رفعت الحكومة السورية سعر البنزين بأكثر من 50 في المئة، في وقت تسجل الليرة السورية انهياراً متسارعاً. وأعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مساء الاثنين، على صفحتها على فيسبوك، أنها عدلت سعر ليتر البنزين الممتاز أوكتان 90 "للكميات المخصصة على البطاقة الإلكترونية، مدعوم وغير مدعوم،" إلى 750 ليرة سورية لليتر الواحد بعدما كان 475، أي بزيادة قدرها نحو 58 في المئة.
كذلك زادت سعر البنزين غير المدعوم إلى ألفي ليرة لليتر الواحد بعدما كان 1300 ليرة، أي بزيادة نحو 54 في المئة تقريباً. وقررت الوزارة أيضاً تحديد سعر أسطوانة الغاز المنزلي بـ3850 ليرة سورية، مقارنة مع 2700 ليرة في السابق.
هوت الليرة السورية اليوم الثلاثاء إلى قعر جديد، لتسجل أدنى مستوى على الاطلاق أمام العملات الأجنبية، بعدما اقترب سعر الدولار من 4500 ليرة واليورو من 5250 ليرة، وليقفز بالمقابل سعر الذهب إلى أعلى سعر بتاريخ البلاد مسجلاً 214500 ليرة.
وذكرت مصادر من العاصمة السورية دمشق أن القبضة الأمنية وإغلاق محال الصرافة وملاحقة مكاتب التحويل زادت من مخاوف المدخرين والتجار، "فزاد الطلب على الدولار والذهب"، متوقعين تسارع انهيار العملة السورية "التي فقدت جميع عوامل استمرار التداول".
وكشفت المصادر الخاصة خلال اتصال مع "العربي الجديد" أن "الرعب سيد الموقف بالأسواق السورية"، خاصة بعد زيادة أسعار البنزين والعقوبات البريطانية التي طاولت، أمس الاثنين، وزير الخارجية ومستشارة بشار الأسد ورجال أعمال"، والتوقعات أن تشتد الضغوط ومحاسبة رئيس النظام قبل استحقاق الانتخابات الرئاسية منتصف العام الجاري".
وحول أثر زيادة معروض العملة السورية، بعد مرسوم رئيس النظام السوري بصرف منحة قيمتها 50 ألف ليرة لمرة واحدة للعاملين المدنيين والعسكريين، تضيف المصادر أن المنحة لم تصرف بعد حتى تؤثر على سعر صرف الليرة، فالمرسوم صدر اليوم، واصفة المرسوم بـ"المسخرة" لأنه نحو 10 دولارت ولن يغيّر من ملامح الجوع وغلاء الأسعار التي حولت "جميع السوريين إلى فقراء".
وبينت المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن الفوضى وغياب الرقابة السمة الطاغية على الأسواق السورية، إذ لا قانون يحكم الأسواق ولا قضاء يحاسب تجار الحرب "الأسعار تختلف وبمئات الليرات للسلعة نفسها بالسوق نفسه".
ورأى الاقتصادي السوري أنور خليل أن ركن العامل النفسي تزايد أخيراً جراء التصعيد الدولي وملامح محاسبة نظام بشار الأسد، ليضاف هذا العامل إلى الأسباب الاقتصادية "فتكتمل أسباب انهيار العملة"، مضيفاً أن عقود التجار الموقعة سابقاً تتطلب دولاراً، والمصرف المركزي تخلى عنهم، كما أن السوق اللبنانية، المنفد الوحيد السابق، أغلقت بوجههم، ولم يبق سوى "لملمة" الدولار من السوق وبأي سعر.
كما أن تراجع الصادرات وزيادة استيراد المحروقات والقمح "أجهزا " على ما لدى النظام من احتياطات أجنبية بالمصرف المركزي، وكل ذلك يضاف إلى التخلي الإيراني وإيقاف ما كان يسمى "خطوط الائتمان"، فتعرت الليرة السورية ولم يبق من يعززها أو حتى يبرر بقاءها على قيد التداول.
وأشار الاقتصادي السوري إلى سعي نظام بشار الأسدن في الآونة الأخيرة، إلى حصد "الإتاوات" من الشعب، "فرأينا وعيدا للمتهربين من الضرائب والحجز على أموال ومنشآت صناعيين، بالتوازي مع الانسحاب الكامل من دعم السلع الغذائية والمشتقات النفطية"، لكن ذلك برأي خليل "لن ينفع النظام السوري الذي بدأ حبل الاقتصاد يضيق حول عنقه، وليس مستبعداً أن نرى احتجاجات شعبية عارمة، بعد أن جاع جميع السوريين".
وخرجت سورية نهائياً عن تصنيف مؤسسة "هيريتدرج فاوندايشن" خلال تقريرها حول مؤشر الحرية الاقتصادية لسنة 2021، الذي يصدر منذ 27 عاماً ويعتمد على قياس الحرية الاقتصادية من خلال قواعد القانون، وتشمل حقوق الملكية والفاعلية القضائية والنزاهة الحكومية.