استمع إلى الملخص
- **كتلة الأجور والناتج المحلي الإجمالي**: تمثل رواتب القطاع الحكومي 49.1% من مداخيل الدولة، ويطالب صندوق النقد الدولي بخفضها لأقل من 12% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يرى الخبير الاقتصادي محسن حسن أن زيادة النمو وتحريك الاستثمار هي الحل.
- **تعزيز الدور الاجتماعي والدعم الحكومي**: تعتزم السلطات زيادة التحويلات الاجتماعية ودعم السكن والصحة والتعليم، مع مواصلة دعم المحروقات وحوكمة الإنفاق على الكهرباء، وسط توقعات بنمو اقتصادي بطيء واستمرار التضخم.
كشفت وثيقة رسمية أن السلطات تتجه نحو مواصلة السياسة التقشفية في نفقات التسيير وتجميد التوظيف في القطاع الحكومي إلى جانب توسعة قاعدة الضرائب في العام المقبل بهدف تعزيز الموارد المالية لخزانة الدولة.
وذكرت الوثيقة التي نشرتها وزارة المالية بشأن الخطوط العريضة لمشروع الموازنة المقبلة على موقعها الإلكتروني أن "مشروع قانون المالية لسنة 2025 يهدف إلى "التحكم التدريجي في التوازنات المالية والتقليص قدر الإمكان من اللجوء إلى التداين الخارجي والمزيد من التعويل على الذات ركيزةً أساسية لضمان استدامة المالية العمومية".
وقالت الوزارة إن النية تتجه نحو مواصلة العمل على التحكم في كتلة الأجور والنزول بها إلى نسب معقولة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أشارت إلى اعتزام الحكومة ترشيد الانتدابيات وتوجيهها بحسب الأولويات القطاعية وعدم تعويض الشغورات والسعي إلى تغطية الاحتياجات المتأكدة بإعادة توظيف الموارد البشرية المتوفرة أو عن طريق الحراك الوظيفي.
وتمثل كتلة رواتب القطاع الحكومي وفق بيانات رسمية 49.1% من مداخيل ميزانية الدولة، بعد أن تطور حجمها من 6.7 مليارات دينار (2.2 مليار دولار) عام 2010 إلى 23.7 مليار دينار (حوالي 7.8 مليارات دولار) عام 2024 ما يشكل 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي. وتنهج تونس منذ نحو 6 سنوات سياسة تجميد التوظيف في القطاع الحكومي بهدف النزول بكتلة الأجور إلى 12% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويطالب صندوق النقد الدولي سلطات تونس بخفض كتلة الأجور إلى أقل من 12% من إجمالي الناتج المحلي الذي من المتوقع أن يبلغ 175 مليار دينار هذا العام، للحد من تأثيرها على مصاريف ميزانية الدولة، بعد أن صعد الإنفاق على الأجور إلى حدود 16% من إجمالي الناتج المحلي.
لكن الخبير الاقتصادي ووزير التجارة السابق محسن حسن، يرى أن تواصل السياسات التقشفية التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة بغاية التحكم في كتلة الأجور لم تعد مجدية بالقدر الكافي، مؤكداً أن الطلب الداخلي من أهم محركات النمو الاقتصادي.
وقال حسن لـ"العربي الجديد" إن زيادة نسب النمو العام واستعادة الأنشطة الاقتصادية المهمة وتحريك الاستثمار هي الأدوات الوحيدة القادرة على استيعاب كتلة أجور عالية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي. وأشار إلى ضرورة برمجة الحكومة زيادة جديدة في الرواتب العام القادم ومراجعة الجدول الضريبي بهدف خلق ديناميكية جديدة في محرك الاستهلاك ودفع الطلب الداخلي.
واعتبر أن الخروج من مرحلة الركود الاقتصادي يحتاج أيضاً إلى اعتماد الحكومة على سياسة مالية توسعية تعطي فيها الأولوية للاستثمار العمومي الذي يحفّز بدوره الاستثمار الخاص، مشيراً إلى أن السياسة التقشفية التي جرى اعتمادها على امتداد السنوات الماضية ساعدت فعلاً على خفض كتلة الرواتب، غير أنها لم تعد مجدية في ظل ظرف عالمي ومحلي يتسم بالركود الاقتصادي والتضخم العالي.
ووفق تقرير صادر عن وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني العالمية الشهر الماضي فإن "قدراً كبيراً من التمويل الرسمي لتونس لا يزال متوقفاً على تنفيذ الإصلاحات التي تهدف إلى استعادة القدرة على تحمل ديون البلاد وفتح سبل النمو.
وفي عام 2023، نما الاقتصاد التونسي بنسبة 0.4% فقط، مقارنة بـ 2.4% في 2022. وتوقعت الوكالة ارتفاعاً بطيئاً للنمو إلى حوالي 1% خلال الفترة الممتدة ما بين 2024 و2025، مع استمرار التضخم وارتفاع أسعار الفائدة في التأثير على الاستهلاك الخاص.
ومقابل مواصلة كبح كتلة الرواتب كشفت الوثيقة الصادرة عن وزارة المالية أن السلطات تنوي تعزيز الدور الاجتماعي للدولة عبر زيادة التحويلات الاجتماعية لفائدة الأسر الفقيرة ودعم السكن الاجتماعي وقطاعي الصحة والتعليم ومنح الطلاب الجامعيين. وكذلك تنوي الحكومة مواصلة دعم المحروقات مع حوكمة الإنفاق على الكهرباء ومراقبة مسالك التوزيع التي تخص أسطوانات الغاز المنزلي.