تفاؤل باستمرار انتعاش الأسهم الأميركية... والمدخرات تتدفق إلى وول ستريت

03 سبتمبر 2024
مستثمرو وول ستريت يتطلعون إلى المزيد من المكاسب، نيويورك 8 مايو 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **ارتفاع الأسهم الأميركية وزيادة الثروات:** شهدت الأسهم الأميركية ارتفاعات قياسية، حيث زاد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 18%، مما أدى إلى ظهور مليونيرات جدد وزيادة حسابات التقاعد بقيمة مليون دولار أو أكثر بنسبة 31%.

- **تأثير التضخم على المستثمرين:** رغم ارتفاع أسعار المواد الغذائية، يشعر المستثمرون بالرضى عن سوق الأسهم الأميركية التي عوضت ارتفاع تكلفة المعيشة، وسجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أكثر من ثلاثين مستوى قياسيًا جديدًا.

- **التحديات والفرص المستقبلية:** رغم بعض الانتكاسات، استمر المستثمرون في ضخ الأموال في السوق، مما ساعد في انتعاش سريع للمؤشرات الرئيسية، وزادت ثقة المستثمرين بفضل طمأنة رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي بشأن خفض أسعار الفائدة.

على الرغم من المستويات القياسية المتتالية التي سجلتها الأسهم الأميركية خلال الفترة التي مضت من العام، ‏ما زال المستثمرون ‏متحمسين، وما زالت الأموال تتدفق إلى وول ستريت، في انتظار المزيد من المكاسب، لتضاف إلى نسبة الارتفاع 18% ‏التي حققها مؤشر ستاندرد آند بورز 500 هذا العام.

وأدى ارتفاع سوق الأسهم إلى ظهور مليونيرات جدد، كذلك ساعد في دفع صافي ثروات العديد من الأميركيين إلى ‏مستويات شديدة الارتفاع. وبنهاية الربع الثاني من العام، بلغ عدد حسابات التقاعد (401K) ‏المستثمرة في شركة فيديليتي للاستثمارات بقيمة مليون دولار ‏أو أكثر حوالي 497 ألف حساب، وفقاً للشركة، وهو ما يعني زيادة بنسبة 31% مقارنة بالعام الماضي، ويمثل أعلى مستوى لتلك الحسابات على الإطلاق. ‏أيضاً ارتفعت النسبة المخصصة للاستثمار في الأسهم الأميركية للأسر بشكل مطرد هذا العام، وفقاً لتقديرات جي بي مورغان، حيث مثلت أخيراً حوالى 42% من إجمالي الأصول المالية، وهي أعلى نسبة مسجلة في البيانات التي تعود إلى عام 1952.

الأسهم الأميركية والتضخم

‏وفي الوقت الذي ما زالت تتعالى فيه صيحات الكثيرين، احتجاجاً على استمرار ارتفاع أسعار البيض والخبز وغيرهما من المواد الغذائية الأساسية، ما زال المستثمرون يشعرون بالرضى عن سوق الأسهم الأميركية، حيث قدمت إليهم فرصة للتعويض عن ارتفاع تكلفة المعيشة. وسجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أكثر من ثلاثين مستوى قياسيًا جديدًا هذا العام، في طريقه إلى تحقيق أعلى عدد من المستويات القياسية في عام واحد منذ عام 2021.

ونقلت جريدة وول ستريت جورنال بعض التعليقات من مستثمري الأسهم الأميركية التي نشرت على مواقع ‏التواصل الاجتماعي، والتي عبروا فيها عن سعادتهم بارتفاع أسعار الأسهم التي يمتلكونها، ومن ثم ارتفاع قيمة مدخراتهم. وكتب أحدهم على منصة التواصل الاجتماعي X هذا الشهر: "كنت أراجع للتو حساب التقاعد الخاص بي، ويا ​​لها من نعمة من الله".

وقال الرجل البالغ من العمر 51 عامًا إنه يستثمر بثبات لسنوات وصب المزيد من النقود في السوق خلال العام الماضي بعد حصوله على زيادة في العمل. وأشار إلى أن المكاسب الثابتة في محفظة أسهمه جعلته يشعر بتحسن حالته المالية ‏بصورة واضحة. وقال إنه ليس قلقًا بشأن تقلبات السوق الأخيرة.

‏ولم يكن الرجل وحده فيه سعادته بسوق الأسهم الأميركية خلال الأشهر الأخيرة، حيث قالت الجمعية الأميركية للمستثمرين الأفراد إن معنويات المستثمرين تحوم في الوقت الحالي حول أعلى مستوياتها المسجلة العام الماضي. 

