تونس في خطر وقيس سعيد يخلط الأوراق

31 مارس 2022
الآلاف يتظاهرون ضد الانقلاب في تونس/العربي الجديد
+ الخط -

يوماً بعد يوم تتدحرج الأوضاع الاقتصادية في تونس نحو الأسوأ وربما المجهول، وتتجه البلاد بسرعة نحو الإفلاس والتوقف عن سداد الديون الخارجية، خاصة مع أزمة سياسية مستفحلة، وخفض التصنيف الائتماني للدولة، وتعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وعجز الدولة عن الوصول إلى الأسواق المالية العالمية للحصول على تمويلات.

بالإضافة إلى مشاهد أخرى منها تأخر عودة الحياة لقطاعات حيوية مثل السياحة والاستثمارات الأجنبية وإنتاج وصادرات الفوسفات، ودخول البلاد في حالة غموض سياسي وحالة من عدم اليقين، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، واستمرار العجز في الميزانية العامة عند مستويات مرتفعة في حدود 8.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة معدل التضخم، وسوء الأحوال المعيشية.

صندوق النقد الدولي يشترط على تونس خفض الرواتب وإلغاء الدعم وزيادة الأسعار مقابل منح قرض بقيمة 4 مليارات دولار

تزيد من تعقيدات المشهد التونسي خلافات مرتقبة بين حكومة قيس سعيّد والاتحاد العام التونسي للشغل، ذي التأثير القوي، حول الشروط التي يطالب الصندوق بتطبيقها قبل منح الحكومة قرض بقيمة 4 مليارات دولار.

من أبرز الشروط خفض فاتورة أجور موظفي الدولة أو على الأقل تجميدها، وبيع بعض البنوك والشركات الحكومية، وزيادة سعر الوقود والخدمات من مياه وكهرباء، وإلغاء الدعم في غضون سنوات، وخفض الإنفاق العام على الإعانات، وربما خفض قيمة الدينار.

موقف
التحديثات الحية

قبل أيام، خفضت وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني تصنيف تونس السيادي من مرتبة "B-" إلى "CCC" مع نظرة سلبية، وهي الدرجة التي تعني أن الدولة تواجه مخاطر التعثر في سداد الديون المستحقة عليها، وهذا التصنيف يعكس مخاطر السيولة المالية والخارجية المتزايدة مع التأخر في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد.

بل إن مؤسسة "مورغان ستانلي" المالية الأميركية الكبرى حذرت منذ أيام أيضا من عدم قدرة تونس على الإيفاء بتعهداتها إزاء الدائنين الدوليين، قائلة إن البلاد تتجه إلى التخلف عن سداد ديونها الخارجية، إذا استمر التدهور الحالي في المالية العامة للدولة.

مؤسسات دولية اشترطت على الحكومة التونسية عودة المؤسسات المنتخبة مقابل منح قروض وتسهيلات مالية للدولة

وفي الوقت الذي كانت فيه وزيرة المالية التونسية، سهام نمصية، تكشف عن وجود مؤشرات إيجابية حول التفاوض مع صندوق النقد للحصول على قرض ضخم، وإعلان الاتحاد الأوروبي نيته ضخ استثمارات بقيمة 4 مليارات يورو في البلاد، كان الرئيس قيس سعيّد يخلط الأوراق، مساء يوم الأثنين، ويعلن حل البرلمان، وإدخال البلاد في مزيد من حالة الفراغ السياسي والتأزم، خاصة أن مؤسسات دولية اشترطت عودة المؤسسات المنتخبة مقابل منح قروض وتسهيلات مالية للدولة.

قرارات سعيّد الأخيرة وتصعيده ضد المؤسسات المنتخبة تدفع البلاد للانزلاق نحو التعثّر المالي وربما شبح الإفلاس، وقبلها عودة الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية، خاصة أن الاتحاد العام التونسي للشغل لوّح، يوم الأربعاء، بتنفيذ إضراب في القطاع العام رفضاً لإصلاحات اقتصادية اقترحتها الحكومة لتأمين خطة إنقاذ مالي من صندوق النقد.

قيس سعيّد لا يمتلك أي حل لإخراج بلاده من أزمتها المالية والاقتصادية والاجتماعية، وقبلها الأزمة السياسية، بل يصر على إغراق تونس في الغموض واللايقين.

وبدلا من أن يركز على الملف الاقتصادي وكبح جماح الأسعار الملتهبة، ويعكف على وضع حلول لتدبير الرواتب المهددة في الدولة، وتجنيب البلاد انهياراً مالياً كارثياً قد يؤدي إلى توقف الحكومة عن دفع الأجور للموظفين، راح يعمق انقلابه على المؤسسات الدستورية، ويحل برلماناً منتخباً.

وقبله يطيح حكومة منتخبة ويدخل البلاد في المجهول، مقابل دعم نظامه السلطوي المستبد، وربما وعود بمساعدات إقليمية ودولية لم تأت بعد، ويبدو أنها لن تأتي أبداً.

المساهمون