"صار تناول زيت الزيتون، بخامس دولة بإنتاجه عالمياً، حلم السوريين، بعد أن رفع تصديره سعر الصفيحة (17 لتراً) إلى نحو 1.7 مليون ليرة، ما يعادل أجر الموظف لسبعة أشهر". هكذا اختصر المواطن السوري وائل الدالي حال السوق السورية بواقع استمرار حكومة الأسد في التصدير، رغم ظروف نقص الغذاء الحالية.
وأشار الدالي، خلال اتصال مع "العربي الجديد"، إلى أن موافقة وزارة الاقتصاد على تصدير لحوم الأغنام وزيت الزيتون بددت أكثر من نصف إنتاج هذا العام المقدر بنحو 100 ألف طن زيت زيتون، ورفعت سعر كيلو لحم الخروف لنحو 200 ألف ليرة.
ولم تخرج بقية المنتجات الزراعية التي تصدر إلى خارج سورية عن قائمة الغلاء، بحسب العامل في قطاع التجارة الدالي، فسعر كيلو البندورة نحو 5 آلاف ليرة، والبطاطا 7 آلاف، والبصل 6 آلاف.
واعتبر الدالي أن تصدير نحو 50 برادا "سيارة مغلقة" يومياً عبر الأردن إلى دول الخليج هو السبب الأهم وراء ارتفاع الأسعار، "من دون التنكر لتهاوي الليرة، التي سجلت اليوم الأحد سعر 14500 ليرة مقابل الدولار".
بدوره، اعتبر رئيس جمعية حماية المستهلك بدمشق، عبد العزيز المعقالي، أن "التصدير يعد دعماً لخزينة الدولة، ولكن يجب أن يكون بعد تأمين احتياجات السوق بشكل يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن، خاصة أن الزيت متوافر في الأسواق، ولكن المواطن غير قادر على شرائه".
وقال المعقالي: "المواطن الآن يستبدل زيت الزيتون بالزيت النباتي، أو يشتري بكميات قليلة لا تتجاوز الكأس الواحدة في كثير من الأوقات"، وطالب اللجنة الاقتصادية بدراسة حاجة السوق بشكل حقيقي، ثم السماح بالتصدير، وذلك لمنع ارتفاع الأسعار، متوقعاً أن يصل سعر صفيحة زيت الزيتون إلى 1.7 مليون ليرة.
ويضيف المتحدث ذاته، خلال تصريح اليوم الأحد، أن المستفيدين من التصدير هم قلة فقط من التجار وليس المستهلكين، مشيراً إلى أن "تأمين القطع الأجنبي من خلال التصدير يجب ألا يكون على حساب لقمة المواطن".
وخرج زيت الزيتون اليوم، بعد ارتفاع سعره، إلى مقدمة شكايات السوريين، إذ يكشف رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين محمد الخليف أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أصدرت آلية السماح بتصدير زيت الزيتون دون أن يتم التشاور مع الاتحاد أو دعوة مندوبين منه للمشاركة.
وأكد الخليف: "لم تتم دعوتنا رغم أنه من المفترض أن نحضر باعتبار أننا ممثلون في كل اللجان"، لافتاً إلى أن القرار لم يكن صائباً باعتباره أدى إلى رفع سعر صفيحة الزيتون في السوق مباشرة بعد السماح بالتصدير. وقال إن سعر صفيحة الزيت سعة 16 كيلو وصل في السوق اليوم لحدود 1.8 مليون ليرة.
ومع استمرار ارتفاع أسعار السلع والمنتجات وتهاوي سعر العملة السورية، قفز متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية المكونة من خمسة أشخاص من 9.2 ملايين ليرة في سبتمبر/أيلول العام الماضي إلى 12 مليون ليرة اليوم، في حين لم يقل الحد الأدنى لتكاليف المعيشة عن 7.534 ملايين ليرة، بحسب ما أورد مؤشر مركز "قاسيون" من دمشق قبل أيام.
ويشير الموقع السوري إلى أن متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية شهد ارتفاعاً، في نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، بنحو مليونين و528 ألفاً و666 ليرة سورية عن مستواه في سبتمبر/أيلول الماضي، لتقفز التكاليف خلال الربع الأخير من عام 2023 بنسبة 26.5% من تسعة ملايين و526 ألفاً و956 ليرة نهاية سبتمبر/أيلول إلى 12 مليوناً و55 ألفاً و622 ليرة في نهاية ديسمبر/كانون الأول.
وبين أن الحد الأدنى لتكاليف الغذاء الأساسية الشهرية لأسرة من خمسة أفراد ارتفع من 3 ملايين و572 ألفاً و608 ليرات في نهاية شهر سبتمبر/أيلول، إلى 4 ملايين و520 ألفاً و858 ليرة في نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول، بعد ارتفاع تكاليف الحد الأدنى للحاجات الضرورية الأخرى التي تشكل 40% من مجموع تكاليف المعيشة.
وتشمل تكاليف المعيشة السكن والمواصلات والتعليم واللباس والصحة وأدوات منزلية واتصالات وغيرها، وارتفعت من 2,381,739 ليرة في نهاية سبتمبر/أيلول، إلى 3,013,906 ليرة في ديسمبر/كانون الأول.
ويعاني الميزان التجاري السوري من عجز كبير بعد أن تسببت حرب بشار الأسد على الثورة في هدم المنشآت، وتهجير الرساميل، وأصحاب المعامل. وبحسب تصريح سابق لرئيس حكومة بشار الأسد، حسين عرنوس، فقد بلغت قيمة الصادرات السورية 520 مليون يورو إلى غاية 31 أغسطس/ آب 2023 بنسبة زيادة قدرها 47% عن الفترة المماثلة من العام الماضي، كما بلغت قيمة المستوردات 2161 مليون يورو لغاية 31 أغسطس 2023، بنسبة انخفاض قدرها 22% عن الفترة المماثلة من العام الماضي.