باتت الجزائر من كبار المستفيدين من الحرب الأوكرانية التي أحدثت تغييرات جوهرية في سوق الطاقة العالمي بعد تنفيذ العقوبات الغربية على تجارة النفط والغاز الطبيعي الروسية.
ووفق تقرير غربي، فإن أسعار الغاز الرخيصة التي كانت أوروبا تستوردها عبر الأنابيب من روسيا، ظلت تعوق توسع تجارة وكشوفات الغاز والنفط الجزائري لعقود، ولكن منذ حظر أوروبا إمدادات الطاقة الروسية، نشطت الشركات الغربية في كشوفات النفط والغاز في الجزائر، وارتفع الطلب الأوروبي على عقود الطاقة الجزائرية.
في هذا الصدد، يوضح تقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال" اليوم الثلاثاء، أن شركة الطاقة الإيطالية إيني وشركة الطاقة المملوكة للدولة في الجزائر "سوناطراك"، تنشطان في حفر عشرات الآبار وإنتاج الغاز من الحقول غير المستغلة في البلاد.
منذ حظر أوروبا إمدادات الطاقة الروسية، نشطت الشركات الغربية في كشوفات النفط والغاز في الجزائر
وحسب التقرير، تربط ثلاثة خطوط أنابيب تحت البحر الأبيض المتوسط احتياطيات الغاز الهائلة في الجزائر بأوروبا.
وخلال معظم العقد الماضي، أبقت شركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم أسعار الغاز منخفضة، مما دفع الموردين، مثل الجزائر، إلى الخروج من السوق الأوروبية.
ويقول التقرير إنه قبل الحرب الروسية على أوكرانيا، كان 45% من صادرات النفط الروسية تذهب إلى الاتحاد الأوروبي، في حين كانت الهند تشتري معظم نفطها من الولايات المتحدة والعراق والمملكة العربية السعودية.
وصدرت روسيا معظم احتياجاتها من الغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمثل 45% من واردات الكتلة الأوروبية من الغاز.
يذكر أن روسيا أوقفت تدفقات الغاز إلى أوروبا لأول مرة في مارس/ آذار 2022، بعد شهر من بدء الحرب على أوكرانيا.
ومع فرض الغرب عقوبات على النفط الروسي، حصلت الصين والهند على تخفيضات كبيرة لأسعار الخامات الروسية، ليحدث ذلك تغييرات رئيسية في سوق النفط العالمي. إذ باتت آسيا سوقاً رائجة للنفط الروسي، بينما باتت أوروبا، خاصة أوروبا الشرقية، سوقاً جديدة للخامات العربية.
وفي الوقت نفسه، ضاعفت الولايات المتحدة شحناتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وزادت أوروبا عدد محطات الغاز الطبيعي المسال لديها. كما استورد الاتحاد الأوروبي المزيد من الغاز من الجزائر والنرويج وتركيا وأذربيجان بدلاً من الطاقة الروسية.
وعلى الرغم من أن للجزائر تحالفاً قوياً مع روسيا، حيث اشترت كميات كبيرة من الأسلحة من موسكو، ولكن تعطش أوروبا المفاجئ للغاز الطبيعي الجزائري، لم يمنع من زيادة تدفق صادراتها من الغاز الطبيعي للدول الأوروبية، خاصة دول الجنوب الأوروبي، القريبة من سواحل البحر الأبيض المتوسط، والمرتبطة بشبكة أنابيب مع الجزائر.
تعطش أوروبا المفاجئ للغاز الطبيعي الجزائري، لم يمنع من زيادة تدفق صادراتها من الغاز الطبيعي للدول الأوروبي
في هذا الصدد، نقلت "وول ستريت جورنال" عن وزير الطاقة الجزائري، محمد عرقاب، قوله: "لدينا صداقة وعلاقات سياسية مع روسيا، لكن ذلك لم يمنع تصديرنا للغاز".
ويجري المسؤولون الجزائريون مفاوضات بشأن صفقات غاز جديدة مع مشترين في ألمانيا وهولندا وأماكن أخرى في أوروبا. كما تضع شركة إيني الإيطالية استثمارات كبيرة في الإنتاج الجزائري.
وتجري الحكومة الجزائرية محادثات مع العملاقين الأميركيين "شيفرون" و"إكسون موبيل" بشأن صفقات لكشوفات جديدة محتملة، ربما ستمكن الشركتين من إنتاج الغاز في البلاد لأول مرة.
من جهة أخرى، يعمل كونسورتيوم تقوده شركة "بي بي" البريطانية، ومقرها لندن، على تعزيز إنتاج الغاز في أذربيجان، الواقعة في الجمهورية السوفييتية السابقة في منطقة القوقاز.
وتربط سلسلة من خطوط الأنابيب بطول 2100 ميل أذربيجان بإيطاليا. ويقول المسؤولون الأذريون إنهم يتقدمون في الموعد المحدد فيما يتعلق بالتعهد بمضاعفة إمدادات الغاز إلى أوروبا بحلول عام 2027.
وفي الشأن، تقترب شركة إيني من إنتاج الغاز الطبيعي المسال من منشأة عائمة قبالة ساحل الكونغو. وهكذا تجري الحرب في أوكرانيا وما تلاها من عقوبات غربية، إعادة توجيه تدفق الغاز الطبيعي حول العالم.
الصادرات العالمية من الغاز المسال ارتفعت إلى مستوى قياسي، مدفوعة بزيادة حادة في الشحنات الأميركية إلى أوروبا
وكان الغاز يتدفق في المقام الأول من الجنوب الغربي من روسيا باتجاه البحر الأبيض المتوسط، والآن تستعد أوروبا لتعزيز وارداتها من أفريقيا، مع تدفق الغاز عبر إيطاليا إلى النمسا ودول أخرى.
يذكر أن الصادرات العالمية من الغاز الطبيعي المسال ارتفعت إلى مستوى قياسي، مدفوعة بزيادة حادة في الشحنات الأميركية إلى أوروبا.