توترات إيران وإسرائيل تفاقم أزمات السوريين

17 ابريل 2024
العملة السورية تتراجع إلى نحو 14500 ليرة للدولار (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- التوترات بين إيران وإسرائيل تؤثر سلباً على الاقتصاد السوري، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وتراجع قيمة الليرة السورية، بالإضافة إلى تأثر البورصة.
- الأسواق السورية تواجه شح في السيولة وتراجع الليرة أمام العملات الأجنبية، رغم محاولات المصرف المركزي للتدخل، مما يزيد الطلب على العملات الأجنبية والذهب.
- الحكومة السورية تفاقم الوضع بتصدير الغذاء ورفع أسعار الطاقة، مما يؤثر سلباً على الإنتاج الصناعي والزراعي ويعكس عدم الثقة في الاقتصاد السوري.

تفاقم التوترات الحاصلة بين إيران وإسرائيل أزمات السوريين، إذ انعكس الهجوم الإيراني على دولة الاحتلال، فجر الأحد الماضي، رداً على الغارة الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الشهر الجاري، على أسعار السلع وتراجع سعر صرف الليرة وتأثرت البورصة، وسط مخاوف من تعمق المتاعب على خلفية احتمال تصاعد التوترات مستقبلاً رغم محاولات ضبطها أخيراً.

يشير محللون اقتصاديون سوريون إلى أن سورية ستبقى ساحة للصراع بين إسرائيل وإيران، لافتين إلى أن الأسواق السورية شهدت ارتفاعاً في الأسعار خلال الأيام الماضية على وقع التصعيد، وأقدم البعض على تخزين السلع، لكن شح السيولة لدى الكثير من السوريين حد من الأمر.

وبعد تحسن لليرة استمر نحو ثلاثة أشهر، عاودت العملة السورية التراجع أمام العملات الأجنبية الرئيسية، لتسجل، يوم الاثنين، نحو 14500 ليرة أمام الدولار، وزاد سعر صرف اليورو عن 15300 ليرة في سوقي الحريقة والمرجة وسط العاصمة دمشق، وسط زيادة الطلب على العملات الأجنبية والذهب، بحسب مصادر في سوق الصرف تحدثت مع "العربي الجديد".

وتكشف المصادر أن محاولات المصرف المركزي رفع أو خفض سعر الليرة، لم تعد تجدي أو تضبط السعر وتوحده، لأن الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق الهامشية، يزيد عن ألف ليرة للدولار الواحد، مشيرة إلى عودة نشاط السوق النقدية بعد قرارات عدة صدرت عن رئيس الوزراء من شأنها فسح المجال للتجار والصناعيين بتأمين ثمن وارداتهم، الأمر الذي نشّط سوق العملات في دمشق وحلب على وجه خاص.

وكان مصرف سورية المركزي، قد رفع سعر صرف الليرة مقابل الدولار بمقدار 100 ليرة، مطلع الأسبوع الجاري، ليصل سعر صرف الدولار بالنسبة للحوالات والصرافة إلى 13500 ليرة، كما حدّد سعر صرف اليورو بـ 14363.4 ليرة.

ويرى الاقتصادي السوري محمد حاج بكري أن محاولات المصرف المركزي متأخرة بشكل دائم، فرغم رفع السعر عن سعر مارس/ آذار الماضي، بهدف استقطاب الحوالات الواردة من الخارج التي ارتفعت خلال رمضان وعيد الفطر، إلا أن السعر الرسمي لم يزل أقل من سعر السوق، ما بدد الحوالات بالعملات الأجنبية التي تذهب للدول المجاورة وتعود بالليرة لداخل سورية، مقدراً حجم التحويل اليومي خلال العيد وأيام رمضان الأخيرة بنحو ستة ملايين دولار.

ويضيف حاج بكري لـ"العربي الجديد" أن "عوامل استقرار سعر صرف الليرة، جميعها معدومة، ولولا التسعير الإلزامي والرغبة الخارجية في بقاء الليرة على قيد التداول، لرأينا الدولار بأكثر من عشرة آلاف ليرة، لأن العائد السياحي شبه معدوم كما أن الميزان التجاري خاسر لصالح الواردات".

وفي خضم التوترات صعد الذهب أيضاً في السوق السورية، وهو ما أشار إلى حاج بكري، مؤكداً أن أسعار المعدن النفيس أعلى من السعر العالمي نتيجة توجه المدخرين نحوه بعد أن أصبح الملاذ الوحيد الآمن للسوريين في ظل ملاحقة النظام لحائزي العملات الأجنبية وتقييد تداولها.

وسجلت أسعار الذهب، يوم الاثنين، ارتفاعاً قياسياً، ليصل سعر عيار 21 إلى 966 ألف ليرة للغرام، وعيار 24 قيراطاً إلى نحو 1.1 مليون ليرة للغرام الواحد، وهو أعلى سعر تشهده أسعار الذهب في سورية على الأطلاق، في حين سجل الأونصة (الأوقية) عيار 995 حوالي 33.8 مليون ليرة.

وقال الخبير الاقتصادي السوري عماد الدين المصبح إن الوضع المالي في سورية "بشكل عام" يدلّل على المخاوف والاضطراب من تمدد الحرب، فضلاً عن شلل قطاعات الإنتاج وتراجع الدخل، الذي زاد من ركود الأسواق رغم تراجع الإنتاج المحلي والواردات.

وأضاف المصبح لـ"العربي الجديد" أن المستغرب من حكومة نظام بشار الأسد أنها تزيد من تأزّم السوق التي لفتها مخاوف اتساع رقعة الحرب، عبر تصدير الغذاء من خضر وفواكه إلى منطقة الخليج، وترفع في الوقت نفسه أسعار الطاقة التي تكبل الإنتاج الصناعي والزراعي، رغم شكاوي المنتجين من رفع سعر الكهرباء الشهر الماضي ومضاعفة الفواتير أكثر من 100%.

وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة بشار الأسد، قد رفعت، الإثنين الماضي، سعر ليتر المازوت الحر من 12105 إلى 12540 ليرة، وسعر البنزين "أوكتان 95" من 13556 إلى 14290 ليرة لليتر، وسعر "أوكتان 90" إلى 11500 ليرة لليتر.

وأضاف الخبير الاقتصادي السوري أن البورصة التي تعدّ المرآة الحقيقية لحركة الاقتصاد، تتراجع أيضاً على نحو مستمر، ما يدلل على عدم الثقة بتوظيف رؤوس الأموال أو حتى المضاربة في سوق مرشح للاشتعال.

المساهمون