جميل إرتيم... كاتب النموذج الاقتصادي الجديد في تركيا

03 يناير 2022
نهج إرتيم خلال كتاباته الاقتصادية نهجاً قريباً مما يتبناه الرئيس التركي (العربي الجديد)
+ الخط -

شغل اسم جميل إرتيم وسائل الإعلام التركية في الآونة الأخيرة، بعدما نسبت له الدور الأكبر في خطة "النموذج الاقتصادي الجديد" التي قلما استخدمتها دول من ذي قبل، وتقوم على تنفيذ ما أطلق عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ"الاستقلال الاقتصادي"، الذي من المستحيل أن يجرى في ظل سياسة مالية قائمة على أسعار الفائدة المرتفعة أو توصيات صندوق النقد الدولي.

وذهبت صحف تركية إلى أنّ إرتيم صاحب فكرة الإنقاذ الأخيرة، وهو من أشار على الرئيس التركي برمي الحزمة الأخيرة "نقدية ومالية بآن واحد" لتستعيد الليرة التركية نحو 50% من خسائرها خلال الأيام الأخيرة من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ويتحسن سعر الصرف من أكثر من 18 ليرة للدولار إلى أقل من 11 ليرة بعد أيام قليلة من الإعلان عن هذه الحزمة، لكن سرعان ما عاودت الهبوط، لكنها تظل في نطاق أفضل من ذي قبل عند 13.2 ليرة للدولار.

ربما ليس اسم إرتيم، المولود في مدينة دوزجة شمالي تركيا، غريباً عن الإعلام الاقتصادي، إذ كتب الكثير من المقالات الاقتصادية في العديد من الصحف التركية، "أكشام"، "ستار"، "نقطة"، "طرف" و"يوم"، كما عمل محرراً للاقتصاد في نشرات تلفزيون "ايه تي في" ليحصل على جائزة أفضل كاتب اقتصادي من جمعية موصياد عام 2011، إلى جانب إصداره العديد من الكتب، منها كتاب "النهر الذي وجد قاعه: الاقتصاد السياسي في عهد أردوغان"، وكتاب "نهايات وبدايات"، وكتاب "النظام العالمي الجديد".

نهج خفض أسعار الفائدة

واستفاد جميل إرتيم، الذي درس الاقتصاد والماجستير والدكتوراه في جامعة إسطنبول، من خلفيته الأكاديمية، سواء عبر الدراسة أو التدريس في كلية الاقتصاد، فنهج، خلال كتاباته الاقتصادية، نهجاً قريباً مما يتبناه الرئيس التركي اليوم، والمتمثل في "تخفيض سعر الفائدة وتقليل الورادات وصولاً إلى نسبة تضخم أقل ونمو أكبر"، فلفت منذ عام 2015 نظر أردوغان، فاستقطبه ليكون كبير المستشارين الاقتصاديين في رئاسة الجمهورية.

كما يشغل إرتيم عضوية مجلس إدارة "بنك وقف" منذ عام 2018، ويستمر بالكتابة في صحف "ديلي صباح" و"ملييت" و"طرف" حتى اليوم، والتي عزا من خلالها أسباب تأزم الليرة إلى "هجوم جبهة فاشية تتكون من الانقلابيين ولوبي الفائدة بهدف التضييق على الرئيس أردوغان"، كما أورد في صحيفة "طرف" في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إضافة لمقالات عدة يؤكد خلالها عدائه لسعر الفائدة المرتفع، ما لفت انتباه المسؤولين ومنهم أردوغان، الذي طلب منه خطة حول النهج الذي ينطلق من تخفيض سعر الفائدة، فقدم بحسب الإعلام التركي عرضاً للرئيس أردوغان بعنوان "النموذج الاقتصادي الجديد: الأسباب والفوائد"، يركز على المشاكل الاقتصادية المزمنة التي واجهتها تركيا، ونجمت عن ارتفاع تكاليف الاقتراض وانخفاض أسعار الصرف.

وركز عرض إرتيم على فكرة الاستقلال الاقتصادي الذي تحدث عنه أردوغان مراراً، إذ من المستحيل برأي إرتيم أن تكون مستقلاً اقتصادياً أثناء تنفيذ سياسة مالية قائمة على أسعار الفائدة المرتفعة أو توصيات صندوق النقد الدولي، لأن سياسة أسعار الفائدة المرتفعة تؤدي إلى حلقة مفرغة من انخفاض الصادرات، وانخفاض العمالة، وارتفاع الواردات، وتفاقم الديون الخارجية، وزيادة الاعتماد على الخارج، الأمر الذي يتطلب مرة أخرى أسعار فائدة أعلى وأعلى، ما يزيد عجز الموازنة والدين الخارجي، ويفتح الباب على هجمات اقتصادية خارجية جديدة.

وتطرق المستشار الاقتصادي، خلال نموذجه، إلى تطبيق نظام تجارة خارجية يعتمد على صافي تدفق النقد الأجنبي والمنافسة العالمية، وإعطاء الأولوية لقاعدة الإنتاج والتكنولوجيا التي تولي أهمية لقوى عاملة مؤهلة وسياسة أجور عادلة، ومستوى رفاهية يتزايد تدريجياً.

هياكل مالية حديثة

ويشير إرتيم إلى أنّ النموذج الجديد يقوم على هيكل مالي يعمل بشكل جيد ويعتمد على التنوع، عبر رفع جودة رأس المال والأصول للنظام المصرفي، والإسراع في إنشاء هياكل مالية حديثة من شأنها تمويل القطاع الحقيقي خارج النظام المصرفي.

ويلفت إلى أنّ النموذج الجديد القائم على أسعار الفائدة المنخفضة سيزيد الصادرات ويقلل الواردات، ما يؤدي إلى فائض في الحساب الجاري ونمو أعلى مع ارتفاع معدلات التوظيف. وبالفعل، تواصل تركيا منذ مارس/آذار 2020 خفض أسعار الفائدة لتصل إلى 14% في ديسمبر/ كانون الأول بدلاً من 19%.

المساهمون