حلفاء واشنطن يستعدون لتهديدات ترامب التجارية

08 اغسطس 2024
ترامب خلال حضوره مؤتمر الرابطة الوطنية للصحافيين السود في شيكاغو، 31 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **التهديدات التجارية لترامب وتأثيرها على الحلفاء**: يخشى حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا من تكرار سياسات ترامب التجارية المدمرة، مما قد يؤدي إلى سنوات من التوترات الاقتصادية حتى بين الحلفاء.

- **استراتيجيات الحلفاء للتعامل مع تهديدات ترامب**: قد يتبع الاتحاد الأوروبي نهجاً مشابهاً للتنازلات السابقة، مثل زيادة شراء السلع الأميركية، رغم المعارضة الداخلية. شراء الطاقة الأميركية قد يتطلب منافسة مع اقتصادات آسيوية.

- **التحديات التي تواجه الحلفاء الآسيويين**: الدول الآسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية تعاني من فوائض تجارية كبيرة مع الولايات المتحدة، مما يجعلها عرضة لتهديدات ترامب. الاقتصادات الأصغر قد تجد صعوبة في الرد على التعريفات الجديدة.

يستعد حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا لتهديدات دونالد ترامب التجارية، رغم خفوت احتمالات وصوله إلى البيت الأبيض مجدداً عبر الانتخابات المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وسط صعود حظوظ المرشحة الرئاسية للحزب الديمقراطي كامالا هاريس.

يخشى أصدقاء الولايات المتحدة المفاجآت الانتخابية وتولي ترامب الرئاسة وتكرار سياساته التجارية المدمرة. ورغم أن الدول الأوروبية والآسيوية لديها كل من العصا والجزرة في محاولة للتعامل مع أي حروب تجارية يشنها ترامب، إلا أن أياً منها لا يقدم وسيلة أكيدة لنزع فتيل ما قد يستمر لسنوات من التوترات التجارية والاقتصادية المتزايدة حتى بين الحلفاء، وفق تقرير لمجلة فورين بوليسي الأميركية.

وتعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بفرض ضريبة شاملة بنسبة 10% على الواردات من جميع البلدان ورسوم إضافية ضخمة بنسبة 60% على السلع القادمة من الصين. ويؤيد ترامب أيضاً ضعف الدولار بما هو وسيلة للحد من الواردات الأميركية وتعزيز الصادرات، ولكن هذا أيضاً قد يؤدي إلى زيادة التوترات مع دول أخرى قد ترى عملاتها الخاصة تحت الضغط.

وأشار التقرير إلى أن شركاء الولايات المتحدة التجاريين سبق أن شاهدوا عرض الرسوم الجمركية من قبل، وتعامل بعضهم معها بتقديم تنازلات مقابل تجميدها بهدوء خلال فترة ترامب، مثل زيادة فرص وصول السلع الأميركية أو الوعود بتخفيف اختلال التوازن في العملة. فقد تجنبت كوريا الجنوبية من العديد من التعريفات الجمركية الأولى التي فرضها ترامب من خلال تقديم قدر أكبر من فرص الوصول لصادرات السيارات الأميركية ووعود بتصدير كميات أقل من الصلب، على سبيل المثال.

وكان فرض التعريفات الجمركية في مقابل التنازلات هو النهج الذي تبناه ريتشارد نيكسون، قدوة ترامب الرئاسية، في العلاج بالصدمة الاقتصادية في عام 1971، والذي تضمن أيضاً فرض تعريفات جمركية بنسبة 10%، وفق التقرير. ومثل ترامب، لعب نيكسون أيضاً بالتهديدات بتقليص المساعدات الأمنية الأميركية لإجبار حلفاء الولايات المتحدة على تقديم تنازلات في التجارة، ولا تزال هذه العلاقة بين التجارة والأمن مصدر قلق لأصدقاء الولايات المتحدة وشركائها في كل من آسيا وأوروبا.

لذا، ربما يكون من المبرر لشركاء الولايات المتحدة التجاريين النظر إلى التهديد الجديد والموسع بالرسوم الجمركية باعتباره مجرد وسيلة لانتزاع تنازلات جديدة، مثل شراء المزيد من السلع الأميركية، وهو ما من شأنه أن يرضي ترامب وأنصاره. وفي نهاية المطاف، كان هذا هو المسار الذي سعت إليه الصين لإنهاء أسوأ الأعمال العدائية التجارية مع إدارة ترامب، على الرغم من أن الصفقة الصينية لم تحقق سوى أقل كثيراً من الوعود. وقد تحاول أوروبا اتباع نهج مماثل.

يقول ديفيد هينغ، الخبير التجاري في المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي: "الوضع الأول هو الاعتقاد بأن ترامب صانع صفقات، لذا فأنت بحاجة إلى إعداد صفقة له، والتي قد تكون أحجام مبيعات زراعية أو بعض المنتجات الأميركية الأخرى.. هناك احتمال معقول أن لعبته الفعلية هي استخدام التهديد بالرسوم الجمركية للحصول على صفقات يمكنه أن يزعم أنها الأعظم على الإطلاق".

وهذا يوجه بالفعل التفكير في بروكسل، حيث يأمل الاتحاد الأوروبي أن يرضي عرض شراء المزيد من السلع الأميركية ترامب، الذي يظل العجز التجاري الأميركي المشوه مصدر قلق كبير بالنسبة له. وإذا فشل ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي مستعد لإعادة فرض التعريفات الجمركية الصارمة والمستهدفة التي فرضها من قبل على بعض الصادرات الأميركية، وفق هينغ.

