تونس: قيود على الجمعيات تهدد آلاف الوظائف

02 يونيو 2024
متظاهرون في تونس العاصمة يطالبون بتوفير فرص عمل، 29 سبتمبر 2012 (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- منظمات المجتمع المدني في تونس تواجه تحديات بسبب تعديلات قانونية مقترحة تقيد التمويل الخارجي، مما يهدد الوظائف ويحد من خدماتها المالية والتقنية.
- التعديلات تتطلب من المنظمات الأجنبية الحصول على تراخيص للعمل والتمويل في تونس، مما يشكل تغييراً كبيراً عن الوضع الحالي الذي سمح بإنشاء 25 ألف منظمة بعد الثورة.
- النقاش حول القانون يأتي في ظل أزمة بطالة، مع تأكيدات على أهمية المجتمع المدني في التنمية المستدامة والحاجة للشفافية في التمويل والإدارة المالية للمنظمات.

تسود مخاوف في أوساط منظمات المجتمع المدني في تونس من قيود قانونية تهدد آلاف الوظائف، إذ بدأ البرلمان مناقشات بشأن تنقيحات على القانون المنظم لعملها بغاية فرض قيود على التمويلات الخارجية التي تتلقاها.

وينص مشروع القانون الذي يناقشه البرلمان على أن تمنح وزارة الشؤون الخارجية التراخيص للمنظمات الأجنبية وتراقب تمويلاتها. ويفترض أن يحل المقترح الجديد مكان قانون 88 الذي أقر في سبتمبر/أيلول 2011 وسمح بإنشاء حوالى 25 ألف منظمة وجمعية، إثر سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذي أطاحته الثورة قبل 13 عاماً. وتشير التقديرات إلى توفير الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني نحو 40 ألف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر.

وتقلق المنظمات المدنية الناشطة بكثافة في تونس من التضييق على عملها ومصادرها المالية في حال المصادقة على القانون الجديد، ما يحيل آلاف العاملين في الكثير منها إلى البطالة القسرية، فضلا عن حرمان المنتفعين من الخدمات والإسناد المالي والتقني الذي يقدمه المجتمع المدني لآلاف التونسيين.

ويقول رئيس مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية، أمين غالي، إن القطاع المدني في تونس يساهم بنسبة تصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بما يزيد عن 46 مليار دولار سنوياً وفق بيانات البنك الدولي، كما يوفر عشرات آلاف فرص العمل لحاملي الشهادات العليا، ولا سيما الحاصلين على شهادات في تخصصات صعبة الإدماج في سوق العمل.

ويؤكد غالي لـ"العربي الجديد" أن "المجتمع المدني يشكل إحدى الدعائم الرئيسة الشريكة لتحقيق التنمية المستدامة بالتنسيق والتعاون مع شركاء المسؤولية، وهم الحكومة والقطاع الخاص". ويرى أن للمجتمع المدني دوراً اقتصادياً مهماً في دعم التنمية في البلاد وتوفير وظائف للوافدين على سوق العمل.

وحول الشكوك بشأن تمويلات غير سليمة لمنظمات مدنية أو إمكانية استغلالها في تبييض أموال، يقول غالي إن الدولة تمتلك أساساً كل آليات الرقابة على نشاط الجمعيات وتمويلاتها، ويمكنها تسليط عقوبات على الجمعيات المخالفة وفق ما حدده مرسوم 2011 الذي لم يغفل هذا الجانب.

ويعتبر أن المجتمع المدني غير مسؤول عن ضعف عمل هياكل الرقابة والتي يقدر عددها بـ12 هيكلاً رقابياً، مبينا أن الإدارة العامة للجمعيات لا تقوم بدورها الرقابي كما يجب، في ظل نقص مواردها المالية والبشرية، ونقص اعتمادها على الرقمنة.

ويقول إن "الحديث عن تحول القطاع المدني إلى حديقة لغسل الأموال وتلقي تدفقات مالية مشبوهة أمر مبالغ فيه"، لافتا إلى أن معدل التمويلات السنوية التي تحصل عليها الجمعيات الناشطة لا يتجاوز 180 مليون دينار (حوالى 60 مليون دولار)، مشيرا إلى أن الجمعيات وجهت هذه التمويلات نحو المساعدة على توفير خدمات أساسية للعديد من فئات المجتمع من بينها حافلات للتلاميذ، أو تدريس ذوي الاحتياجات الخاصة، أو القيام بحملات تطوعية لصالح البيئة، أو اقتراح حلول علمية للنهوض بالاقتصاد المحلي.

وقفز عدد الجمعيات من 9744 جمعية قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011 إلى 24278 جمعية نهاية سبتمبر/أيلول 2023، وفق البيانات الرسمية.

ولا ترى المنظمات المدنية الناشطة في تونس موجباً لصياغة وإصدار قوانين جديدة تنظم إنشاء الجمعيات وتمويلها، لافتة إلى أن القطاع الأهلي أبدى قدرة على دعم أنشطة مهمة على غرار الصناعات التقليدية والتدريب المهني ومساعدة النساء على التمكين الاقتصادي وإحداث نسيج للمشاريع الصغرى.

وتعاني تونس ركود سوق العمل وارتفاعاً في نسبة البطالة التي تطاول أكثر من 23% من حاملي الشهادات الجامعية ولا سيما الإناث منهم. وتشير بيانات معهد الإحصاء الحكومي إلى أن معدل البطالة بلغ 16.2% في الربع الأول من العام الجاري مقارنة مع 16.1% في الفترة نفسها من 2023.

وارتفعت نسبة البطالة بين حاملي الشهادات الجامعية لتصل إلى 23.4% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام مقابل 23.2% خلال نفس الفترة من 2023.

ويشير وزير التشغيل السابق فوزي بن عبد الرحمن في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أهمية الحفاظ على النسيج المدني المشغل توازياً مع تعزيز الدور الرقابي للأجهزة الحكومية المكلفة بمتابعة التزام الجمعيات بالنشر السنوي لحساباتها المالية.

وحسب دراسة المركز الوطني للجمعيات "إفادة" تنشر سنوياً 37% من الجمعيات غير الحكومية قوائم المداخيل والمصاريف المالية، بينما لا تملك 29% من الجمعيات حسابات مالية مفتوحة لدى المصارف أو البريد كما أن 11% من الجمعيات، خاصة ذات الصبغة الوطنية، تتمتع بدعم مالي مراقب من مصادر تمويل دولية وإقليمية.

المساهمون