استمع إلى الملخص
- التأثير الاقتصادي المتوقع: استغلال حقل مبروك يمكن أن يعزز الاقتصاد العماني عبر تلبية الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي، ودعم المشاريع التنموية بالتعاون مع شركات محلية وعالمية لضمان استدامة التنمية.
- السياسات الاستراتيجية وحقوق الامتياز: تعتمد عمان على سياسات جديدة لجذب المستثمرين الدوليين وتعزيز الشراكات المحلية، مثل شراكة "أوكيو"، لضمان استغلال أمثل للموارد الوطنية وتطوير حقل مبروك.
منذ اكتشاف مخزون كبير من الغاز القابل للاستخراج في حقل مبروك بسلطنة عمان عام 2018، لم يتحقق الاستغلال الأمثل له حتى الآن، ما طرح تساؤلات بشأن أسباب ذلك وتأثيره على تكاليف أسعار الغاز داخل السلطنة، التي تشهد تناميا ملحوظا في الطلب على الطاقة.
وبدا واضحا أن التأخر في استغلال غاز "مبروك"، الذي قدرته شركة تنمية نفط عمان بحجم يتجاوز أربعة تريليونات قدم مكعبة، يرتبط بالقدرة الإنتاجية للشركة، فضلا عن اعتبارات بيئية تلعب دورًا في قرار استغلال الغاز، إذ تسعى عُمان إلى تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة، حسبما أورد تقرير نشرته منصة "فيتش سوليوشنز" للتحليلات الاقتصادية في 29 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتواجه سلطنة عمان تحديات اقتصادية تتعلق بتقلبات أسعار النفط والغاز، ولذا تسعى لتعزيز قدرتها على إنتاج الغاز الطبيعي المسال من خلال مشاريع جديدة، مثل مشروع مارسا للغاز الطبيعي المسال، والذي يُتوقع أن يبدأ الإنتاج في عام 2028، حسب التقرير ذاته.
وإذا تم استغلال مخزون الغاز في حقل مبروك بشكل فعال، فمن المحتمل أن يؤثر ذلك بشكل إيجابي على تكاليف المعيشة في السلطنة، خاصة أن الطلب على الغاز الطبيعي في عمان ارتفع بشكل كبير، حيث تم إنتاج 42.2 مليار متر مكعب من الغاز في عام 2024، ما يعكس الحاجة الملحة لتلبية احتياجات القطاعات الصناعية والطاقة، حسبما أورد تقرير نشرته منصة "ذا أرابيان ستوريز" المتخصصة في قضايا سلطنة عمان ومنطقة الخليج، في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
استيعاب الإنتاج
في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي العماني مرتضى حسن علي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن عمليات الاستكشاف والتنقيب في حقل مبروك ما زالت جارية، مع تركيز على اختبار القدرة الإنتاجية للمشروع.
وإذا دخل الحقل حيز الإنتاج، فإن ذلك قد يتطلب تقليل إنتاج الغاز من حقول أخرى لإيجاد توازن في الإنتاج الإجمالي، إذ يرتبط تصدير الغاز من السلطنة بالقدرة الإنتاجية للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، التي لا تزال في الوقت الراهن غير مستعدة لتصدير الكميات الإضافية من الغاز، حسب تقدير علي.
وعلى الجانب المحلي، يوضح الخبير الاقتصادي العماني أن استهلاك الغاز يعتمد بشكل كبير على قدرة السوق الداخلية على استيعابه، والتي تتأثر بدورها بحجم إنتاج الطاقة الكهربائية وإمكانيات المصانع، ويتوقع أن يحتاج استيعاب هذه الكميات الإضافية إلى عدة سنوات حتى تتمكن السوق المحلية من الاستفادة الكاملة من الإنتاج.
وبناء على هذا الواقع، يرى علي أن إدخال إنتاج حقل مبروك بشكل كامل ليس ممكنًا في الوقت الراهن بسبب محدودية الطلب المحلي مقارنة بالإنتاج المحتمل، ومع ذلك فإن المشاريع التنموية التي تنفذها الحكومة العمانية بالتعاون مع شركات محلية وعالمية يمكن أن تضمن استمرارية استخدام الغاز في المستقبل، حسب تقديره.
ويشير علي، في هذا الصدد، إلى أن المشاريع التي تهدف إلى تعزيز استدامة استهلاك الغاز قد تساهم في إيجاد حلول طويلة الأمد لاستغلال الغاز المكتشف في سلطنة عُمان، لافتا إلى أن التقديرات الصادرة عن شركة تنمية نفط عُمان تؤكد أن حقل مبروك يحتوي على أكثر من أربعة تريليونات قدم مكعبة من الغاز القابل للاستخلاص، إلى جانب 112 مليون برميل من المكثفات.
وعندما يبدأ إنتاج الحقل وتصديره، يتوقع علي أن يمثل ذلك رافدًا كبيرًا لنمو اقتصاد السلطنة، بما يساعد في تلبية الطلب المتزايد على الغاز من قبل المستهلكين، سواء لأغراض سكنية أو تجارية أو صناعية.
وبفضل هذه الاكتشافات، يتوقع علي أن يساهم حقل مبروك مساهمة كبيرة في تعزيز استدامة التنمية في عمان، وهو ما يدعم اقتصاد السلطنة ويعزز قدرتها على تلبية الاحتياجات المستقبلية للسوقين المحلي والعالمي.
موازنة اقتصادية في عُمان
وفي السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي العُماني خلفان الطوقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن السياسات الجديدة المتعلقة بحقوق الامتياز في سلطنة عمان تعكس نهجًا استراتيجيًا يوازن بين جذب المستثمرين الدوليين وتعزيز الشراكات المحلية، وتهدف إلى استكشاف وإنتاج وتصدير الموارد المعدنية والنفطية بما يحقق جدوى اقتصادية مستدامة، موضحا أن النظام الحالي يمنح حقوق الامتياز للشركات الكبرى، مثل "أوكيو"، التي تقوم بدراسة جدوى المشاريع بالتعاون مع شركاء أجانب.
وفي حال كانت المشاريع مجدية اقتصاديًا، يتم المضي قدما في التنفيذ من خلال شراكة استراتيجية بين "أوكيو" وشركات دولية، أما إذا كانت غير مجدية أو محفوفة بالمخاطر فقد يتم تأجيل المشروع إلى خطة استثمارية مستقبلية أو عرضه على شركات أخرى، مثل "تنمية نفط عمان" أو "بي بي" أو "شيل"، حسب الطوقي، مشيرا إلى أن "أوكيو" باعت أخيرًا حصة 25% من أسهمها لمستثمرين عالميين، وجمعت حوالي ملياري دولار من خلال طرح عام قد يساهم في دعم المشاريع الجديدة وتوسيع نطاق الإنتاج في المستقبل القريب، بما قد يشمل حقل مبروك.
ويؤكد الطوقي أن القرارات المتعلقة بحقوق الامتياز تستند إلى معايير اقتصادية صارمة، حيث يتم تقييم المشاريع بناء على أسعار السوق العالمية، والمخاطر المرتبطة بالإنتاج، والعوائد المتوقعة، بما يضمن استغلالا أمثل للموارد الوطنية مع تقليل المخاطر المالية.