أثار إصدار هيئة أسواق المال الكويتية تعميماً بحظر تداول العملات المشفرة والأصول الافتراضية، ردود فعل مؤيدة للقرار، لاسيما أنه يستهدف حماية المستثمرين في هذه العملات، بينما أشار محللون إلى ضرورة خلق بدائل استثمارية لأصحاب المدخرات ورؤوس الأموال لتعزيز الاقتصاد، الذي يعتمد على عوائد النفط بشكل رئيسي.
والعملات الرقمية الافتراضية، وأشهرها "بيتكوين"، عبارة عن عملات يتم التعامل بها إلكترونياً، وهي غير مطبوعة ولا سلطة منظمة لها كالبنوك المركزية، وتستخدم في عمليات شراء السلع والخدمات والتعامل ببعض الخدمات المالية الإلكترونية في أسواق السلع الآجلة وغيرها، بالإضافة إلى قابليتها للتحويل أمام الدولار واليورو بأسعار تتغير على مدار اليوم في البورصات العالمية.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد المريري، لـ"العربي الجديد"، إن الكويت ليست الدولة الوحيدة التي حظرت العملات الرقمية والأصول الافتراضية، وذلك بسبب عدم وجود هيئات رقابية على تلك المعاملات، أو جهة إشراف على عمل شركات التداول في قطاع العملات المشفرة، والأصول الافتراضية حتى الآن.
ويوضح المريري أن الخطوة التي أقدمت عليها هيئة أسواق المال الكويتية تأتي لحماية المستثمرين في الدولة من التعرض لعمليات نصب من شركات غير مرخصة، تسوق للتداول بالأصول الافتراضية، ما أدى إلى خسارة كثير من المستثمرين في المنطقة العربية بوجه عام، وفي منطقة الخليج بوجه خاص.
ويتم استهداف المستثمرين عن طريق إعلانات في مواقع التواصل الاجتماعي، تهدف إلى إقناعهم بأن العملات المشفرة والأصول الافتراضية مصدر لعمليات ربح سريعة، وبالتالي فإن قرار الحظر يمثل محاولة للمحافظة على أموال المستثمرين في الكويت، وسيكون له تأثير إيجابي على اقتصاد البلد الخليجي، حسبما يرى المريري.
ويتوقع الخبير الاقتصادي أن تستمر الحكومة الكويتية في مواجهة الشركات الوهمية، التي تسوق للاستثمار في الأصول الافتراضية والعملات المشفرة، طالما استمر غياب الهيئات الرقابية الدولية المشرفة على تداولها وتنظيمها.
وكانت هيئة أسواق المال الكويتية قد ذكرت في بيان حظر الأصول الافتراضية، أن هذه الخطوة تستهدف الحفاظ على أمن المعلومات والبنية التحتية الرقمية للدولة، والتصدي للتهديدات السيبرانية المحتملة، والالتزام بالمعايير والضوابط والسياسات الدولية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأشارت الهيئة في القرار الصادر منتصف يوليو/تموز، إلى عدم وجود أي جهة رقابية أو تنظيمية للعملات المشفرة والأصول الافتراضية، وبالتالي عدم ضمان استقرارها أو سيولتها أو قيمتها، فضلا عن ارتباطها بالتقلبات والتكهنات السوقية، وعدم توافر آليات تأمينية لحماية المستثمرين أو المستخدمين من تلك التقلبات.
وكان تقرير صادر عن شركة "تشيناليسيس" المتخصصة في أبحاث التعاملات الرقمية، في يناير/كانون الثاني الماضي، قد أشار إلى أن حجم التعاملات غير المشروعة (الإجرامية) بالعملات المشفرة ارتفع، خلال عام 2022 وللعام الثاني على التوالي، ليصل إلى 20.1 مليار دولار، مسجلاً أعلى مستوى على الإطلاق، مقابل نحو 14 مليار دولار عام 2021.
وفي السياق، يرى المحلل المالي هاشم الفحماوي، أن قرار هيئة أسواق المال الكويتية حظر العملات المشفرة يعد بمثابة "حظر وقائي"، لكنه يمكن أن يؤدي إلى تأثير سلبي على الاقتصاد، على المدى البعيد، إذ يمكن أن يتسبب في فقدان فرص استثمارية وابتكارية في قطاعات مختلفة، خاصة تلك التي تعتمد على التقنية والرقمنة، مثل الخدمات المالية والصحية والتعليمية.
كما يمكن أن يتسبب استمرار الحظر لمدة طويلة في فقدان فرص عمل جديدة ووظائف ذات قيمة مضافة عالية في مجال الأصول المشفرة والأصول الافتراضية، خاصة بالنسبة للشباب من الجنسين، الذين يمكنهم تطوير مهاراتهم وخبراتهم في هذا المجال.