حجب إنستغرام يحرم ملايين الإيرانيين من مصادر رزقهم

08 أكتوبر 2022
منصات التواصل الاجتماعي تحولت إلى ساحة تجارية مهمة لملايين الإيرانيين (الأناضول)
+ الخط -

حجبت السلطات الإيرانية في أعقاب الاحتجاجات الأخيرة، ما تبقى من شبكات وتطبيقات التواصل الاجتماعي غير المحظورة في البلاد، مثل "إنستغرام" و"واتساب" لتلحق هاتان المنصتان ببقية المنصات الدولية المحظورة في الدولة مثل "تويتر" و"تلغرام" و"فيسبوك"، لكن "إنستغرام" ليس كغيره من المنصات، إذ يترتب على حجبه تبعات اقتصادية كبيرة على الإيرانيين في ظروف يواجهون فيها أزمة متفاقمة منذ 2018 على خلفية تعرض البلاد لعقوبات أميركية خانقة تستهدف جميع مفاصل الاقتصاد.

جاء حجب منصتي "إنستغرام" و"واتساب" بأمر من مجلس أمن الدولة بعد يومين من اندلاع الاحتجاجات الواسعة على وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني (22 عاما) في 16 سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد أيام من احتجازها من قبل شرطة الآداب بتهمة عدم التقيد بقواعد الحجاب.

لم يعلن مجلس أمن الدولة الإيراني عن موعد لإعادة السماح لهذه المنصات بالعمل، لكن وزير الداخلية، أحمد وحيدي، قال إن تقييد الإنترنت الدولي وحجب شبكات التواصل الاجتماعي سيستمر طالما الاضطرابات مستمرة، متهما هذه القنوات التواصلية بأنها تغذي "الشغب" في إيران و"تخل بالأمن" حسب قوله.

لكن ثمة خشية تراود رواد هذه المواقع ومستخدميها في إيران من أن يكون حجبها دائما على غرار حظر دائم لبقية المنصات، فضلا عن أن الخطوة تحظى بدعم أوساط محافظة متنفذة في السلطة وأنها مدفوعة بدعوات متعددة خلال السنوات الأخيرة لحظر إنستغرام.

ثمة أرقام متضاربة حول النشاط التجاري للإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي، لكنها إلى جانب استخداماتها الأخرى، تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى ساحة تجارية مهمة لملايين الأشخاص، إذ يقول مركز الإحصاء، إن هذه المنصات تشكل مصدر رزق لنحو 11 مليون إيراني، منهم 9 ملايين يمارسون العمل التجاري على منصة إنستغرام، أي نحو 83% من إجمالي المستفيدين منها، لذلك فإن حظر هذه المنصات ولاسيما إنستغرام يفاقم الأزمة الاقتصادية الإيرانية من جهة، ويزيد أعداد العاطلين عن العمل من جهة ثانية، ما يعني تفاقم الأزمة الاقتصادية.

وما يزيد أهمية إنستغرام في الاقتصاد الإيراني، أن مليونين و400 ألف مركز تجاري يعمل على هذه المنصة وفق تصريحات لسكرتير المجلس الأعلى للعالم الافتراضي الحكومي، أبو الحسن فيروزأبادي، خلال يوليو/تموز الماضي، فضلا عن إعلان مركز "بتا" الإيراني لتقييم المعلومات على الإنترنت عن وجود مليون و700 ألف عمل تجاري نشيط على إنستغرام، منها 200 ألف عمل كبير ومتوسط على المستوى الوطني و500 ألف محلي بالمحافظات، أي أن كل صفحة على المنصة تشكل مصدر رزق عدة إيرانيين أو أقله إيراني واحد. وثمة بيانات أخرى عن أن حجم التجارة في إيران على إنستغرام وحدها يبلغ سنويا أكثر من نحو 1.5 مليار دولار.

فريد، شاب إيراني في الثلاثينيات من عمره، يقدم على إنستغرام، دورات تدريبية للتسويق، ويتابعه الآلاف، مبدياً ضيقه في حديث مع "العربي الجديد" من حجب هذا الموقع، قائلا إن عمله توقف عليه منذ عشرة أيام تقريبا.

يعرب فريد عن تشاؤمه من احتمال إعادة فتح هذه المنصات مرة أخرى في البلاد، لكنه لم يفقد أمله ويتمنى أن يرفع الحجب عنها قريبا ليستعيد دخله الشهري المقدر بنحو ألف دولار، قائلا: "أدعو السلطات الإيرانية إلى مراعاة الوضع المعيشي المتفاقم في البلاد هذه الأيام ورفع الحظر عن هذه المنصات لمعاودة التجارة عليها سريعا".

يقول: "لا بديل محليا لنقل التجارة الافتراضية الإيرانية على المنصات الدولية"، مشيرا إلى أنه وملايين مثله ناشطين تجاريا على إنستغرام، لا يملكون مصدر رزق آخر لأنفسهم وأسرهم.

كذلك، مع بطء الإنترنت خلال الشهور الأخيرة، والذي بلغ ذروته قبل أكثر من شهر تقريبا، تراجعت زيارة المتاجر على إنستغرام نحو 35%. واليوم بعد حجب الموقع ومنصات أخرى، يتوقع أن يلحق الأمر أضراراً قياسية بالنشاط التجاري للإيرانيين على هذه المواقع.

وخلال الأيام الأخيرة، أفادت مؤسسة "نت بلوكس" الدولية غير الحكومية المعنية بمراقبة أمن الشبكات وسرعة الإنترنت في مناطق العالم بأن حظر إنستغرام يحمّل إيران خسارة مالية تقدر بـ1.5 مليون دولار كل ساعة. كذلك، مركز التجارة الرقمية في طهران، أعلن في بيان أن استمرار حجب هذه المواقع أوقف عمل 450 ألف صفحة متجرية على إنستغرام.

وبدأت وكالة "فارس" الإيرانية المحافظة، الثلاثاء الماضي، حملة توقيعات لحجب إنستغرام نهائيا في إيران، ما أثار انتقادات في وسائل إعلام محلية. وبدأت الوكالة الحملة لحظر المنصة تحت شعار "إفشال الحصار الافتراضي للعدو وتقنين المنصات الاجتماعية".

 

المساهمون