- تكلفة جندي الاحتياط تقترب من ضعف تكلفة الجندي النظامي، مما يضع أعباء كبيرة على الموازنة الإسرائيلية ويسبب خلافات حول تمويل الحرب.
- الأعباء الإضافية تشمل خسارة الإنتاج، فقدان الأقدمية الوظيفية، ونقص حاد في الأيدي العاملة بقطاعات مختلفة، مما يؤدي إلى جمود اقتصادي وارتفاع الأسعار.
أثارت الكلف المرتفعة لاستعانة جيش الاحتلال الإسرائيلي بمئات آلاف جنود الاحتياط في الحرب المستمرة على قطاع غزة، أزمة بين وزارتي المالية والدفاع، إذ كشفت البيانات المالية أن كلفة جندي الاحتياط تقترب من ضعف الجندي النظامي ما يحمل الموازنة أعباء كبيرة وسط غياب اليقين بشأن انتهاء الحرب قريباً، فضلا عن الخسائر التي يتحملها الاقتصاد جراء تحويل جهد مئات الآلاف من خطوط الإنتاج إلى الجبهات الحربية.
نشر كبير الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية شموئيل أبرامسون، تحليلاً يوضح الاختلافات والتكلفة التي يتحملها الاقتصاد بين تمديد الخدمة الاحتياطية مقابل تمديد الخدمة العادية. ويأتي ذلك في إطار صراع بين وزارتي المالية والدفاع حول زيادة ميزانية الجيش، وفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت أمس الخميس.
أكد أبرامسون أن التكلفة التي يتحملها الاقتصاد نتيجة تمديد الخدمة الاحتياطية أعلى بكثير من تكلفة تمديد الخدمة للجنود النظاميين، لافتا إلى أنه "يمكن أن تصل فروق التكلفة إلى أكثر من مليار شيكل في تمديد الخدمة في شهر واحد".
وأشارت البيانات إلى أن تمديد خدمة الاحتياط للرجال سيكون مكلفاً بشكل خاص، لاسيما لمن تتراوح أعمارهم بين 40 و45 عاما، والذين تصل تكلفة الواحد منهم إلى 62 ألف شيكل شهرياً (17.2 ألف دولار)، بينما تكلفة تمديد الخدمة للأعمار من 31 إلى 39 عاماً ستكون 54 ألف شيكل، وبالنسبة للأعمار من 22 إلى 30 عاماً ستصل التكلفة إلى 33 ألف شيكل شهرياً.
وبالنسبة للنساء، فإن تكلفة المجندات في صفوف الاحتياط للفئة العمرية بين 40 و45 عاماً تبلغ 38 ألف شيكل (10.55 آلاف دولار) لكل مجندة، وللفئات العمرية بين 31 و39 عاماً 35 ألف شيكل وللأعمار بين 30 و32 عاماً 27 ألف شيكل.
وبمقارنة جنود الاحتياط الذكور والجنود النظاميين، فإن متوسط التكلفة يصل إلى 48 ألف شيكل شهرياً لجندي الاحتياط مقابل 27 ألف شيكل للجندي النظامي. وبالنسبة للنساء، فإن متوسط تكلفة المجندة الاحتياطية تبلغ 32 ألف شيكل، بينما تبلغ للمجندات النظاميات 21 ألف شيكل شهرياً، وفق بيانات كبير الاقتصاديين في وزارة المالية.
وذكرت صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية إلى أن الأعباء الإضافية لا تقتصر على الجوانب المالية التي تتحملها الموازنة الإسرائيلية من استمرار خدمة جنود الاحتياط والتي تبلغ نحو 4.7 مليارات شيكل (1.3 مليار دولار) في خمسة أشهر، وإنما أيضا الكلف الاقتصادية للدولة، إذ تشير وزارة المالية إلى الخسائر طويلة المدى للاقتصاد من بقاء الجندي في الجيش وليس في سوق العمل.
ولفتت الصحيفة إلى أن هناك أربع تداعيات لبقاء جنود الاحتياط في الخدمة، يتمثل الأول في حجم الإنتاج الذي يخسره الاقتصاد لبقاء العامل في صفوف الجيش، والثاني هو "فقدان الأقدمية الوظيفية أثناء الخدمة في الجيش"، وثالثاً تراجع دخل الأسرة، ورابعاً تأجيل الدراسة حيث يجري احتساب كم يكسب الفرد لو تقدم في دراسته الأكاديمية في حال عدم استدعائه إلى الجيش. وأضافت أن تجنيد الفئات التي تتراوح أعمارها بين 40 و45 عاماً بدلا من التجنيد المنتظم للشباب اليهود المتشددين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18و21 عاماً هو خيار أكثر تكلفة بكثير بالنسبة للاقتصاد.
وأعطى الكنيست (البرلمان) الأسبوع الماضي، موافقته النهائية، على ميزانية الدولة المعدلة لعام 2024 البالغة 584 مليار شيكل (162.2 مليار دولار)، وذلك بإضافة عشرات مليارات الشواكل لتمويل الحرب على غزة. وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بعد التصويت إن الميزانية المعدلة لها "أهداف واضحة، وهي الفوز بالحرب ودعم قوات الاحتياط وتعزيز جبهة الوطن ومواصلة إنماء الاقتصاد الإسرائيلي".
وتتوقع الميزانية عجزا بنسبة 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقارنة بمستوى ما قبل الحرب البالغ 2.25%. وارتفع العجز إلى 5.6% على أساس سنوي في فبراير/شباط، من 4.8% في يناير/كانون الثاني.
وكان جيش الاحتلال قد استدعى نحو 370 ألف شخص من جنود الاحتياط في أعقاب اندلاع الحرب على قطاع غزة قبل نحو ستة أشهر. وجاءت عمليات الاستدعاء الواسعة مع معاناة الاقتصاد من إيقاف تصاريح العمال الفلسطينيين وهروب العمال الأجانب في أعقاب اندلاع القتال في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ودخل العديد من القطاعات الاقتصادية في حالة من الجمود بسبب نقص الأيدي العاملة، فضلا عن تراجع جودة المنتجات وارتفاع الأسعار. وفي قطاع المطاعم هناك نقص بنحو 20 ألف عامل وفق ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت قبل أيام عن شاي بيرمان، الرئيس التنفيذي لجمعية المطاعم. وفي قطاع الفنادق ويوجد نقص بنحو ألفي موظف في أعمال خدمة النزلاء فقط وفق اتحاد الفنادق. وفي قطاع البناء الأضخم يصل العجز إلى 90 ألف شخص، وفي المصانع بمختلف تخصصاتها يصل العجز إلى 20 ألف شخص.
وباتت خسائر توقف الأعمال نتيجة نقص الأيدي العاملة مقلقة للجميع. ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أخيراً عن 12 عضواً من الكنيست قولهم إن تجمد قطاعات اقتصادية في إسرائيل نتيجة منع دخول العمال الفلسطينيين يكلّف 3.1 مليارات شيكل يومياً (861.1 مليون دولار)، بناء على بيانات من وزارة المالية. وحتى اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كان يعمل في الاقتصاد الإسرائيلي نحو 310 آلاف عامل غير إسرائيلي، نصفهم تقريباً من الفلسطينيين. وتأثر النشاط في قطاعي البناء والزراعة بشدة بشكل خاص، حيث كان العمال غير الإسرائيليين عشية الحرب يشكلون حوالي ثلث ونحو نصف العاملين، على الترتيب.