وبالطبع، يرى بعض المستثمرين أسبابًا للحذر، ‏خصوصاً مع بدء شهر سبتمبر/ أيلول، المعروف بكونه تاريخياً الأسوأ لسوق الأسهم الأميركية وبعض أنواع الأصول الأخرى. وقد تتزايد الاضطرابات مع الاقتراب من الأمتار ‏الأخيرة في سباق الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل، والتي لم تتوقف مفاجآتها، خلال الأسابيع الأخيرة.

ويقف آخرون على أطراف أصابعهم، حيث تبدو شركات التكنولوجيا العملاقة قد بالغت في تقدير ‏أرباحها المتوقعة للفترة القادمة، بينما يبدأ زخم طفرة الذكاء الاصطناعي في الأفول. وتجاوزت أحدث نتائج أعمال شركة إنفيديا التوقعات، ومع ذلك هبطت أسهمها في اليوم التالي، وهو ما يشير إلى مدى ارتفاع سقف التوقعات بالنسبة إلى صانع الرقائق الأهم في العالم. 

وفي ‏الأسبوع الأول من شهر أغسطس/آب، شهدت الأسهم الأميركية انتكاسة كبيرة، سببها بعض المخاوف بشأن صحة الاقتصاد الأميركي وتفكيك تجارة الفائدة المرتبطة بعملة الين الياباني. ومع ذلك، أثبت تراجع ‏الأسعار أنه قصير الأجل، في إشارة إلى مدى حرص المستثمرين على الاستمرار في ضخ الأموال في السوق.

‏وطمأنت البيانات التي صدرت خلال الأسبوعين الماضيين المستثمرين، حيث أظهرت أن الاقتصاد الأكبر في العالم لا يزال يعمل جيداً، قبل أن تأتي إشارة رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي جيروم باول لتؤكد للمستثمرين اقتراب بدء دورة جديدة لخفض أسعار الفائدة، ستكون الأولى من نوعها منذ عام الجائحة. وحتى خلال الاضطرابات القصيرة في أوائل أغسطس، استمر المستثمرون في شراء الأسهم، حيث اجتذبت صناديق الأسهم الأميركية تدفقات لمدة ثمانية أسابيع متتالية حتى أواخر أغسطس، وفقًا لـ EPFR ‏المتخصصة في إعداد بيانات الاستثمار.

وكانت الصناديق التي تتبع الشركات الصغيرة، والتي تميل إلى أن تكون أكثر حساسية لارتفاعات وانخفاضات الاقتصاد، نقطة مضيئة بشكل خاص، حيث اجتذبت 12.7 مليار دولار من التدفقات الداخلة في شهر يوليو/ تموز. وتجاوز ذلك الرقم المستوى القياسي الشهري السابق المسجل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عندما كان الاقتصاد الأميركي في المراحل الأولى من تعافيه، في أعقاب انهيار كوفيد-19.

‏وساعدت موجات الشراء في خلق انتعاش سريع في مؤشر ناسداك، والمؤشرات الرئيسية الأخرى. واستمر التصحيح الذي شهده مؤشر ناسداك، والذي عُرِّف بأنه انخفاض بأكثر من 10% من أعلى مستوى سُجِّل أخيراً، لمدة 11 يوم تداول، و‏كان أقل تراجع من هذا النوع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2011. ومع بداية تعاملات شهر سبتمبر، يبقى المؤشر المتخم بشركات التكنولوجيا على بعد نحو 5% عن أعلى مستوى له، في حين انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.3% عن مستواه القياسي.

وقال ويليام بوهرود، وهو طبيب أسنان يبلغ من العمر 67 عاماً في سبرينغفيلد، نيوجيرسي، لجريدة وول ستريت جورنال: "‏هذه الطفرة هي بالضبط ما ينبغي لأي مستثمر أن ينتظره. والنهج الأكثر تحفظاً، استثمار كل ما يتاح طوال الوقت". 

وقال بوهرود إن المكاسب الكبيرة التي حققتها الأسهم في السنوات الأخيرة ساعدته في دفع ثمن قارب في منزله لقضاء العطلات على شاطئ جيرسي، ‏مشيرًا إلى تفاؤله بشأن سوق الأسهم الأميركية، ‏وعدم رغبته في تسييل بعض مكونات محفظته الاستثمارية.

واحتضن المستثمرون المحترفون ارتفاعات الأسهم، حيث ارتفعت الرهانات الصعودية الصافية المرتبطة بعقود ستاندرد آند بورز 500 من قبل مديري الأصول في يوليو إلى أعلى مستوى منذ عام 2020، وفقًا لبيانات لجنة تداول العقود الآجلة للسلع الأساسية، وظلت ‏على ارتفاعها لفترات طويلة.

وقال ثورن بيركين، رئيس شركة باباماركو ويلنر بيركين للاستشارات المالية، لجريدة وول ستريت جورنال: "نحن متفائلون، ونقول لعملائنا إن الآن هو الوقت المناسب للاستثمار".