تونس: الغرفة البرلمانية الجديدة هل تحقق العدالة التنموية المفقودة؟

05 ابريل 2024
الأرياف تعاني من الإهمال الحكومي (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تونس تشهد انتخابات للغرفة البرلمانية الثانية بانتخاب 77 عضواً، وسط وعود بتحسين معيشة المواطنين وتحقيق مشاريع تنموية، في ظل تحديات اقتصادية مثل نمو ضعيف لم يتجاوز 0.4%.
- الغرفة البرلمانية الجديدة مكلفة بالمصادقة على موازنة الدولة ومخططات التنمية، مع توقعات بدورها في تحقيق العدالة التنموية ومواجهة تحديات كارتفاع البطالة والفقر.
- تحديات اقتصادية كبيرة تواجه الغرفة البرلمانية الجديدة، مع تحذيرات من هامشية دورها بسبب مركزة القرار والسيطرة الرئاسية، وضرورة العمل الجماعي لتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

 

صادق مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على النتائج الأولية لانتخابات أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعلن عن تركيبة الغرفة البرلمانية الثانية التي ستضم 77 عضوا بصفة أوّلية.

وصعد أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم بعد انتخابات دارت في الجهات والأقاليم قادها المترشحون بوعود تحسين معيشة المواطنين وتحقيق مشاريع معطلّة وتحفيز استثمارات في بلد لا يزال يعاني من نسبة نمو ضعيفة لم تتجاوز 0.4 بالمائة وفق أحدث البيانات الرسمية.

وحسب مهام مجلس الجهات والأقاليم التي حددها الدستور ستشارك الغرفة البرلمانية الجديدة في المصادقة على موازنة الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم.
كما يمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية.
ويعلق تونسيون على مجلس الأقاليم والجهات الآمال في تحقيق العدالة في التنمية بين مختلف محافظات البلاد والمشاركة في إعداد مخططات إقليمية تنصف الجهات الأقل حظا في التنمية.
وقاد المترشحون حملاتهم الانتخابية للحصول على عضوية في الغرفة البرلمانية الجديدة بوعود الدفاع عن مصالح جهاتهم وجلب المستثمرين وتحسين البنى التحتية وتوفير مواطن الرزق للعاطلين عن العمل.

وتزامن استكمال مسار المجلس مع إعلان معهد الإحصاء الحكومي عن مؤشرات سلبية تعلّقت بهبوط نسبة النمو إلى 0.4 بالمائة سنة 2023 وارتفاع البطالة إلى نسبة 16.4 بالمائة خلال الربع الأخير من السنة ذاتها فضلا عن توسع الفقر إلى نسبة 16.6 بالمائة.
ويقول الخبير في التنمية حسين الرحيلي إن مركزة القرار التنموي ومسك السلطة الرئاسية والتنفيذية بزمام كل المبادرات قد يجعل دور الغرفة التنفيذية هامشيا رغم منحها نظريا على مستوى الدستور مسؤولية القرار التنموي في البلاد.
وأكد الرحيلي في تصريح لـ"العربي الجديد على محافظة السلطة سواء ممثلة في رئيس الدولة أو الحكومة على كامل قرارات إصدار المبادرات التشريعية وضبط الموازنات ما يجعل للمجلس الجديد هامش تحّرك ضيقا في تحقيق الوعود الانتخابية التي قدمها الأعضاء لناخبيهم في مختلف جهات البلاد.
ويرى الرحيلي أن منوال خلق الثروة يحتاج إلى دراسات اجتماعية وجغرافية في تجميع العناصر التي تخلق التكامل بين المحافظات.
وتابع: "السلطة تعيد إنتاج منوال التنمية القديم بطرق مختلفة"، مؤكدا أن ذلك سيؤدي إلى نفس النتائج، وهي فشل البلاد في خلق الثروة وإحداث نمو اقتصادي مستدام ومتوازن بين مختلف الجهات.
وخلال السنوات الماضية تأثر الاقتصاد التونسي بمجموعة من التحديات، منها زيادة عجز الميزان التجاري، وانعدام الوصول إلى التمويل الدولي مما جعل تمويل الدين المحلي أمرا صعبا.
وتعاني تونس من فوارق اقتصادية متزايدة تصب في مصلحة المناطق الساحلية التي تشكّل أكثر من 80 في المائة من المدن، وتستحوذ على 90 في المائة من مجموع الوظائف.

ويكشف تحليل الجغرافيا الاقتصادية لتونس عن ظاهرة التمدين الناجمة إلى حد كبير عن تركّز الأنشطة ومصادر الرزق في المناطق الساحلية الأكثر ديناميكية، لا سيما في إقليم تونس الكبرى، في حين أن المناطق الداخلية لا تزال ذات طابع ريفي بالكامل وتسيطر عليها إلى حد كبير أنشطة الزراعة وتربية المواشي.
وحسب بيانات رسمية، تتركّز معدلات الفقر العليا في الأرياف، لا سيما تلك الواقعة في الشمال الغربي والجنوب الغربي أين يصل معدل الفقر إلى 33 بالمائة في بعض المناطق التي اندلعت منها الثورة على غرار تالة من محافظة القصرين.
وعلى النقيض، تُسجَّل نسبة الفقر الدنيا في إقليم تونس الكبرى، حيث تبلغ 4.6 في المائة في العاصمة تونس، و5.6 في المائة في بن عروس، و7 في المائة في أريانة.
ويقول الباحث في السياسات الاقتصادية بمركز "مالكوم كارنيغي" للشرق الأوسط حمزة المؤدب في تصريح لـ"العربي الجديد": لا يقتصر إحراز التقدّم على تحقيق نمو اقتصادي سريع، بل يتطلّب عملا جماعيا يهدف إلى تحسين جودة التعليم، وتعزيز إنتاجية العمل، ورفع مستوى الابتكار والأبحاث والتنمية، وبشكل عام الارتقاء في سلاسل القيمة العالمية.
ويعتقد المؤدب أن تحقيق هذه الإصلاحات صعب على المستوى السياسي، ويستلزم توافر درجة عالية من الثقة بين جميع مكوّنات الوطن الواحد، إلى جانب التنسيق السياسي الفعّال والقيادة السليمة.
وخلال عام 2023، تعثّرت عملية النمو في تونس، ما فاقم الأداء الاقتصادي المتردّي الذي تسجّله البلاد منذ فترة طويلة، وهكذا غرقت تونس في ركودٍ اقتصادي مُقلِق تزامن مع ارتفاع معدّلات التضخم.
كذلك كبّلت الاختلالات الكبيرة في المالية العامة قدرة الحكومة على إطلاق مشاريع جديدة وقد يتدهور الوضع المالي في تونس بشكل إضافي نتيجة تراكم المتأخرات وتنامي عبء الديون المضمونة من الحكومة، ما أدى إلى تراجع قدرتها على تحريك عجلة الاستثمار العام في المناطق الأقل تنمية.

المساهمون