حكومة حزب العمال البريطانية تؤجل القرارات الاقتصادية الصعبة حتى 2025: ماذا عن العاجلة؟
استمع إلى الملخص
- **التحديات المالية**: تحتاج الحكومة إلى 10 مليارات جنيه إسترليني لحل المشكلات العاجلة و20 مليار جنيه لإصلاح الخدمات العامة، مع ضرورة رفع أجور القطاع العام وتجميد رسوم الوقود.
- **استراتيجيات التمويل**: تسعى الحكومة لتمويل خططها دون زيادة كبيرة في الضرائب، وقد تلجأ إلى سوق السندات وتعديل القواعد المحاسبية لتوفير الأموال.
عاد حزب العمال البريطاني إلى الحكومة للمرة الأولى منذ عام 2010، ووعد بالبدء بخطته لإصلاح الاقتصاد، التي تحتاج بشكل عاجل إلى الأموال غير الموجودة بالأساس نظرا للأزمة المالية التي تعانيها البلاد منذ أزمة كوفيد ثم موجة التضخم. وهو ما سيدفع رئيس الوزراء الجديد كير ستارمر ووزيرة ماليته راشيل ريفز إلى محاولة كسب الوقت وتأجيل بعض القرارات الصعبة إلى العام 2025 مع الميزانية التي سيتم إقرارها في سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول المقبل لكن ماذا عن القرارات الاقتصادية العاجلة التي لن تنتظر الجماهير التي صوتت للحزب لوقت طويل حتى يتم تطبيقها مثل رفع رواتب العاملين في القطاع العام، ورسوم الوقود، وتمويل الرعاية الصحية والسجون؟
وتظهر التوقعات الرسمية وحسابات مراكز الأبحاث وفقا لوكالة بلومبيرغ، أن حل تلك المشكلات العاجلة سيكلف الميزانية ما يصل إلى 10 مليارات جنيه إسترليني. وسيحتاج إصلاح الخدمات العامة على المدى الطويل إلى 20 مليار جنيه إسترليني أخرى أو أكثر، وفقا لصندوق النقد الدولي. وتضيف الوكالة أن الأسابيع الأولى لحكم حزب العمال ستكون مليئة بالإعلانات السياسية ذات البعد الاقتصادي قبل إقرار الميزانية. بينما ستجد ريفز نفسها محاصرة بالقواعد المالية، وتطلّعها إلى عدم زيادة العبء الضريبي.
حكومة حزب العمال تواجه احتياجات اقتصادية عاجلة
أحد القرارات المبكرة الكبيرة سيكون بشأن أجور القطاع العام، حيث يحاول حزب العمال إنهاء الإضرابات المتتالية التي واجهتها البلاد. وقدمت هيئات مراجعة الأجور الرسمية توصياتها، حيث أن رفع الأجور سيكلف خزانة الدولة حوالي 6 مليارات جنيه إسترليني (نحو 7.7 مليارات دولار) عما هو مدرج في الميزانية حاليًا. كما أن هناك حاجة ماسة إلى الأموال من أجل نظام العدالة، حيث تكاد السجون تفيض بالنزلاء، وفي العام الماضي، اضطرت وزارة العدل إلى الاستفادة من احتياطيات الطوارئ الحكومية التي عادة ما تكون الملاذ الأخير، لمواصلة العمل في إدارات السجون.
كما سيتعين على ريفز وهي خبيرة اقتصادية سابقة في بنك إنكلترا، أن تقرر ما إذا كان سيتم تجميد رفع رسوم الوقود كما فعل المحافظون لسنوات، بتكلفة تقارب 5 مليارات جنيه إسترليني. وقال ستارمر إن الأمر حساس للغاية لتأثير ذلك على سائقي السيارات، مدركًا أن أي زيادة من شأنها أن تؤدي إلى رد فعل كبير في الشارع البريطاني. كما تحتاج خدمات الرعاية الصحية لتعزيز عدد الموظفين والبدء في تصفية قوائم انتظار المرضى القياسية والوفاء بوعود تمويل أوكرانيا وتعويضات مرضى فضيحة الدم الملوث لأموال ضخمة أيضا.
