تكشف بيانات رسمية، اطلعت عليها "العربي الجديد"، أن تونس مطالبة بسداد ديون خارجية وداخلية بقيمة 450 مليون دولار قبل نهاية العام الجاري 2021، فيما تعاني الدولة من صعوبات مالية، الأمر الذي يدفعها نحو الاقتراض من السوق المحلية، وفق توقعات خبراء اقتصاد، لسداد هذه التزامات.
وتظهر البيانات الصادرة عن وزارة المالية أن تونس مطالبة بسداد 1.19 مليار دينار (450 مليون دولار)، من بينها قسطان لديون خارجية سيدفعان في سبتمبر/ أيلول المقبل بنحو 300 مليون دولار.
وسددت الدولة ديوناً بأكثر من مليار دولار في يوليو/ تموز الماضي، ما ساهم في تراجع احتياطي النقد الأجنبي، حتى 10 أغسطس/ آب الجاري، بمقدار 1.945 مليار دينار (694.6 مليون دولار) أو بنسبة 9%.
وفي ظل ضغط أقساط القروض المستحقة، تلجأ الدولة بشكل مكثف إلى البنك المركزي الذي يبذل جهوداً لإنقاذ البلاد من التعثر المالي عبر ضح تمويلات مباشرة لسداد الديون.
ويرجح الخبير المالي خالد النوري أن تواصل الحكومة اللجوء إلى البنك المركزي من أجل سداد ما تبقى من أقساط الدين للعام الحالي، مشيراً إلى أن الاقتراض الداخلي لا يزال قادراً على القيام بدور مهم في تعبئة موارد لفائدة الموازنة، لكن البنك المركزي متخوف من مواصلة الحكومة "توريطه" في ضخ السيولة لها، بشكل أو بآخر، لسداد أقساط القروض القادمة بالعملة الأجنبية مباشرة من المدخرات مما يفقده "استقلاليته".
تتوقع ميزانية تونس لعام 2021 أن تبلغ احتياجات الاقتراض 7.2 مليارات دولار، منها نحو 5 مليارات قروض خارجية، غير أن الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد أجلت مفاوضات تونس مع صندوق النقد الدولي من أجل توقيع اتفاق مالي جديد بقيمة 4 مليارات دولار كانت حكومة هشام المشيشي المقالة قد بدأت مناقشته مع خبراء الصندوق. كذلك لم تتمكّن تونس من الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية بسبب تأجيل الاتفاق مع صندوق النقد أيضاً.
جاء قرار الرئيس قيس سعيد، ليل الثلاثاء الماضي، تمديد التدابير الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو/ تموز الماضي "حتى إشعار آخر" ليزيد من ضبابية المشهد الاقتصادي في الدولة التي تعاني من صعوبات مالية كبيرة، إذ لم يطرح سعيد أي خريطة طريق لإنقاذ البلاد اقتصادياً، فيما تتصاعد تحذيرات المؤسسات المالية الدولية من تدهور مالي، ما دعا مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية إلى التحذير من خفض تصنيف تونس مجدداً بعد الخفض الأخير لتصنيفها السيادي إلى "B-"، والذي يعني أن هناك احتمالية لعدم سداد الالتزامات ومخاطرة عالية.
ولا يستبعد الخبير الاقتصادي محمد المنصف الشريف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، تعرض تصنيف تونس للمزيد من الخفض في الفترة المقبلة، خاصة في ظل عقبات الوصول إلى التمويلات الدولية.
وأكد الشريف ضرورة أن تكون هناك خريطة طريق سياسية واقتصادية لمنع انزلاق التصنيف التونسي نحو مزيد من الدرجات السلبية التي تزيد من تعقيد الوضع المالي للبلاد.