انحسر حصاد قمح ليبيا هذا العام إلى مستويات متدنية وصفها مسؤولون حكوميون بأنها "صفر"، فيما يؤكد رئيس "جمعية فزان للحبوب" عثمان الطاهر أن القطاع الخاص تحوّل إلى زراعة الشعير بدل القمح بسبب عدم تسديد ديون شركات المطاحن العامة والخاصة التي لم تف بتعهداتها بشراء القمح المحلي على مدى سنوات.
مدير التخطيط لدى "هيئة الحبوب الحكومية" أحمد السنوسي قال لـ"العربي الجديد" إن إنتاج القمح "صفر" والقطاع الخاص لا يقول الحقيقة وإنتاجه من الشعير لهذا العام لا يتعدى 120 ألف طن فقط في أحسن الحالات.
وأكد مدير التوعية والإرشاد في وزارة الزراعة كامل عيسى عدم وجود إحصاءات دقيقة حول إنتاج الحبوب رغم وجود عدة أجهزة للحبوب لكن دورها غائب، إضافة إلى "الهيئة العامة للحبوب" (حكومية) وهي بدورها غير مفعلة، وكذلك الأمر بالنسبة للمركز الوطني لإنتاج الحبوب، رغم أن مسألة الحبوب أمن غدائي فيما الحكومات أهملت المشاريع منذ عام 2011.
عبد السلام حمودة، المسؤول في هيئة إنتاج الحبوب، قال لـ"العربي الجديد" إن المشاريع الزراعية الحكومية خارج الخدمة، وكذلك الأمر بالنسبة لإنتاج القطاع الخاص، مشيرا إلى أن المشاريع الزراعية في الكفرة والسرير ومكنوسة وغيرها تم نهبها وسُرقت معداتها.
وصرح مدير مشروع مكنونة الزراعي، أكبر مشاريع ليبيا للقمح، لـ"العربي الجديد" بأن المشروع متوقف ولا يوجد إنتاج لهذا العام بسبب عدم تخصيص أموال له، موضحا أن المشروع عبارة عن صحراء جرداء الآن، مضيفا أن هيئة الاستثمار وشؤون الخصخصة عرضت استثماره لكن "الحكاية كلها مجرد كلام فقط ولا يوجد شيء رسمي".
كما أوضح أن المشروع غطى احتياج السوق المحلي في أحداث عام 2011 لم يشعر المواطن بنقص الدقيق أو أزمة خبز، لكنه بدأ يتراجع تدريجا منذ عام 2015 وصولا إلى 2022 وبالتالي فإن 15 ألف هكتار حاليا تحتاج إلى وقفة جادة من قبل الحكومة، فضلا عن وجود 3500 دائرة زراعية تحتاج إلى الاهتمام في مناطق الجنوب بشكل عاجل، لأن الجنوب لطالما عُرف بأنه "سلة غذاء ليبيا".
عثمان الطاهر قال لـ"العربي الجديد" إن جميع مزارع الحبوب للقطاع الخاص تحولت إلى مراع للمواشي بسبب الجفاف، مرجحا أن هناك عدة أسباب أولها أن الدولة كانت تشتري القمح والشعير من الفلاحين لتشجيعهم، لكنها خلال السنوات الأخيرة اشترت المحصول من دون أن تدفع درهما للمزارعين، إلى أن تعدت الديون 249 مليون دينار (الدولار يساوي 4.76 دنانير).
وقال المختص في مجال الاقتصاد الزراعي، علي بن طاهر، إن الحكومات المتعاقبة لم تهتم بموضوع المخزون الاستراتيجي للحبوب والتوسع في إنشاء مشاريع للقمح، مع أن ليبيا كانت لديها في العام 2010 خطة استثمارية على مدى 5 سنوات لتغطية الحاجة المحلية إلى القمح الطري، لكنها توقفت بسبب عدم الاستقرار السياسي والحروب المزمنة وعدم قيام الدولة.
ودعا إلى ضرورة التركيز على مشاريع الحبوب في ضوء الأزمة الأوكرانية وغلاء القمح عالميا باعتبارها "ملف أمن قومي"، علما أن إنتاج ليبيا من القمح والشّعير بلغ 100 ألف طن العام الماضي، فيما تستهلك البلاد نحو 1.26 مليون طن سنويا.