- مشروع القانون يهدف لإنهاء الفوضى في المعاملات التجارية الإلكترونية، مع توفير حماية قانونية للمستهلكين وضمان مراقبة الدولة للمدفوعات.
- يتطلب من التجار الحصول على تراخيص وتحديد سن دنيا للممارسة، مع فرض عقوبات مالية على المخالفين لحماية البيانات الشخصية للمستهلكين.
بدأ برلمان تونس ترتيبات تنظيم ممارسة نشاط التجارة والتسويق الإلكتروني على شبكات التواصل الاجتماعي، بعد توسع هذا النشاط خلال السنوات الأخيرة خارج الأطر التشريعية التي تنظم النشاط التجاري في البلاد. ومؤخراً طرح برلمانيون مشروع قانون يهدف إلى تعزيز الثقة في المعاملات التجارية الإلكترونية وتطويرها مع توفير الحماية اللازمة لجميع الأطراف المتداخلة من الغش والخداع والتضليل. وتحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى سوق واسعة النطاق للمعاملات التجارية بمختلف أصنافها لتشمل المنسوجات والمركبات والعقارات وحتى الدواب والمنتجات الزراعية، ما سبّب أضراراً للقطاع التجاري المنظم الذي يسجل تراجعاً في معاملاته مقابل تحمّله للأعباء الضريبية القانونية.
ووفق وثيقة شرح الأسباب التي قدمها البرلمانيون يتوقع أن يساعد مشروع القانون على القضاء على فوضى المعاملات التجارية على مواقع التواصل الاجتماعي التي صارت تمثل تهديداً مباشراً للاقتصاد المنظم وضرراً بالغاً لعدد من الشركات المنتظمة في قطاع التجارة الالكترونية من المؤسسات الصغرى والمتوسطة ولباعة المحلات التجارية التقليدية. كما يقول أصحاب المبادرة التشريعية إن الغاية من مشروع القانون حماية المستهلك أيضاً من الاحتيال ومراقبة الدولة على المدفوعات. ووفق دراسة تقييمية أنجزتها وزارة التجارة حول مؤشرات التجارة الإلكترونية عام 2021 فإن 80% من معاملات هذا النوع من التجارة تتم نقداً من خلال الدفع عن التسليم عبر الشركات الناشطة في مجال نقل الطرود، أي إن 80% من المدفوعات هي خارج مجال مراقبة الدولة واستفادتها.
وقال رئيس الجمعية التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق حواص إنه "سيكون من المهم جداً حوكمة التجارة على وسائل التواصل الاجتماعي التي انفجرت في السنوات الأخيرة مستفيدة من ضعف الإطار التشريعي الذي ينظمها". وأضاف حواص في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه بات من الضروري تأمين الحماية القانونية اللازمة لمستهلكي المنتجات التي تباع على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي منتجات مجهولة المصدر في أغلبها.
ووفق نص مشروع القانون سيكون التجار على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبين بسحب كراسات شروط من وزارة التجارة لممارسة نشاطهم. وتشمل كراسات الشروط معظم الأعمال التجارية الإلكترونية مع اشتراط سن دنيا لممارسة النشاط لا تقل عن 18 عاماً. ورأى رئيس الجمعية التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أن "القطاعات التجارية المنظمة في منافسة غير شريفة مع محلات التجارة الافتراضية المنتصبة على منصات فيسبوك وانستغرام وتيك توك، حيث لا يتحمل هؤلاء التجار أي أعباء ضريبية، كما لا يتحملون التبعات القانونية للغش والتظليل مقابل تحمل المؤسسات التجارية كلَّ الأعباء المفروضة على القطاع المنظم".
وتنص بنود مشروع القانون المطروح على النقاش في البرلمان على حماية المستهلك عبر حماية معطياتهم الشخصية كما يحق لهم التبليغ عن الغش والتضليل الذي ستصل عقوبته إلى الحجب النهائي للموقع وتسليط عقوبات مالية على المخالفين تصل إلى 5 آلاف دينار (1.6 ألف دولار). وخلال السنوات الأخيرة اتسعت على وسائل التواصل الاجتماعي أنشطة البيع الإلكتروني مستفيدة من الحضور المكثف للتونسيين على هذه المواقع، إذ تحتلّ تونس المرتبة الرابعة أفريقيّاً من حيث عدد استعمال مواقع التواصل الاجتماعي.
ويبلغ عدد التونسيّين الذين يستعملون فيسبوك نحو 7 ملايين شخص، أي ما يعادل 54% من السكان، في حين بلغ عدد مستعملي "ماسنجر" 5.28 ملايين مستخدم و"إنستغرام" 2.9 مليون بحسب بيانات صادرة حديثاً عن وزارة تكنولوجيا الاتصال. وتغيب البيانات الرسمية حول قيمة المعاملات في سوق التجارة الإلكترونية، المنظمة أو غير المنظمة، غير أن الغرفة النقابية للتجارة الإلكترونية تقول إن تقديراتها تصل إلى 1.5 مليار دينار (482.3 مليون دولار) في العام، غير أن 70% من هذه المعاملات تتم في السوق الموازية التي تنشط على شبكات التواصل الاجتماعي.