لكن إحدى المشاكل المترتبة على عرض الجزرة المتمثلة في شراء المزيد من السلع، هي أن السياسة محلية في الاتحاد الأوروبي أيضا. ومن المرجح أن تساعد زيادة المشتريات من المنتجات الزراعية في تهدئة إدارة ترامب المستقبلية، لكن أوروبا شهدت مؤخراً احتجاجات المزارعين التي كانت مدفوعة جزئياً بالغضب إزاء زيادة فرص الوصول إلى السلع الزراعية الخارجية التي تنافس بشكل مباشر المنتجات الأوروبية الأعلى تكلفة، ومن شأن وجود منافس أجنبي آخر، وخاصة مع معايير تنظيمية وصحية نباتية مختلفة، أن يؤدي فقط إلى تفاقم هذه التوترات.

شراء المزيد من المنتجات المصنعة في الولايات المتحدة قد يكون خياراً آخر، ولكن هذه هي السلع ذاتها، بما في ذلك السيارات والآلات، التي تعاني أكثر من غيرها من جراء التباطؤ الصناعي المستمر في ألمانيا قاطرة أوروبا.

كما أن شراء أوروبا كميات كبيرة من الطاقة الأميركية، خاصة الغاز الطبيعي المسال، الذي اعتمدت عليه بالفعل للمساعدة في تعويض خسارة روسيا بوصفها موردا رئيسيا للطاقة، يتطلب تقديم عطاءات للحصول على أي شحنات إضافية من اقتصادات متعطشة للطاقة بنفس القدر في آسيا، وارتفاع تكاليف الطاقة هو بالضبط ما تحاول الشركات المصنعة في أوروبا تجنبه الآن.

و"إذا لم ينجح عرض الصفقة، أعتقد أننا واقعون في فرض رسوم جمركية متبادلة على المنتجات المعتادة مثل دراجات هارلي ديفيدسون النارية، لكن الحقيقة هي أنه لن تكون هناك طريقة سهلة لمنع ترامب من القيام بما سيفعله عندما يتعلق الأمر بالتجارة"، كما قال هينغ.

وتمتلك أوروبا حالياً أداة جديدة في جعبتها الاقتصادية، وهي مكافحة الإكراه التي من شأنها أن تسمح للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بتنسيق مجموعة أوسع من التدابير الانتقامية ضد الدول الخارجية، التي تحاول الضغط على الكتلة اقتصاديا، ولكن هذه الأداة لم يتم تجربتها بعد، وكان من المتصور أن تكون بمثابة سلاح يستخدم ضد الدول الخارجية الأصغر، وليس أكبر اقتصاد في العالم.

وإذا كانت أوروبا متوترة، فإن العديد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين في آسيا قلقون للغاية، ولديهم عدد أقل من الأسهم في جعبتهم. لا تزال دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية تتمتع بفوائض تجارية كبيرة مع الولايات المتحدة، في حين شهدت الاقتصادات الأصغر مثل فيتنام ارتفاع فوائضها التجارية، مع انتقال الإنتاج والصادرات من الصين إلى دول ثالثة.

وأشار ترامب وفريقه التجاري مراراً إلى اختلالات التوازن التجاري مع فيتنام وماليزيا وتايلاند وغيرها من الاقتصادات الآسيوية الأصغر حجماً التي لا تتمتع بالثقل الجماعي للاتحاد الأوروبي للرد في حرب تجارية. وقد تفاقمت هذه الاختلالات في السنوات التي تلت ذلك.

وفي حين تستطيع أوروبا، وهي كتلة اقتصادية ضخمة تتقاسم نفس العملة والسياسة النقدية، أن تنسق بسهولة إلى حد ما عمليات انتقام تجارية ذات مغزى على السلع الأميركية إذا لزم الأمر، فإن الاقتصادات الآسيوية الأصغر حجما لديها قدرة أو استعداد أقل لمحاربة أي تعريفات جديدة يفرضها ترامب. وبدلا من ذلك، قال كاتلر، إن أغلبها ستحاول إقناع الإدارة المقبلة بأن موازين التجارة الخام ليست أفضل مقياس لقياس العلاقات الثنائية، أو أنها ستتعهد بشراء المزيد من السلع الأميركية أو الاستثمار بشكل أكبر في الولايات المتحدة.

وبالنسبة للصين العملاق الآسيوي والعدو التجاري اللدود، يخطط ترامب لزيادة الضرائب على الواردات منها بنسبة تصل إلى 60%، وهو ما سيضاف إلى الرسوم الجمركية الأميركية الحالية. وهذا جزء من مخطط واضح لجعل العلاقة التجارية الضخمة بين الولايات المتحدة والصين تتلاشى. وقالت ويندي كاتلر، وهي مسؤولة تجارية سابقة في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما: "عندما يتعلق الأمر بالصين، أعتقد أن التعريفات الجمركية لا تتعلق بالتفاوض على النفوذ بقدر ما تتعلق بالانفصال التام". وقد اقترح ترامب بجدية رفع التعريفات الجمركية إلى مستويات أعلى واستخدام الرسوم الجمركية لتحل محل ضريبة الدخل الأميركية بالكامل.

المساهمون