كشف التقرير السنوي للبنك المركزي التونسي، الصادر اليوم الجمعة، أن الدين الداخلي زاد خلال العام 2020 بنسبة 9.1% مسجلا ارتفاعا بأربع نقاط مقارنة بالعام 2019، الذي لم يتجاوز خلاله نمو هذا الدين 5.1%.
وأبرز تقرير البنك أنه ونتيجة تكثيف لجوء الدولة إلى مصادر التمويل الداخلية، زادت نسبة الاقتراض من القطاع المالي بنسبة 16.7%، فيما زادت الديون عبر إصدار سندات خزينة 25.9% العام الفائت مقابل 2.1% فقط سنة 2019.
وفسر البنك المركزي تطور الدين الداخلي بزيادة احتياجات الدولة التمويلية التي كانت أعلى من تلك المنصوص عنها في صلب قانون الموازنة المالية لسنة 2020، مشيرا إلى أن الحكومة اضطرت لاتخاذ إجراءات استثنائية على الصعيد المالي لدعم الشركات المتضررة، وكذلك الأفراد الأكثر هشاشة، من خلال منح إعانات وتعويضات لهذه الفئة.
وتلجأ تونس بكثافة إلى السوق الداخلية لتعبئة موارد مالية لصالح الموازنة، بسبب نسبة هبوط قياسية بلغت -8.8% للنمو الاقتصادي شهدتها البلاد السنة الماضية جراء جائحة كورونا.
غير أن التعافي التدريجي من تداعيات كورونا وتكثيف حملات اللقاح أعقبتهما هزات سياسية في البلاد، ما يُعمّق الأزمة الاقتصادية ويزيد الحاجة إلى تمويل من الجهاز المصرفي لفائدة القطاع الحكومي، في ظل تعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وبقية المانحين الدوليين منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تاريخ إعلان الرئيس قيس سعيّد الحكم بالتدابير الاستثنائية وتجميد أعمال البرلمان.
وأمس الخميس، نبهت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" من مخاطر داهمة يخفيها تحسّن أرباح البنوك التونسية في النصف الأول من العام الحالي.
وأبرزت الوكالة الدولية في تقرير لها أن تعافي البنوك التونسية قد يتأثر بالوضعية السياسية الهشة، وبانقضاء تدابير تأجيل سداد القروض المتخذة لتخفيف انعكاسات كورونا، وانتقال البنوك التونسية قريبا إلى التطبيق الوجوبي للمعايير المحاسبية العالمية المتعلقة بتقييم الأصول والقروض والأدوات المالية.
وأشارت الوكالة إلى أن الدخل الصافي الإجمالي لأكبر 10 مصارف تونسية ارتفع في النصف الأول من السنة الجارية الجارية بنسبة 37%، باحتساب الانزلاق السنوي مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية.
ولفتت إلى أن معدل مردودية حقوق المساهمين تحسن ليبلغ 11% مقارنة بـ10.1% سنة 2020، وبنسبة 16.8% في العام 2019.
واعتبرت الوكالة أن الآفاق سلبية بالنسبة لنشاط البنوك التونسية بما يعكس المخاطر المتعلقة بهشاشة الاقتصاد التونسي، الذي سبق للوكالة أن منحته تصنيف "بي ناقص".
كما رأت أن مخاطر عجز الموازنة وعجز الميزان التجاري تتفاقم بسبب المخاطر السياسية والتأخير في اعتماد برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي.
لكن محافظ البنك المركزي مروان العباسي توقع عقب لقاء جمعه بالرئيس قيس سعيّد، أمس الخميس، أن تقف "عدة دول صديقة" إلى جانب تونس في هذه الفترة المالية الصعبة، ما يحد من اللجوء إلى الاستدانة من الداخل.
وجاء تصريحه بعد يوم واحد من إصدار البنك المركزي بيانا حذر فيه من مواصلة الضغط على البنك المركزي للتدخل بتوفير موارد لسد عجز الموازنة، معتبرا أن الإصدار النقدي سيتسبب في رفع التضخم كثيرا، وسيؤثر في احتياطي النقد الأجنبي، وسيضعف قيمة الدينار التونسي.
وتحتاج تونس حتى نهاية العام الحالي إلى ما لا يقل عن 3.5 مليارات دولار لتغطية عجز الموازنة.