أظهر استطلاع نُشرت نتائجه اليوم الثلاثاء، أنّ أسعار العقارات في معظم الأسواق العالمية الرئيسية سترتفع خلال العامين المقبلين، وإن كان بوتيرة أبطأ قليلا مما كان متوقعا قبل ثلاثة أشهر، إذ يطغى الطلب القوي وشح المعروض على ارتفاع أسعار الفائدة.
وتحدت أسعار المنازل في شتى أنحاء العالم المتقدم آراء المحللين، إذ توقعوا في بداية العام أن تسجل الأسعار انخفاضات في خانة العشرات عن الذرى التي بلغتها خلال جائحة كوفيد-19.
ولكن بينما من المتوقع أن تستمر زيادة الأسعار في العام المقبل وعام 2025، فإنّ ارتفاع معدلات الرهن العقاري ونقص المعروض من المنازل ذات الأسعار المعقولة سيحد من الارتفاع الحاد في الأسعار.
وأظهر الاستطلاع الذي أجرته "رويترز"، والذي شمل أكثر من 100 محلل استراتيجي لأسواق الإسكان، أنّ أسعار العقارات سترتفع في خمس من ثماني أسواق رئيسية للعقارات شملها الاستطلاع في العام المقبل وفيها جميعا في عام 2025.
وقال ليام بيلي، رئيس قسم الأبحاث في "نايت فرانك": "حقيقة أنّ الأسعار لم تنخفض كثيرا وبدأت بالفعل في الارتفاع مجدداً بالعديد من الأسواق ترجع إلى حقيقة أنّ المعروض منخفض جداً".
وأظهر الاستطلاع أنه من المتوقع ارتفاع الأسعار بما يراوح بين 1.3% و5% في عام 2025 في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وألمانيا ودبي، بينما تتجاوز التقديرات الخاصة بالهند 7%.
ولا تزال هذه التوقعات تمثل أنباء طيبة لأصحاب العقارات الذين كانوا يخشون في بداية العام انخفاضاً كبيراً في قيمة منازلهم وسط توقعات بأنّ الاقتصاد العالمي سيدخل في ركود هذا العام.
ولكنها تعني أيضاً أنّ القدرة على تحمل التكاليف ستظل مصدر قلق، خاصة بالنسبة للمشترين لأول مرة.
وخلال جائحة كوفيد-19، ارتفعت أسعار المنازل بوتيرة لم تشهدها منذ السبعينيات، حيث كانت معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري عند أدنى مستوياتها على الإطلاق، وتوفرت السيولة النقدية من الإعانات التي قدمتها الحكومات للمواطنين، بينما دفعت سياسات البقاء في المنازل المواطنين للبحث عن منازل أكبر.
كما أن ارتفاع أسعار الفائدة المستمر منذ الخروج من الجائحة، تسبب في زيادة تكاليف إعادة التمويل لمشاريع البناء، كما أن زيادة نسبة التضخم ساهمت في تعميق المشاكل للشركات، ما أثر على حركة التعاملات الكبيرة في السوق لفترة طويلة، ولم يعد هناك من إمكانية لبناء شقق جديدة.
وفي أوقات ارتفاع التكاليف وأسعار الفائدة لا يستفيد المستثمرون والمطورون العقاريون من أرباح بناء الشقق الجديدة. ومن ناحية أخرى، فإن النقص في الوحدات السكنية بشكل عام مفيد لأعمالهم وأرباحهم، لأن ارتفاع الطلب يرفع الإيجارات دون استثمارات باهظة الثمن، ومعها تحقيق المزيد من الأرباح للمساهمين.
ووفقاً لتوقعات حديثة نشرها موقع العقارات المتخصص "realtor.com" لسوق الإسكان الأميركي لعام 2024، فمن المتوقع أن تنخفض معدلات الفائدة المطبقة على قروض الرهن العقاري، وأيضاً أسعار المنازل، ما قد يساعد على تحقيق تحول في القدرة على تحمل التكاليف في العام الجديد.
ومع ذلك، يظل على متسوقي المنازل مواجهة الأسعار المرتفعة نسبياً، نظراً لأن الكلفة ستكون "أقل قليلاً فقط" مما كانت عليه.
كما كشفت دراسة ألمانية حديثة أنّ الشركات العقارية الكبرى تحجم عن الدخول في مشاريع إنشاء عقارية جديدة رغبة منها في الحفاظ على ارتفاع الأسعار ومن ثم تحقيق مصلحة المساهمين في زيادة الأرباح.
ورغم ما يبدو من تكيف الأسواق العالمية مع الحرب في أوكرانيا، وأيضاً الصراع في الشرق الأوسط، فلا يمكن، وفقا للموقع المتخصص، بأي حال استبعاد حدوث تأثيرات جديدة لما يجري في المنطقتين على الاقتصاد العالمي.
(رويترز، العربي الجديد)