أذنت النيابة العامة في تونس، اليوم الجمعة، بفتح تحقيق في ملف إسناد قروض دون ضمانات من قبل البنك الوطني الفلاحي الحكومي، عقب اشتباه في منح المصرف قروضاً وتسهيلات مالية لفائدة رجال أعمال بشكل مخالف للقوانين الجاري العمل بها.
وقال المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس محمد زيتونة إن النيابة العمومية تعهدت "من تلقاء نفسها" بقضية تتعلّق بخروقات في إسناد قروض لفائدة أفراد وشركات من قبل البنك الوطني الفلاحي الحكومي.
وأكد زيتونة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "النيابة العامة بادرت من تلقاء نفسها بالتعهد بالملف، والإذن بفتح بحث تحقيقي في القضية، وإجراء التساخير الفنية اللازمة، كما تم تكليف الوحدة الوطنية للبحث في الجرائم المالية بالموضوع".
وأفاد المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس بأن البحث التحقيقي سيكشف عن عدد الملفات المشمولة بالخروقات، والتي ستحال لاحقاً إلى الدوائر القضائية المختصة بعد استكمال الإجراءات.
ويأتي تعهد القضاء بملف القروض محل الشبهة، عقب انتقال الرئيس قيس سعيد، أمس الخميس، إلى مقر البنك الوطني الفلاحي بالعاصمة، وعرضه مجموعة من الملفات لقروض أسندت لفائدة رجال أعمال وشركات، دون حصول المؤسسة المالية على الضمانات الكافية.
وكشف الرئيس التونسي، في لقاء جمعه بمسؤولي البنك، عن حصول خروقات في القروض الممنوحة دون ضمانات، وهو ما يعتبر تبديداً للمال العام.
وانتقد قيس سعيد عدم قيام البنك الفلاحي الحكومي بمهامه في توفير التمويلات الكافية لفائدة القطاع الفلاحي وصغار المزارعين الذين يواجهون شح التمويلات وشطط نسب الفائدة، وذكّر بأن الهدف من إحداث هذا البنك هو "دعم قطاع الفلاحة وصغار الفلاحين، غير أنّ البنك أقرض أموالاً طائلة لعدد من الأشخاص والشركات الوهمية دون أية ضمانات".
والبنك الوطني الفلاحي هو مصرف تجاري حكومي تأسس منذ عام 1959 بهدف دعم تمويل القطاع الزراعي.
ويموّل البنك الفلاحي مختلف الأنشطة الزراعية والصيد البحري، كما يساهم في تمويل عمليات شراء القمح التي ينفذها ديوان الحبوب الحكومي، وتبلغ نسبة تمويله للأنشطة الزراعية 7% من إجمالي قيمة معاملاته.
وكشفت القوائم المالية للبنك الفلاحي، والمنشورة حديثاً على موقع هيئة السوق المالية، أن الديون الميؤوس من خلاصها بلغت إلى غاية النصف الأول من العام الحالي 3 مليارات دينار، أي ما يعادل 1 مليار دولار، في حين بلغ إجمالي الديون المصنفة 3.4 مليارات دينار، أي أكثر قليلاً من 1.1 مليار دولار، وهو ما يمثل 19.4% من إجمالي ديون المصرف.
وفي سبتمبر/ أيلول 2022، طالب الرئيس سعيد بفتح تحقيق فوري في ملفات قال إنها خطيرة داخل البنك الوطني الفلاحي الحكومي.
وقالت الصفحة الرسمية للرئاسة حينها إن قيس سعيد "تحول الجمعة إلى مقر البنك الوطني الفلاحي مصحوباً بعدد من الملفات التي يجب فتح أبحاث فورية فيها، بالنظر إلى خطورة الأفعال التي تدلّ العديد من القرائن المتضافرة على حصولها".
ومنذ عام 2015، بدأت تونس خطة لتأهيل القطاع المصرفي، وزيادة صلابة الجهاز المالي، ورفع احتياطياته المالية. كما ضخت الدولة في العام ذاته زهاء 757 مليون دينار، أي نحو 252 مليون دولار، لإعادة رسملة ثلاثة مصارف حكومية تعاني من ارتفاع قائم الديون غير المستخلصة، وهي الشركة التونسية للبنك، والبنك الوطني الفلاحي، وبنك الإسكان.