تخطط تونس لحماية أسواقها من غزو السلع التركية عبر كبح الواردات المتدفقة عليها بمقتضى اتفاقية التبادل الحر الموقعة بين البلدين منذ نحو 20 عاماً، وذلك عبر فرض رسوم ضريبية على حزمة من السلع التركية بداية من العام مقابل الحصول على امتيازات تصديرية على منتجات تونسية تصدر إلى تركيا.
ووفق ما أعلنت عنه رئاسة الحكومة تبدأ تونس بمقتضى قانون الموازنة للسنة 2024 في تطبيق ضرائب جمركية جديدة على السلع التركية تشمل المواد التي لها مثيل مصنع محلياً على غرار الملابس الجاهزة والمواد البلاستيكية والعجلات المطاطية ومواد التنظيف، في إطار خطة لمعالجة العجز التجاري الذي يرجّح الكفة بقوة لصالح السلع التركية.
ويأتي القرار الرسمي بكبح الواردات التركية بعد مفاوضات من الجانبين انطلقت منذ عام 2021 انتهت بمصادقة جلسة عمل وزارية على نتائجها في بداية ديسمبر/ كانون الأول الحالي.
ويدفع مصنعون محليون منذ مدة إلى اتخاذ تدابير حمائية ضد الواردات التي تغرق السوق وتسبب أضراراً للصناعات المحلية من تلك السلع التركية والصينية.
ويقول رئيس منظمة المؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق حواص إن المؤسسات الصغرى والمتوسطة في قطاع النسيج كانت أول ضحايا الاتفاقية التجارية مع تركيا بسبب ضعف التدابير الحمائية للسلع المحلية وعدم قدرة المصانع التونسية على منافسة الواردات التركية من النسيج والملابس.
وأكد حواص في تصريح لـ"العربي الجديد" أن مراجعة الاتفاقية وزيادة المعاليم (الرسوم) الجمركية على السلع التركية يمنح صغار ومتوسطي المستثمرين فرصة جديدة للعودة إلى السوق شرط توفر الشروط اللازمة وأهمها الإسناد المالي من قبل المؤسسات المصرفية".
يقوم الاتفاق الجديد المتوقع تطبيقه بداية عام 2024 على إخضاع السلع التركية للرسوم الجمركية لمدة خمس سنوات بحيث يتم رفع الرسوم من حالة الإعفاء الكامل حالياً (صفر) إلى نسب تتراوح بين 27 بالمائة و37.5 بالمائة.
ويقول الخبير الاقتصادي خالد النوري إن المراجعة ستكون في اتجاه مزيد من فتح السوق التركية للبضائع التونسية والحد من توريد المواد التركية ذات الطابع الاستهلاكي والتي تأتي لمنافسة المنتج التونسي مباشرة.
وأشار النوري في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن المؤسسات التونسية وخاصة الصغرى والمتوسطة لا تمتلك القدرة على مجابهة التوريد التركي الذي يتمتع بامتيازات، لذلك فإن الوقت قد حان لتعديل الكفة.
واعتبر المتحدث أن الحد من العجز في الميزان التجاري مع تركيا لا يتوقف عند حدود مراجعة هذه الاتفاقية، بل يتطلب أيضاً العمل على تقوية النسيج الاقتصادي المحلي ودعم المصنعين التونسيين، خاصة في المجالين الصناعي والغذائي.
وقال: "تأتي هذه الخطوة في سياق إعادة التوازن للمعاملات مع تركيا عبر مراجعة الاتفاقية التجارية مع هذا البلد والتي تعد مجحفة وأضرّت بالإنتاج التونسي المحلي واستنزفت احتياطي النقد الأجنبي، بحكم أن العجز في الميزان التجاري مع تركيا تجاوز مستوى 4 مليارات دينار، أي ما يعادل 1.2 مليار دولار سنة 2022".
سجّل الميزان التجاري التونسي عجزاً مع تركيا العام الجاري حتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري، بأكثر من 770 مليون دولار مع تراجع الواردات التركية بنسبة 23 بالمائة عن نفس الفترة في 2022، وفق بيانات معهد الإحصاء الحكومي.