والسؤال هو كيف يمكن لوزيرة الخزانة الجديدة راشيل ريفز وحكومة حزب العمال أن تفعل ذلك عندما تقترب نسبة الدين من 100%، ويكون اتجاه النمو هزيلا، ويصبح العبء الضريبي هو الأعلى منذ عقود من الزمن؟ تقول بلومبيرغ إنه في عام 2010، ترك آخر فريق وزارة الخزانة في حزب العمال للحكومة القادمة مذكرة تقول "أخشى أنه لا يوجد مال".
Restoring economic growth is now our national mission.
— Rachel Reeves (@RachelReevesMP) July 6, 2024
It's a new start - and I'm ready to get to work. pic.twitter.com/9uW7ZJwWzC
والوضع الذي يواجه ريفز وهي أول وزيرة مالية في تاريخ بريطانيا، قاتم على نحو مماثل، فالموارد المالية مستنفدة، بمواجهة فواتير ضخمة لإصلاح الخدمات العامة المتداعية، كما أن دافعي الضرائب لم يعد بإمكانهم تحمل زيادات جديدة في الضرائب المفروضة، كما ان قدرة الأسواق على تمويل المزيد من الإنفاق قد تكون محدودة، حيث تخطط بريطانيا بالفعل لجمع أكثر من 277 مليار جنيه إسترليني من مستثمري السندات في السنة المالية الحالية، ولا تزال ذكرى رئاسة الوزراء الكارثية التي تولتها ليز تروس في عام 2022 حية في الأذهان، وتداعيات سوق السندات الناجمة عن خطط ميزانيتها.
الرهان على خفض الفائدة وطرح السندات
وقال كريغ إنشيز، رئيس قسم الأسعار والنقد في شركة رويال لندن لإدارة الأصول: "كانت ريفز مدركة حتى الآن للأخطاء التي ارتكبتها تجربة تروس وليس لديها أي نية لإثارة قلق سوق السندات المالية". ومع ذلك، ونظراً لخطط إنفاق حزب العمال وتعهده بعدم زيادة الضرائب، "فهناك احتمال أن الوزيرة الجديدة في بيانها الأول في الخريف قد تتوجه إلى سوق السندات الحكومية للحصول على بعض الأموال الإضافية".
من جهة أخرى، كانت الأسواق متفائلة بشكل ملحوظ بشأن احتمال تشكيل حكومة عمالية، لقد ولت المخاوف بشأن الضرائب المرتفعة أو التأميم التي كانت تطارد حملات الحزب السابقة؛ وبدلاً من ذلك، يرى المستثمرون نهاية للاضطرابات السياسية التي شهدتها السنوات الأخيرة. وانخفضت التقلبات عبر الأسهم والسندات والعملات الأجنبية إلى أدنى مستوياتها في عدة سنوات تقريبًا، وارتفعت الأصول البريطانية في أعقاب النتيجة.
ويوافق بن نابارو، كبير الاقتصاديين البريطانيين في شركة سيتي غروب، على أن ريفز من المرجح أن تؤخر الخطط طويلة المدى لميزانيات الإدارات الحكومية حتى العام المقبل على أمل أن ينتعش النمو. وبحلول ذلك الوقت، قد يكون مسار أسعار الفائدة أكثر ملاءمة أيضًا، إذا انخفضت تكاليف الاقتراض بمقدار نصف نقطة مئوية، فسيكون لدى حزب العمال هامش إنفاق إضافي يتراوح بين 5 و10 مليارات جنيه إسترليني.
وقال نابارو إن حكومة حزب العمال قد تضطر إلى جمع ما يصل إلى 15 مليار جنيه إسترليني من الضرائب في الميزانية لتغطية ضغوط الإنفاق الأساسية، ربما من خلال خفض الإعفاء من مساهمات التقاعد وزيادة أرباح رأس المال وضريبة الميراث.
وبدلاً من ذلك، اقترح بنك باركليز وسيتي سيتي تعديل القواعد المحاسبية حول برنامج التيسير الكمي التابع لبنك إنكلترا (البنك المركزي) لتوفير ما يصل إلى 20 مليار جنيه إسترليني سنوياً من فوائد الديون. ويتوقع أن يقوم بنك إنكلترا بخفض أسعار الفائدة في شهر أغسطس/آب المقبل، وهذا من شأنه إذا حدث أن يكون أول خفض منذ بداية كوفيد-19 وسيجلب راحة مرحبا بها لأصحاب المنازل الذين شهدوا ارتفاع معدلات الرهن العقاري منذ بداية العام.
(الجنيه الإسترليني= 1.28 دولار)