حرب تجارية بين مصر والأردن: تعطيل الواردات

18 يوليو 2022
مخاوف من تأثيرات سلبية للإجراءات الأخيرة على أسواق البلدين (فرانس برس)
+ الخط -

أثار قرار الحكومة الأردنية فرض إجراءات مقيدة على واردات المملكة من السلع المصرية اعتباراً من بداية سبتمبر/أيلول المقبل من باب تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، ردود أفعال متباينة بين القطاعين التجاري والصناعي الأردنيين وسط تحذيرات من انعكاسات لاحقة على سلاسل توريد السلع وتوفير الأساسية منها.

وفرضت الحكومة رسوماً وإجراءات تقيد حركة انسياب السلع والمنتجات المصرية للأردن وكذلك تجارة الترانزيت في أعقاب فرض الجانب المصري إجراءات مماثلة على السلع الأردنية الموردة إلى أسواقه، والتشدد في تسجيل الأدوية وغيرها من السلع، وهو تراه عمّان قراراً غير مبرر.

وبموجب القرار الحكومي سيُفعَّل نظام التخليص المسبق الأردني ليشمل الدورة الإجرائية والرسوم المفروضة بنظام التسجيل المسبق للشاحنات المطبق لدى الجانب المصري.

كذلك ستخضع جميع السلع المصرية المارة ترانزيت عبر الأراضي الأردنية لإجراءات التسجيل المسبق، وكذلك وقف التعامل بمستندات التحصيل لدفع قيمة السلع المصرية إلى السوق الأردنية واستبداله بالاعتمادات المستندية.

وتعهدت الحكومة الأردنية باتخاذ أي إجراءات لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع البلدان الأخرى لحماية المنتجات المحلية، وكذلك ممارسة الضغط لإزالة المعوّقات التي تواجه منتجاتها.

وفيما رحب القطاع الصناعي بالقرار ووصفه بالعادل إذ يحقق مصلحة الصناعة الأردنية، إلّا أنّ القطاع التجاري رأى فيه إضراراً بمصالحه، وسيكون له انعكاسات سلبية على المدى القريب، وخاصة احتمالات حدوث نقص في السلع الموردة للسوق المحلية، وخاصة التموينية، في ضوء تأثر سلاسل التوريد العالمية بأزمة كورونا وتداعياتها والحرب الروسية الأوكرانية.

وقال رئيس غرفة صناعة الأردن فتحي الجغبير لـ"العربي الجديد" إنّ تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع مصر وأيّ جهة أخرى هو حق للأردن في حال فرض إجراءات على السلع الأردنية المصدرة إلى أسواقها، وبالتالي حماية المنتجات المحلية والصناعة الوطنية التي تُسهم بنسبة 25% في الناتج المحلي الإجمالي، وتشغيل أعداد كبيرة من الأيدي العاملة، وتعزيز الاحتياطي من النقد الأجنبي، وتخفيض عجز الميزان التجاري وما إلى ذلك.

وأضاف: "كانت هناك محاولات سابقة ومتعددة لإزالة القيود المصرية المفروضة على السلع الأردنية ولم تكن هناك استجابة، ما استدعى اتخاذ القرار الذي ينطوي على مصلحة للاقتصاد الوطني ودعم القطاع الصناعي". وأكد الجغبير ضرورة أن يطبق مثل هذا القرار على البلدان كافة التي تضع قيوداً على الصادرات الأردنية المتجهة إليها لحماية المنتجات المحلية وخدمة الاقتصاد الوطني.

وكان الجغبير قد قال في تصريحات صحافية سابقة أيضاً إنّ الصناعة استحوذت على 94% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إلى الأردن خلال النصف الأول من العام الحالي والبالغة حوالى 150 مليون دولار. وأكد الأهمية الكبيرة للصناعة الوطنية، باعتبارها بوابة استقطاب الاستثمارات الجنبية إلى الاقتصاد الأردني.

وبيّن أنّ الاستثمارات الصناعية الجديدة وفرت أكثر من 7 آلاف فرصة عمل بشكل مباشر، لتشكل ما نسبته 72.2% من إجمالي فرص العمل المستحدثة من إجمالي الاستثمارات في الأردن، ليحتل القطاع المرتبة الأولى بين القطاعات الاقتصادية لناحية فرص العمل المستحدثة.

وفي المقابل، قال رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي، إنّ القرار الصادر بشأن السلع المصرية ليس في مكانه وسيضر بالاقتصاد الأردني عموماً، لكونه لم يأتِ مدروساً ومراعياً لآثاره على تلبية احتياجات السوق من السلع، وخاصة الأساسية، في الوقت الذي حظرت فيه كثير من البلدان تصدير المواد التموينية، وسمحت مصر بتصدير العديد من السلع الغذائية للأردن.

وأكد ضرورة إعادة النظر بالقرار، لأنّ الأثر سيلحق بالقطاعات كافة، بما فيها الصناعي الذي يستورد العديد من مستلزمات ومدخلات الإنتاج من مصر. وألغت الحكومة قبل حوالى 4 سنوات اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، بعدما لاحظت زيادة كبيرة في الواردات من السلع التركية دون ارتفاع يذكر على الصادرات الأردنية.

وقال الخبير الاقتصادي منير دية لـ"العربي الجديد" إنّ حجم التبادل التجاري بين الأردن ومصر بلغ العام الماضي حوالى 920 مليون دولار، إذ تميل الكفة للجانب المصري بصادرات تقدر بحوالى 700 مليون دولار تتوزع على سلع رئيسية من بينها الوقود والزيوت ومعدات ومواد غذائية وغيرها، فيما تنحصر صادرات الأردن لمصر في الأسمدة ومنتجات كيميائية وصيدلية.

ويعمل في الأردن أكثر من 900 ألف عامل مصري، بلغت قيمة تحويلاتهم إلى مصر العام الماضي حوالى 780 مليون دولار، ومع كلّ هذه الأرقام التي تصبّ في مصلحة الجانب المصري، إلّا أن الإجراءات المتبعة مع الصادرات الأردنية لا تهتم بتلك المصالح ومدى تأثرها في المستقبل، حسب الخبير الاقتصادي.

وأضاف دية: "المتضررون كثر من كلا الجانبين، سواء كانوا تجاراً أو صناعيين أو مزارعين أو مستهلكين، فجميعهم سيدفعون ثمن هذه القرارات التي تعوق العمل وتضع عراقيل أمام انسياب البضائع وإقامة الاستثمارات، ويجب على حكومتي البلدين مراجعة هذه الإجراءات سريعاً".

المساهمون