سجلت حصة القطاع العام في الاقتصاد الروسي في عام 2023 تراجعاً من أكثر من 50% في أعوام 2018 إلى 2022 إلى أقل من 49% في عام 2023، وفق أرقام محدثة صادرة عن معهد الدراسات الاقتصادية التطبيقية التابع للأكاديمية الروسية للاقتصاد الوطني والخدمة العامة، أوردتها صحيفة "آر بي كا" الروسية اليوم الأربعاء. وأوضحت الدراسة أن هذا الوضع قد يكون ناجما عن بضعة عوامل، وفي مقدمتها تراجع العوائد والقيمة المضافة لشركات النفط والغاز ذات الحصة العالية للدولة إثر خسارة روسيا الجزء الأكبر من حصتها في سوق الطاقة الأوروبية. وتشير تقديرات المعهد إلى أن حصة القطاع العام في الناتج المحلي الإجمالي الروسي بلغت 48.5% مقابل 51.7% في عام 2022 و53.2% في عام 2021، بينما بلغ المؤشر نفسه ذروته في عام 2018 بواقع 54.6%.
ومع ذلك، لم تزل حصة الشركات ذات الحصة مملوكة للدولة في مجموع رسملة أسواق الأسهم الروسية تفوق النصف بنسبة بالغة 52.75% أو ما تعادل قيمته الاسمية 30 تريليون روبل (أكثر من 300 مليار دولار وفقا لسعر الصرف الحالي)، بحسب الدراسة. وأوضح أحد معدي الدراسة، مدير مختبر تحليل المؤسسات والأسواق المالية بالمعهد ألكسندر أبراموف، أن العامل القطاعي له التأثير الأكبر على تغير البيانات، قائلا لـ"آر بي كا": "على سبيل المثال، يؤدي تراجع العوائد والقيمة المضافة في قطاع النفط والغاز، الذي يتسم بحصة عالية لملكية الدولة، إلى تراجع حصة الشركات ذات الحصة المملوكة للدولة (في الاقتصاد)".
وأقر أبراموف بأن عزوف عدد عن الشركات عن الكشف عن بياناتها كاملة أثر أيضا على أرقام عام 2023، مضيفا أن الدراسة تتناول بيانات 147 شركة ذات حصة مملوكة للدولة ولا تشمل بيانات الشركات المؤممة. في المقابل، تظهر التقديرات الصادرة عن مجلس الدوما (النواب) الروسي أن حصة الدولة في الاقتصاد الروسي في عام 2024 تبلغ 62.7%، مبينة حدوث تغيير كيفي لمشاركة الدولة في الاقتصاد.
وكانت وزارة المالية الروسية قد أعدت، في نهاية العام الماضي، قائمة من الشركات ذات حصة مملوكة للدولة تفوق 50% وقابلة للطرح للخصخصة الجزئية. وأوضح وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف أن خفض حصة الدولة في الشركات الكبرى من دون التخلي عن الحصة المهيمنة قد يدرّ "عشرات ومئات من المليارات".
يذكر أن الاقتصاد الروسي مر في عهد ما بعد الاتحاد السوفييتي بمراحل متنوعة تراوحت بين برنامج خصخصة القطاع العام الذي تخللته وقائع فساد وصفقات مشبوهة وأسفر عن تكون طبقة الأوليغارشية أو (طواغيت المال) في تسعينيات القرن الماضي، ثم أزمة مالية كبرى أدت إلى عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها في عام 1998، ثم تسجيل معدلات نمو قياسية على أثر ارتفاع أسعار النفط عالميا في العقد الأول من القرن الـ21، ووصولا إلى نموذجه الحالي في ما بات يعرف برأسمالية الدولة والقبضة المركزية القوية على إدارة الاقتصاد.