- تعتبر سندات الخزانة الأميركية ملاذاً آمناً للمستثمرين بسبب ضمان الحكومة الأميركية وخلوها من مخاطر التخلف عن السداد، مما يجعلها جزءاً أساسياً في استراتيجيات الاستثمار العالمية.
- تتوقع المؤسسات المالية الكبرى استمرار ارتفاع عوائد السندات بسبب ضغوط التضخم والتوترات الجيوسياسية، مع احتمال تقلب العوائد نتيجة خفض أسعار الفائدة تدريجياً.
كيف يبدو مسار العائد على السندات الأميركية في عام 2025 الذي يصل فيه الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى الحكم واحتمال ارتفاع العجز في الميزانية الأميركية في وقت بلغ فيه الدين أكثر من 36 تريليون دولار. يقول دومينيك بابالاردو، كبير الاستراتيجيين للأصول المتعددة في بنك إنكلترا، لصحيفة "مورنينغ ستار"، اليوم السبت: "لدينا المزيد من الوضوح بشأن النطاق الواسع الذي ستصل إليه، ونحن متأكدون تمامًا من ذلك". ويوضح أنه يتوقع أن يظل عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات يتراوح بين 3.5% و5.0% في عام 2025. وبدأت السندات الأميركية عام 2024 بعائد بلغ حوالي 3.9%، ارتفع إلى نسبة 4.7% في إبريل/نيسان، وانخفض مرة أخرى إلى 3.6% في سبتمبر/أيلول قبل أن ينهي العام عند 4.6%.
وتقول الصحيفة في تقريرها إنه مع اقتراب عام 2025، يبدو أن بنك الاحتياط الفيدرالي قد حقق المهمة الصعبة المتمثلة في "الهبوط الناعم"، حيث تجنب الاقتصاد الأميركي الركود بعد الزيادات العنيفة في أسعار الفائدة، إذ انخفضت ضغوط التضخم من أعلى مستوياتها منذ عدة عقود. ورغم المخاوف من الركود، ظل الاقتصاد الأميركي أقوى مما توقعه معظم المراقبين. وفي حين انخفض التضخم بالقدر الكافي لكي يبدأ بنك الاحتياط الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، فقد عاد معدل التضخم للارتفاع في الأشهر الأخيرة، وبات معدله أعلى من هدف بنك الاحتياط الفيدرالي المقدر بنسبة 2%. ومنذ سبتمبر، خفض بنك الاحتياط الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي على الأموال الفيدرالية بمقدار نقطة مئوية واحدة، مع تحديد النطاق المستهدف الحالي عند 4.25% إلى 4.50%.
ما أهمية سندات الخزانة الأميركية للمستثمرين؟
رغم الديون السيادية الضخمة التي تكبل الحكومة الأميركية وتهديدات ترامب المستمرة للدول، إلا أنه وفق خبراء، تعتبر سندات الخزانة الأميركية واحدة من أكثر الأصول جذباً للمستثمرين لوضع أموالهم. وتشمل سندات الخزانة الأذون والأوراق المالية، إذ إنها مدعومة بضمان الحكومة الأميركية. وحتى الآن، ظلت سندات الخزانة الأميركية خالية تماماً من مخاطر التخلف عن السداد، كما أنها لا تكلف حاملها أي خصم في القيمة عند صرفها مثل سندات خزائن الدول الأخرى، ما يجعلها حجر الزاوية في استراتيجيات الاستثمارالعالمية للدول صاحبة الفوائض المالية وللشركات والبنوك التجارية. وفي أوقات عدم اليقين الاقتصادي أو تقلبات السوق، غالباً ما يتدفق المستثمرون على هذه الأوراق المالية باعتبارها ملاذاً آمناً.
توجهات العائد
وبالنسبة لتوجهات العائد، يقول موليك بهنسالي، كبير مديري المحافظ في شركة Allspring Global Investments الأميركية وأحد مديري المحافظ في صندوق Allspring Core Bond Fund MBFIX: "نعتقد أن الاقتصاد في حالة جيدة جدًا". وتابع: "وجهة نظرنا هي أن التضخم، على الرغم من ثباته، نعتقد أننا لا نزال في وسط الطريق لخفض التضخم". ويتوقع مصرف "آي إن جي" الهولندي أن يتجه عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات نحو نطاق 5%-5.5%.
من جانبه، يتوقع مصرف غولدمان ساكس أن يقوم بنك الاحتياط الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة تدريجياً طوال عام 2025، ما قد يؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى حوالي 4%. ويعتقد أن هذا سيؤدي إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة حيث يقوم المشاركون في السوق بتعديل توقعاتهم بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. ويؤكد البنك أنه على الرغم من استمرار ضغوط التضخم، فإنه يتوقع أن تستقر هذه الضغوط، ما يسمح بسياسة نقدية أكثر مرونة. من جانبها، تتوقع شركة بلاك روك ضغوطاً تضخمية مستمرة في أميركا مدفوعة بمبادرات الإنفاق الحكومي الكبيرة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتحولات منخفضة الكربون. ويتوقعون أن تظل عوائد سندات الخزانة على الأرجح "أعلى لفترة أطول"، مع توقعات بأن يستقر العائد القياسي بين 3.75% و4% طوال العام المقبل 2025.
في الصدد نفسه، يتوقع مصرف جيه بي مورجان أن تظل عوائد سندات الخزانة مرتفعة بسبب مخاطر التضخم المستمرة والتوترات الجيوسياسية. ويتوقع أن العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات يمكن أن يتراوح بين 3.75% و4% طوال معظم عام 2025، ما يعكس المخاوف المستمرة بشأن السياسات المالية التي قد تؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية.
أما بنك أوف أميركا، فيتوقع أن تشهد عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل تقلبات، ولكنها ستتجه في النهاية نحو الانخفاض مع استمرار بنك الاحتياط الفيدرالي في نهجه الحذر بشأن تخفيضات أسعار الفائدة. ويشير إلى أن العائد على سندات العشر سنوات قد ينخفض إلى حوالي 3.5% بحلول منتصف عام 2025 إذا أظهرت بيانات التضخم تحسناً مستمراً. ويعرب سيتي غروب عن الحذر في ما يتعلق بالسياسات المالية المحتملة في ظل الإدارة الجديدة، التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع العجز والتضخم. وتشير توقعاته إلى أنه على الرغم من احتمال انخفاض أسعار الفائدة قصيرة الأجل، إلا أن العائدات طويلة الأجل يمكن أن تظل مرتفعة عند حوالي 4% بسبب زيادة الطلب على تعويض المخاطر بين المستثمرين.