يواجه قطاع تجارة وتجميع السيارات في تونس ضغوط الضرائب والتحولات نحو الاقتصاد الأخضر، وسط مساع لإقناع الحكومة بتحريك الطلب في السوق، والإسراع في إصدار تعديلات التشريعات الخاصة بالقطاع لمواكبة التحوّلات الحاصلة في غضون السنوات الخمس القادمة.
ويزيد مخاوف وكلاء بيع السيارات في البلاد من تراجع أداء القطاع بعد أن كشفت دراسة حديثة أجرتها الغرفة المهنية لوكلاء بيع العربات المعتمدين تسجيل تراجع سنوي لمبيعات العربات بمختلف أصنافها بـ21 في المائة بدءاً من عام 2018.
وبيّنت الدراسة التي اطلع "العربي الجديد" على نسخة منها أن المبيعات أخذت منحى تنازليا منذ عام 2018 على أساس سنوي بعد فترة نمو استمرت 6 سنوات متتالية بمعدل 4 في المائة سنويا.
وكشفت الدراسة أن مبيعات العربات عادت منذ سنة 2018 إلى ما قبل 2012 حيث تم بيع 52369 عربة، مقابل 53555 عربة سنة 2012.
وتعليقا على تلك النتائج، قال رئيس غرفة وكلاء بيع السيارات، إبراهيم دباش، لـ"العربي الجديد" إن الدراسة سلّطت الضوء على التحديات التي يواجهها سوق العربات وتأثيراتها على مستقبل الاستثمارات والقدرة التشغيلية للقطاع.
وأكد دبّاش أن زيادة الضرائب والرسوم الديوانية التي بدأ تطبيقها منذ 2018 أضرت بالمبيعات، مشيرا إلى أن مجموع هذه الرسوم بات يمثل نحو 45 في المائة من سعر العربات، وهو ما يتعارض مع القدرة الشرائية للتونسيين. وشدد على ضرورة توحيد الضرائب الموظفة على السيارات في حدود 18 في المائة بحد أقصى.
وأضاف أن قطاع السيارات وفّر عام 2018 نحو 2.2 مليار دينار (الدولار = 2.75 دينار) من الضرائب للدولة، متوقعا تأثر الإيرادات الضريبية بتراجع المبيعات التي لم تتجاوز 60 ألف سيارة عام 2019 مقابل قدرة تسويقية للسوق مقدرة بـ80 ألف عربة.
وفسر دباش زيادة الطلب على السيارات الشعبية التي باتت تستأثر بخمس المبيعات الإجمالية بملاءمة أسعارها مع القدرة الإنفاقية لشريحة مهمة من المواطنين، مشيرا إلى أن غرفة وكلاء بيع السيارات رفعت مقترحات إلى الحكومة طالبت فيها بالتحرير التدريجي للسوق وتوحيد الضرائب الموظفة على العربات في حدود معقولة.
وأفاد دباش بأن الدراسة القطاعية التي قامت بها غرفة وكلاء بيع السيارات بالتعاون مع مكتب دراسات حول أفق تنمية القطاع 2030، خلصت إلى ضرورة ملاءمة السوق التونسية والتشريعات مع تطوّرات سوق العربات في العالم.
وبيّنت الدراسة أن السوق التونسية غير مستعدة لاستعمال السيارات الكهربائية وأوصت بضرورة تعزيز مكانة مركبات الطاقة البديلة وتنفيذ حوافز الاستخدام لها.
كما أوصت الدراسة بتنفيذ سياسة تنمية وطنية تقوم على وضع رؤية وأهداف عالمية من خلال تبني استراتيجية للتخلص من مركبات الوقود الأحفوري على مستوى المدينة حتى عام 2030 ووضع استراتيجية كهربة 100 في المائة من الحافلات الجديدة خلال الفترة 2020-2025.
وبيّن رئيس غرفة وكلاء بيع السيارات أن أسطول السيارات الكهربائية في العالم تجاوز 5 ملايين وحدة في 2018، وهو ما يفرض على تونس التسريع في تهيئة الأرضية التشريعية للانتقال إلى مرحلة السيارات الكهربائية في السنوات الخمس القادمة وفق قوله.
ويلعب قطاع صناعة وبيع العربات دائمًا دورًا مهمًا للغاية مباشرًا وغير مباشر في الاقتصاد التونسي، على عدة جبهات منها المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بـ4.4 في المائة، فضلا عن توفير أكثر من 280 ألف فرصة العمل..
في عام 2018، حقق قطاع توزيع السيارات "المعتمد" إيرادات بقيمة 3.5 مليارات دينار. ومع ذلك فقد سجل أول انخفاض له بعد عدة سنوات من النمو المستمر والمستدام.
واعتبرت الدراسة أن هذا الانخفاض أكثر أهمية من حيث الحجم حيث انخفض عدد الوحدات المباعة من 65335 مركبة في عام 2017 إلى 52369 مركبة في عام 2018، بانخفاض قدره 21 في المائة.
وتم تأكيد هذا الاتجاه التنازلي في عام 2019، ويفسر ذلك بحسب الدراسة الوضع الاقتصادي الصعب ولكن أيضًا من خلال التوجهات الاقتصادية والمالية التي لا تخدم القطاع، بالإضافة إلى الإجراءات الإدارية المعقدة هيكليًا.
ويعاني قطاع توزيع السيارات من اتهامات تتعلق بمساهمته في العجز التجاري التونسي وعدم التوافق بين تكلفة اقتناء سيارة والقوة الشرائية للتونسيين حسب فئاتهم الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.
كما يواجه القطاع تحديات جديدة تتعلق بمعدم ملاءمة الإطار التشريعي والبنية الصناعية للاقتصاد الأخضر، حسب مراقبين.