ثروات ومعادن أفغانستان النادرة تغري الصين القلقة من طالبان

18 اغسطس 2021
انسحاب القوات الأميركية وصعود طالبان يهدد بفراغ أمني في آسيا (Getty)
+ الخط -

ربما تغري غنيمة المعادن النادرة المكتنزة داخل الأراضي الأفغانية الصين، إلى جانب حرصها على حماية مصالحها التجارية الاقتصادية الواسعة في دول منطقة آسيا باستغلال الانسحاب الأميركي وبناء علاقات قوية مع حركة طالبان.

لكن على الرغم هذه المصالح الضخمة لدى بكين في الاستقرار السياسي والأمني داخل أفغانستان، ولكنها ربما ستبقى حذرة في الوقت الراهن ومتوجسة من التورط في أفغانستان وأمامها دروس مرة وحصاد خسائر التريليونات التي تكبدتها كل من روسيا والولايات المتحدة.

ويرى خبراء أن عين الصين هي على المعادن النادرة في جبال أفغانستان، والتي تقدر قيمتها بين تريليون وثلاثة تريليونات دولار.

وتعد المعادن النادرة التي تهيمن الصين على جزء كبير من احتياطاتها العالمية إحدى نقاط الضعف في الصناعة الأميركية ونقطة قوة لدى الحكومة الصينية في نزاعاتها التجارية والتقنية مع الولايات المتحدة.

وبالتالي من غير المستبعد ورغم المخاطر أن تغري غنيمة المعادن النادرة بكين بالتعاون مع حكومة طالبان وزيادة حصتها العالمية منها.

وتستخدم المعادن النادرة في صناعات استراتيجية من بينها الإلكترونيات والسيارات الكهربائية والطائرات والأقمار الصناعية والمركبات الفضائية. وتشير بيانات هيئة الجيولوجيا الأميركية إلى أن لدى الصين نحو 35% من إجمالي الاحتياطات العالمية من تلك المعادن.

وحسب بيانات الهيئة الأميركية، أنتجت الصين من هذه المعادن نحو 120 ألف طن متري في العام 2018، بينما أنتجت الولايات المتحدة نحو 15 ألف طن متري فقط.

وتعتمد الولايات المتحدة على الصين في تلبية جزء كبير من احتياجاتها من المعادن النادرة بالاستيراد من الشركات الصينية.

وكانت بكين قد لوحت خلال التوتر التجاري والتقني في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب بأنها ربما تحظر تصدير المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة، كما أن الشركات الأميركية المنتجة للمعادن النادرة في أميركا تعتمد في معالجتها وتنقيتها على المعامل الصينية. وبالتالي ربما تكون المعادن النادرة نقطة ارتكاز رئيسية في  العلاقات بين بكين وكابول في المستقبل.

في هذا الصدد، لاحظ خبراء دوليون أن الصين بعد ساعات من سقوط كابول في يد طالبان دعت إلى علاقات تعاون مع الحركة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن "بكين على استعداد للتعاون مع طالبان على أساس احترام سيادة أفغانستان واشراك كل الأطراف في حكم البلاد"، وذلك حسب وكالة شينخوا الرسمية الصينية. وردت طالبان قائلة إنها "تتطلع إلى مشاركة الصين في إعادة بناء وتنمية أفغانستان".

ربما تكون المعادن النادرة نقطة ارتكاز رئيسية في  العلاقات بين بكين وطالبان في المستقبل

وكان وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، قد التقى وفداً من طالبان في مدينة تيانجين الصينية في يوليو/ تموز الماضي، وربما تناول اللقاء بعض الترتيبات الأمنية الخاصة بحماية مشاريع الصين في بعض دول آسيا المجاورة لأفغانستان.
لكن مصادر صينية استبعدت تدخل بكين عسكرياً لملء الفراغ الأمني الذي تركه الانسحاب الأميركي في منطقة آسيا الوسطى. وهو ما أكدته مصادر لصحيفة "غلوبال تايمز" الصينية في نسختها الإنكليزية، التي نفت في تقرير يوم الأحد، شائعات احتمال ملء بكين الفراغ الأمني الذي تركه انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان بقولها "لا أساس لهذه الشائعات من الصحة".

ويرى خبراء في "مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي"، أن "الحكومة الصينية التي تجاور أفغانستان، ولديها مصالح تجارية ضخمة في منطقة آسيا، تنظر إلى طالبان بمنظار درء المخاطر التي قد تترتب على مصالحها التجارية والاقتصادية.
في هذا الصدد قال الخبير أندرو سمول في تعليقات لـ"مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي": "الحكومة الصينية لا تنظر لأفغانستان بعد صعود طالبان للحكم بمنظار الفرص التجارية والاستثمارية، ولكن بمنظار إدارة المخاطر التي تمثلها طالبان على مصالحها".

ولدى الصين مصالح اقتصادية ضخمة تقدر بمئات المليارات بدول آسيا التي تمثل معبراً رئيسياً لمشروعات "الحزام والطريق" إلى أوروبا والمنطقة العربية، ولكن لديها مصالح تجارية ضئيلة جداً في أفغانستان نفسها، إذ لا تتعدى منجماً للنحاس بمنطقة أيناك، ومشروع طاقة في منطقة آمو داريا بأفغانستان.

الصين رفضت في السابق تمويل أية مشاريع في أفغانستان، رغم إلحاح حكومات كابول، خاصة مع الاستقرار الأمني الذي وفرته القوات الأميركية والناتو

يذكر أن الصين رفضت في السابق تمويل أية مشاريع عبر أفغانستان، على الرغم من إلحاح الحكومة الأفغانية السابقة، خاصة مع الاستقرار الأمني الذي وفرته القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي.

في ذات الشأن، تقول مديرة البرنامج الآسيوي بمجلس العلاقات الخارجية الأوروبي، الخبيرة جانكا أورتيل إن بكين "تتخوف على أمن مشاريعها في باكستان وحماية مصالحها في المنطقة، ولكنها لا ترغب بالتورط في أفغانستان".

وتضيف أن "ما يهم الحكومة الصينية في الوقت الراهن هو حماية هذه المصالح، ولكنها لن تغامر بالاستثمار في أفغانستان إلا إذا توفر الأمن والاستقرار السياسي".

يذكر أن العمال الصينيين في مشاريع الحزام والطريق تعرضوا لهجمات طالبان، وكادت الحكومة الصينية أن توقف عمليات التشييد في بعضها.

كما تتخوف بكين كذلك من تمدد طالبان وبناء علاقات مع الجماعات الإسلامية، وأقلية الايغور التي تتعرض للاضطهاد داخل الصين وتدعمها إدارة الرئيس جوزيف بايدن.

ويلاحظ أن مخاطر صعود طالبان  لحكم أفغانستان لا تتوقف فقط على دول آسيا الوسطى  ولكنها تزيد من القلق في دول الاتحاد الأوروبي التي تتخوف من تدفق اللاجئين الأفغان إليها، خاصة وأن مجموعات منهم وصلت إلى تركيا بالفعل وفق وسائل إعلام دولية.

المساهمون