حرب طهران وتل أبيب تؤجل قروض صندوق النقد لمصر

03 أكتوبر 2024
شروط صندوق النقد تفاقم معيشة المواطنين (محمود الخواص/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأجيل المراجعة الرابعة من صندوق النقد الدولي يزيد الضغوط المالية على مصر، مع تراجع عائدات قناة السويس والصادرات البترولية وارتفاع العجز التجاري، مما يثير قلق الأسواق بشأن أزمة الدولار والتضخم.

- توسع الحرب بين إسرائيل وإيران يثير مخاوف الاستثمار في الشرق الأوسط، مما يؤثر على الاقتصاد المصري بتراجع العملة الصعبة وارتفاع الأسعار، في ظل تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل.

- صندوق النقد يشترط بيع الأصول ورفع أسعار الطاقة، بينما يدعو الخبراء للتريث في المراجعة الرابعة، مع التركيز على دعم الصادرات وترشيد النفقات للحفاظ على التماسك الاجتماعي.

 

فاجأ صندوق النقد الدولي الحكومة المصرية، مساء أمس الأول، بتأجيل المراجعة الرابعة للحصول على شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار ضمن برنامج القرض الموسع ويبلغ 8 مليارات دولار، وقرض "الاستدامة والصلابة" وقيمته 1.2 مليار دولار، إلى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
جاء التأجيل الثاني للمراجعة الرابعة، المجدولة في سبتمبر/ أيلول الماضي، عقب تحديد المجلس التنفيذي للصندوق موعد وصول خبرائه إلى القاهرة في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بينما تواجه الحكومة ضغوطاً مالية شديدة، جراء تراجع عائدات قناة السويس بنحو 6 مليارات دولار، وانخفاض حصيلة صادرات المواد البترولية بنسبة 59%، واتساع العجز في الميزان التجاري غير النفطي، إلى 31.9 مليار دولار وبنسبة 2.4%، على أساس سنوي وارتباك حركة السياحة، من جراء الحرب الإسرائيلية والضربات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وإيران واليمن، وهبوط صافي الأصول الأجنبية في البنوك المصرية من مستوى 14.3 مليار دولار إلى 9.7 مليارات، بنسبة 26.6%، بنهاية أغسطس/ آب 2024.
يظهر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي تماسكاً في مواجهة أزمة اقتصادية يدرك أنها جاءت "وسط ظروف دولية شديدة التعقيد"، بينما تثير قلقاً عظيماً في الأسواق، إذ إنّ مؤشرات الأعمال المتراجعة وحركة التداول في البورصة، التي تشهد حركة بيع واسعة وخروجا كثيف للأموال الأجنبية، دعت رجال أعمال وخبراء الاستثمار إلى مناشدة قيادات الدولة بالحذر من عودة البلاد إلى أزمة شح الدولار التي أغرقت الأسواق في موجات تضخم تاريخية 2023 وتصعد بمنحى الأسعار والعملات الصعبة، مقابل انخفاض مستمر بالجنيه.
 

تداعيات توسع الحرب

قال الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الأعمال المصري الكندي، أحمد خطاب، لــ"العربي الجديد" إن توسع الحرب بين إسرائيل وإيران وتهديد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بمد رقعة الحرب إلى دول أخرى في الشرق الأوسط، من دون سقف زمني للحرب، مع استمراره في العدوان على غزة واليمن وسورية أثار مخاوف المؤسسات المالية، من مناقشة أيّ أمور تخص مصر والمنطقة، ولحين انتظار ما ستسفر عنه نتائج العدوان خلال الفترة المقبلة.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

أشار عضو مجلس الأعمال المصري الكندي، إلى مقاطعة الدول وشركات الطيران، المرور عبر أجواء العراق وسورية وإيران، والأراضي المحتلة، مع تراجع المرور بباب المندب وقناة السويس، وتكبد إسرائيل خسائر فادحة أدت إلى تخفيض تصنيفها الائتماني للمرة الثانية خلال شهرين، رغم التدفقات المالية والعسكرية الهائلة من الولايات المتحدة والغرب. وأصبح دافعو الضرائب والمؤسسات المالية، والراغبون في الاستثمار المباشر، أكثر حذراً في تعاملاتها من دول المنطقة، طالما استمرت أجواء الحرب.
يشير خطاب إلى أنّ تأخير المراجعة الرابعة للصندوق، في وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من ضغوط هائلة نتيجة تراجع حصيلة العملة الصعبة، يمكن أن يصب في صالح المواطن، الذي يعاني من موجات غلاء وتضخم مرتفع، بينما يضغط صندوق النقد على الحكومة من أجل التخلص من الدعم العيني للسلع ورفع أسعار الكهرباء والوقود وتخلي الحكومة عن الاستثمارات العامة، التي تمكن الدولة من توفير الحد الأدنى من التشغيل وفرص العمل بالمشروعات كثيفة الاستخدام للعمالة.

