- شهدت الصادرات التونسية تحسناً بنسبة 2.1% في يناير مقارنة بالعام السابق، خاصة في قطاع المنتجات الفلاحية والغذائية، في ظل جهود تونس لتحقيق توازن في الميزان التجاري وتحسين البنية التحتية اللوجستية.
- تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تونس تحديات بسبب ارتفاع كلفة الشحن والتأمين، لكن الخطوط البحرية الجديدة من المتوقع أن تخفف هذه التحديات بتوفير مسارات مختصرة تضمن تنافسية السلع التونسية وتعزز التجارة البينية مع الدول المغاربية.
تسعى السلطات التونسية إلى تعزيز تنافسية صادراتها في المحيط المغاربي والمتوسطي من خلال خفض كلفة النقل واختصار الطرق البحرية عبر تسيير خطوط جديدة تربط موانئ الجنوب التونسي بالمغرب وإسبانيا وليبيا.
وينتظر المصدرون انطلاق أول خط بحري مباشر يربط تونس بالمغرب وإسبانيا ثم مصراتة الليبية، بطاقة شحن تفوق 350 حاوية.
وتؤثر كلفة الشحن البحري وارتفاع التأمينات على السلع في قدرة السلع التونسية على النفاذ إلى الأسواق الأوروبية وزيادة الصادرات، بينما تحتاج البلاد إلى إيرادات إضافية من العملة الصعبة لتحقيق توازن الميزان التجاري.
وأبرزت نتائج متابعة تطور المبادلات التجارية التونسية مع الخارج بأسعار يناير/ كانون الثاني الماضي ارتفاع الصادرات بنسبة 2.1 % مقابل نفس الشهر من سنة 2023.
وبلغت قيمة الصادرات 5.1 مليارات دينار مقابل 5 مليارات دينار خلال الشهر نفسه من سنة 2023، وفق بيانات معهد الإحصاء الحكومي. ويعود التحسن المسجل على مستوى الصادرات إلى الارتفاع المهم المسجل في قطاع المنتجات الفلاحية والغذائية بنسبة 66.2% مقارنة بالشهر الأول من العام الماضي.
يقول مالك العلوي، الوكيل البحري للشركة التي ستتولى تسيير الخط الجديد الرابط بين ميناء صفاقس (جنوب شرقي تونس) وكلّ من المغرب وإسبانيا وليبيا، إن الرحلة البحرية ستساعد المصدرين على اختصار المسافات وخفض الكلفة بما يسمح للسلع التونسية بالنفاذ إلى الأسواق بتنافسية عالية.
وأكد العلوي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الخط الجديد سيسيّر رحلتين شهرياً بطاقة استيعاب تصل إلى 350 حاوية من سعة 20 قدماً، وتستغرق الرحلة 4 أيام مقابل فترة إبحار كانت تصل سابقاً إلى أكثر من 3 أسابيع، حيث غالبا ما تمر السفن بالموانئ الإيطالية أو المالطية قبل الوصول إلى إسبانيا.
ويعتبر المتحدث أن اختصار المسافة البحرية عبر خطوط مباشرة يمكّن المصدرين من زيادة الطاقة التصديرية للمواد الغذائية وسريعة التلف، كما يمنحهم دقة أكثر في آجال تسليم الطلبيات للزبائن.
وتابع: "المسار البحري للسفينة سيمر عبر ميناء الدار البيضاء ثم ميناء برشلونة ومن ثم نحو مصراطة الليبية التي ستكون المحطة الأخيرة قبل العودة إلى تونس".
وأشار العلوي إلى أن أغلب المصدرين يبحثون عن الطرق البحرية المختصرة لتخفيف الكلفة وضمان تنافسية أكبر لسلعهم، بعدما ارتفعت كلفة الشحن البحري عقب الجائحة الصحية بأكثر من 300 بالمائة قبل أن تنخفض لاحقا بمستويات مختلفة.
ويعتقد الوكيل البحري أن حسن اختيار المسارات البحرية للسلع من العوامل المهمة لإنجاح المهمات التصديرية وأيضاً لتوريد سلع بكلفة أقل، مؤكداً أن الخط الجديد سيرمم نقاط الضعف التي تسببت في هبوط صادرات تونس نحو السوق المغربية والليبية.
ويكشف التوزيع الجغرافي تسجيل الصادرات التونسية مع الاتحاد الأوروبي التي تشكل 73.5% من جملة الصادرات تطوراً إيجابياً بنسبة 1.7%.
أما عربياً، فإن أرقام معهد الإحصاء تبرز ارتفاع الصادرات مع الجزائر بنسبة 35.3%، مقابل تراجع مع ليبيا بنسبة -37.6% ومع المغرب بنسبة -3.3%.
تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تونس تحدي الصمود أمام ارتفاع كلف الشحن البحري والتأمين على السلع، التي تسجل قفزات عالمية مع استمرار اضطرابات البحر الأحمر.
وتعاني هذه المؤسسات، التي تشكل ما يزيد عن 80% من الاقتصاد التونسي، صعوبات مركبة، نتيجة ضعف قدرتها التنافسية وعدم تمكنها من النفاذ إلى التمويلات المصرفية التي تستأثر بها الشركات الكبرى.
ورغم أن تونس بعيدة عن المحيط المباشر لمسارات السفن المستهدفة في البحر الأحمر، فإنّ شظايا ارتفاع كلف الشحن البحري والتأمين على السفن تصيب مؤسساتها وتفاقم تعثر صغار المستثمرين والمصدرين.
ويؤكد وزير التجارة السابق والخبير الاقتصادي محسن حسن، أهمية الخطوط البحرية الجديدة في تدارك الضعف اللوجستي لمسارات تصدير السلع التونسية نحو البلدان العربية أو بعض الوجهات الأوروبية.
ويعتبر حسن في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن إحداث خط بحري بين تونس والمغرب وليبيا ستكون له تداعيات إيجابية مهمة على مستوى تطوير التجارة البينية البلدان الثلاثة ويزيد من التدفق السلس للسلع بكلفة أقل.
وقال: "سيعزز الخط البحري الحوافز التي توفرها اتفاقيات الشراكة الثنائية بين البلدان المغاربية الثلاثة، سواء تعلق الأمر باتفاقية الجامعة العربية أو اتفاقية أغادير للتبادل الحر بين البلدان العربية في المنطقة".