العلمي، بما يظهر الاستحقاقات بقيمتها الحقيقية، وتنمية إيرادات الدولة بسياسة مالية تحقق الاستقرار عن طريق التوازن الهيكلي للموازنة، وجعل قيم العجز عند حدودها الدنيا.

وفي هذا الصدد، أشارت اللجنة إلى أهمية تحصيل الإيرادات التي أقرها مجلس النواب في قانون ربط الموازنة، وأن تكون الإيرادات في حدها الأدنى لما يجب تحصيله، وفي إطار القوانين واللوائح والقرارات المنظمة، مع اتخاذ إجراءات أكثر فاعلية لاستيداء المستحقات الحكومية تجاه بعض الهيئات والبنوك والشركات، وغيرها من الجهات والأفراد التي لا تلتزم بسداد حقوق الخزانة العامة.

وأوصت اللجنة بفرض المزيد من الرقابة على الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص، بغية الالتزام بتوريد كافة المبالغ التي تستقطع من جملة إيراداتها الشهرية المحددة بـ15%، ما لم تكن لوائحها المعتمدة تنص على نسبة أعلى من ذلك إلى الخزانة العامة في المواعيد المقررة.

المساهمون