شروط صندوق النقد

وذكر أن صندوق النقد يشترط على الحكومة بيع الأصول العامة على وجه السرعة، دون مراعاة ظروف الحرب، وتأثيرها سلبا على تدفقات الاستثمار المباشر، وقيمة بيع الأصول سواء كانت لمستثمرين رئيسيين أو عند طرحها في البورصة، بما يجعل إجراء المراجعة الرابعة حالياً سلاحاً ذا حدين، مبينا أنه في حالة إرضاء الحكومة للصندوق، فإنها ستقامر ببيع الأصول العامة بثمن بخس أو وسترفع أسعار الكهرباء والطاقة مرة أخرى، أو ترفض تطبيق شروط الصندوق الملزمة بها منذ مارس/ آذار 2024، مقابل القرض بقيمة 8 مليارات دولار، وفي هذه الحالة، تصبح مهددة بتقارير الأداء السلبي التي يطلقها الصندوق عن الاقتصاد، بما يحرمها من فرصة الحصول على القرض وأية مساعدات دولية أخرى.

يدعو خطاب الحكومة إلى التريث في إتمام المراجعة الرابعة، والتضحية بتأجيل الحصول على الأقساط المقررة من الصندوق، لعدة أشهر، مقابل عدم ممارسة المزيد من الضغوط على المواطنين، في وقت تعرض فيه المنطقة لحالة من الفوضى السياسية والعسكرية، للحفاظ على التماسك الاجتماعي والتخفيف من الضغوط التي ألقيت على كاهل الطبقات الغنية وسحقت الفقراء، مشيراً إلى امتلاك الحكومة بدائل أخرى يمكن من خلالها الحصول على الإيرادات السريعة بالدولار، بدعم تصدير الحاصلات الزراعية ودعم الصناعات التصديرية، وترشيد نفقات الواردات غير المستغلة في عمليات إنتاجية، وتسويق الأصول المصرية لدى الدول الصديقة، بما يمكن من بيع تلك الأصول غير المستغلة، بأسعار جيدة.

يشير خبراء اقتصاد إلى إمكانية الحكومة طلب تأجيل بعض البنود المتعلقة بصرف القرض، والخاصة برفع أسعار المحروقات والكهرباء، إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية بالمنطقة، خشية أن تشعل حالة من السخط العام، يدفعها شعور المواطنين بالقلق من المستقبل، في ظل حرب طاحنة تشنها إسرائيل على دول المنطقة، المحيطة بمصر.
 

تخبط الاقتصاد

قال خبراء اقتصاد شاركوا بالمؤتمر الـ21 للجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي، مطلع الأسبوع الجاري، إنّ الاقتصاد المصري يبحر بتخبط في بيئة متلاطمة الأجواء، لا تعرف الحكومة كيف توجهه. وأكد وزير التضامن الأسبق، جودة عبد الخالق، في المؤتمر، أن الحكومة منذ إقرار الحكومة اتفاقها الأخير مع صندوق النقد، والذي جاء بعد ثلاثة اتفاقات أخرى استهدفت حل أزمة السيولة الدولارية والخروج من أزمة التعثر المالي، وبالتالي فإنّ الأزمة تتفاقم حيث تعتمد سياسات الصندوق على "قصقصة ريش" الحكومات وتقزيم دور الدولة وتخفض العمالة وتقليص الدعم.
أوضح عبد الخالق أنّ 80% من موارد الدولة عبر القروض الأجنبية والإيرادات المحلية، أصبحت مسخرة لسداد أقساط وفوائد القرض، التي شارك البنك الدولي في أعلى نسبة بها، بينما يمثل دعم السلع التموينية 3% من الموازنة، ويمضي الاقتصاد في عثرات متكررة، تدفع في كلّ مرة إلى خفض قيمة الجنيه، وزيادة معدلات التضخم، وبيع الأصول العامة المدرة للنقد الأجنبي.

المساهمون