حمى الطلب على الذهب في مصر: ملاذ آمن من اضطرابات الأسواق

20 مايو 2024
متجر ذهب في القاهرة (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق المصرية خلال العامين الماضيين، مدفوعًا بزيادة السعر العالمي، تراجع قيمة الجنيه المصري، وثبات الكميات المعروضة، مما أدى إلى زيادة سعر غرام الذهب عيار 21 و24.
- الطلب العالمي على الذهب ارتفع بنسبة 3% في الربع الأول من 2024، مع استمرار البنوك المركزية في شراء الذهب كاحتياطي نقدي، وفي مصر، زاد الإقبال على شراء الذهب كوسيلة لتأمين الودائع.
- تحول المستثمرين، خاصة من الطبقة الوسطى، نحو الذهب كخيار استثماري آمن في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، مع تأكيد الحكومة المصرية على استمرار الإقبال على الذهب وأهمية زيادة المعروض لتلبية الطلب المتزايد.

يثير صعود الذهب على مدار العامين الماضيين ارتباكاً في الأسواق المصرية، متأثراً تارة بزيادة السعر العالمي، وأخرى بتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، وثبات الكميات المعروضة بالأسواق، إذ يعتبر البنك المركزي واردات الذهب خارج أولوياته، التي يمكن أن يوفر الدولار من أجلها لشراء احتياجات الموردين. ارتفع سعر غرام الذهب عيار 21 الأكثر طلباً إلى 3175 جنيهاً، وعيار 24 إلى 3628 جنيهاً، وعيار 18 إلى 2721 جنيهاً، وعيار 14 إلى 2116 جنيهاً (الدولار = نحو 46.85 جنيهاً).

ويأتي ذلك بينما يشير المجلس العالمي للذهب إلى ارتفاع إجمالي الطلب على الذهب خلال الربع الأول من 2024، بنسبة 3% على أساس سنوي، مشيرا إلى أن الشراء يعد الأقوى منذ عام 2016، حيث لم يشهد الربع الأول أي توقف في وتيرة شراء الذهب من البنوك المركزية، التي أقبلت على شراء سبائك الذهب والعملات الذهبية. جاءت مصر ضمن قائمة الدول الأكثر شراء للذهب لاستخدامه كاحتياطي نقدي خلال عام 2023.

وأصابت حمى الطلب على الذهب المصريين، متأثرة بربط سعر الذهب في الأسواق بسعر الدولار في سوق الذهب الذي تراوح ما بين 60 و70 جنيهاً في تعاملات السوق، قبل أن يتراجع إلى نحو 46.85 جنيهاً. وانخفضت قيمة الجنيه أمام العملات الصعبة بنسبة 40% مع التعويم الأخير، إذ كان سعر الدولار يبلغ في البنوك 31 جنيهاً، خلال الفترة من يناير 2023 إلى 6 مارس/آذار 2024، قبل ان يتراجع إلى أقل من 47 جنيهاً حالياً. 

يؤكد مشترون أن لجوؤهم لشراء الذهب، رغم الاتجاه الصعودي للأسعار، يأتي رغبة في تأمين ودائعهم، وتوقعاً لتحقيق عوائد أفضل من الفائدة المرتفعة في البنوك، لافتين إلى أن ارتفاع معدلات التضخم، وتوقع استمرارها في المنحنى السائد العام الجاري والمقبل، يجعل الذهب أفضل فرصة للاستثمار الآمن.

يؤكد محللون أن تراجع السوق العقاري وزيادة أعباء امتلاك الوحدات العقارية، ومرور القطاع بفترة ركود لفترة غير معلومة المدة، جذب أموال الطبقة الوسطى إلى الاستثمار في العملات وسبائك ومشغولات الذهب القديمة.

في هذا الإطار، قال مستشار وزير التموين لشؤون الذهب، ناجي فرج، لـ"العربي الجديد"، إن الإقبال على شراء الذهب ما زال يلقى زخماً رغم التراجع في قيمة الجنيه، وتوحيد سعر الصرف وتوافر الدولار بالأسواق، لافتاً إلى أن استمرار الطلب يعكس قوة الذهب كملاذ آمن للاستثمار ومخزن للقيمة وباب أمل لتحقيق عائد محترم عند البيع خلال الفترة المقبلة.

يؤكد فرج أن الطلب على شراء الذهب يشمل المصوغات والسبائك والعملات الذهبية، مشيراً إلى أهمية تدخل الدولة في زيادة المعروض لمواجهة ارتفاع الطلب بالأسواق. يطالب فرج الحكومة بتجديد مبادرة إعفاء المصريين العاملين في الخارج من الجمارك على ما يحملونه من الذهب، ليساهم في زيادة المعروض، وتشجيعهم على توجيه مدخراتهم إلى البلاد، باعتبار الذهب بديلاً للدولار المتراجع في إجمالي التحويلات للعام الثاني على التوالي.

يتوقع فرج أن تصل قيمة أونصة الذهب إلى 3000 دولار بنهاية 2024، متأثرة بحالة الحرب الاقتصادية بين أهم اقتصادين الأميركي والصيني، واتجاه روسيا والصين والهند إلى شراء الذهب والابتعاد عن الدولار، واستمرار حالة التوتر الاقتصادي والأمني عالمياً.

يؤكد خبراء أن ارتفاع الذهب يعكس حالة الاضطراب في عالم يزداد فيه الأغنياء ثراء ويكشف النظام العالمي عن هشاشته، في مواجهة الأزمات الاقتصادية والكوارث البيئية، بما يدفع الناس إلى العودة إلى التمسك بالذهب والاقتصاد الحقيقي، بحثاً عن الأمان وقت الحروب والتقلبات الجيوسياسية.

المساهمون